المصالحة.. بمبادرة شعبية مخيم اليرموك من الدمار إلى أفق جديد
بعد الدمار، اشتد الحصار لحوالي 150 يوماً، وبدأت ملامح الكارثة، حينها، انطلقت المساعي الحثيثة لإخراج مخيم اليرموك بدمشق، من معادلة الأزمة السورية قدر المستطاع، إلا أن ماطرحه السياسيون والمسلحون من مبادرات للحل كانت وبحسب أهالي المخيم، تصب في النهاية بمصلحة من أطلقها، لذلك كللت بالفشل، حتى قام وجهاء من الأهالي بطرح مبادرتهم التي بدأت ترى النور فعلاً، وحازت على إجماع جميع أطراف الازمة داخل المخيم.
اختلفت المبادرات الأولى في بعض البنود، ومنها ما طرح للنقاش فعلاً ومنها مابقي طي الدروج، إلا أن الخطوات الفعلية للمبادرات، بدأت حين زارت وفود فلسطينية رسمية إلى دمشق للقاء المسؤولين السوريين وقادة الفصائل الفلسطينية للوصول إلى حل يحيّد مخيم اليرموك من النزاع الدائر.
مبادرات متعددة
طرحت منذ بداية الأزمة مبادرات عديدة منها مبادرات فلسطينية رسمية، جاء في نص إحداها «انطلاقاً من موقفنا المبدئي بالحياد الإيجابي والنأي بالفلسطينيين والمخيمات الفلسطينية عن الانجرار والانخراط في أتون الصراع الجاري على أرض سورية الشقيقة، فإننا ندعو إلى أن تكون جميع المخيمات الفلسطينية وفي مقدمتها مخيم اليرموك مناطق وبيئة آمنة وخالية من السلاح والمسلحين وفقاً للآتي:
1- خروج المسلحين من المخيمات وإنهاء كافة المظاهر المسلحة فيها وتسوية أوضاع الراغبين في ذلك.
2- تسهيل حرية الدخول والخروج من وإلى المخيم بما يشمل عبور الأفراد والمواد الغذائية والطبية والمركبات، ما يشجع عودة النازحين إلى منازلهم.
3- إعادة خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والبنية التحتية والشؤون البلدية والخدمات التعليمية والصحية.
4- تسوية أوضاع المعتقلين من أبناء المخيمات الذين لم يثبت تورطهم في الأحداث.
ثانياً: المتابعة والتنسيق المشترك في إطار تنفيذ عناصر المبادرة بما يكفل إزالة كافة العقبات أمام تنفيذها، وتوفير كل متطلبات نجاحها».
لم تلق هذه المبادرة النجاح المطلوب، وأولى العقبات التي واجهتها كانت رفض «المسلحين داخل المخيم» لها، عدا عن منع اللجان الشعبية عند شارع نسرين «بحسب أهالي المخيم»، دخول المساعدات الإنسانية التي قدمتها «الأونروا»، في محاولة لبدء فك الحصار، ولم يتم إخراج أي أسرة من الداخل.
نجاح مبادرة المصالحة الأهلية؟
وبعد فشل مبادرات متعددة ومن جهات مختلفة، بدأت تتبلور مبادرات أهلية، تتقاطع في العديد من بنودها مع مبادرات سابقة لم تجد لها طريقاً إلى التنفيذ، وما ميّز هذه المبادرة الجديدة أنها تفصيلية أكثر، وأنها من إبداع أبناء المخيم أنفسهم خارج إطار الخلافات الحزبية، وهي مبادرة لجنة المصالحة التي قادها 10 أشخاص، 5 من داخل المخيم و5 من خارجه، تواصلوا مع كل الفصائل الفلسطينية، والسلطات السورية، بالإضافة إلى المجموعات المسلحة داخل المخيم للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف» بحسب ما أفاد به أحد أهالي مخيم اليرموك لـ«قاسيون».
وأضاف أن «أهم ما جاءت به المبادرة هو تسوية أوضاع إحدى الكتائب المسلحة من فلسطينيي الجنسية داخل المخيم المعروفة باسم «العهدة العمرية»، لجعلها لجاناً شعبية تدافع عن المخيم بعد عودة الأهالي إليه، وضمان خروج مسلحين آخرين رفضوا تسوية أوضاعهم إلى خارج المخيم، وتسوية أوضاع المسلحين الراغبين».
