الرفيق جمال الدين عبدو: مشروع الموازنة الحالي يشير إلى أن الحكومة ذاهبة إلى رفع الدعم بالتدريج
ألقى الرفيق د. جمال الدين عبدو، عضو مجلس الشعب السوري، مداخلة في جلسة مجلس الشعب التي انعقدت بتاريخ 4/11/2013 والتي خصصت لمناقشة «مشروع الموازنة العامة لعام 2014». وهذا نصها:
السيد رئيس المجلس
الزميلات والزملاء
أحد الزملاء في هذه الجلسة سأل محقاً عن ضرورة تحديد هوية «الاقتصاد السوري»، رغم أن هوية اقتصادنا الحالي كما أعرف هي «اقتصاد رأسمالي مشوه»، لكن المطلوب هو اقتصاد من نوع آخر- كما ذكر في البيان الوزاري- بشكل يؤمن «أعلى نمو ممكن وأعمق عدالة