وبنود المبادرة الأهلية التي يتم العمل عليها حالياً، والتي أطلقت شهر تشرين الثاني هي :
1- الإنسحاب الكامل لكافة المسلحين من المخيم.
2- تسوية أوضاع كل من يرغب ورفع قوائم بالأسماء وأرقام الأسلحة وأنواعها .
3- دخول لجنة من الفعاليات الشعبية والتنظيمية (من كل الفصائل الفلسطينية) والجهات الفاعلة التي تسكن في المخيم (فلسطينين وسوريين).
4- دخول لجنة مختصة للكشف عن الألغام والعبوات الناسفة والمتفجرات لإزالتها.
5- الطلب من محافظة دمشق العمل على فتح الطرقات الرئيسية والفرعية التي تؤدي إلى المخيم.
6- تشكيل قِوى شعبية مسلحة تشارك فيها كل الفصائل الفلسطينية تتمركز حول محيط المخيم لمنع أي خروقات مسلحة تخل بأمن المخيم.
7- إغلاق مؤقت لكافة الطرق المؤدية للمخيم وعدم دخول السيارات من يلدا والتضامن والحجر الأسود بإستثناء المداخل الرئيسية للمخيم .
8- الطلب من الدولة الإيعاز بإعادة تأهيل البنى التحتية للمخيم (خدمات، بلدية، مخفر)
9- يكتفي داخل المخيم أن يتوكل تنظيم فلسطيني المحافظة على مكاتبه وحراساتها وأمنه بشرط أن لايتجاوز عدد البنادق من ثلاث إلى خمس قطع.
10- يدعى أهالي المخيم (سوريين-فلسطينيين) للدخول الى المخيم وبيوتهم ومحلاتهم وممتلكاتهم .
11- تقوم كل من الهيئات والجمعيات الخيرية والتجار ورجال الأعمال وأهل الخير بالمبادرة ضمن خطط متفق عليها لإعادة تأهيل المخيم بمساعدة الأهالي .
ومؤخراً، عقد اجتماع بين لجنة المصالحة الأهلية، وإحدى الفصائل في المخيم، تم الاتفاق خلاله على خطوتين هامتين بحيث يتم تنفيذ الخطوة الثانية بعد إنجاز الخطوة الأولى:
• الخطوة الاولى:
1- دخول وفد فني وهندسي من الجبهة الشعبية القيادة العامة واللجنة الأمنية المشكلة للكشف عن الألغام والمتفجرات، وتثبيت الحواجز على الفور.
2- وضع آلية وترتيب انسحاب المسلحين الى مابعد ساحة الريجة.
3- يتم تشكيل لجنة أهلية بالتوافق وتزويدها بقوة شرطية وتتولي مع لجنة الفعاليات الشعبية والتنظيمية العمل على إخلاء المنازل العائدة لأبناء المخيم من العائلات النازحة التي جاءت من خارج المخيم وإعادة هذه البيوت لأصحابها، والأمر نفسه ينطبق علي المحال التجارية.
4- حصر أسماء من يرغب من المسلحين بتسوية أوضاعه ويتم إعداد قائمة بأسماء هؤلاء وحصر نوعية الأسلحة وأرقامها ورفعها إلى الجهات المختصة .
5- التعامل مع المحسوبين على حركة حماس والعناصر التابعة لها بشكل فردي وليس كتنظيم وتسوية أوضاعهم على هذا الأساس.
• الخطوة الثانية :
- إدخال أدوية و لقاحات و حليب أطفال.
وبحسب ما أكده المصدر من أهالي المخيم، فإنه «تم العمل فعلاً بهذه البنود منذ يوم الثلاثاء الماضي»،
وأضاف إنه «كانت هناك مساعي لعرقلة بعض المبادرات من قبل هذا الفصيل أو ذاك لمصالح حزبية ضيقة، لأسباب معينة لا تصب حتى في مصلحة الفصيل نفسه، إضافة إلى أنه تم منع دخول أي شخص إلى المخيم أو حتى خروجه حتى لو كان مضطراً أو بوضع حرج، فقد كان الحصار قاسياً».
وتابع «لم يخرج أي مدني سليم من المخيم حتى اللحظة، فالجميع يريدون عودة الأهالي وليس الخروج، ومن تم إخراجهم بعد المبادرة الأخيرة كانوا حالات اضطرارية جداً من جرحى مدنيين وأطفال بحالات خطرة».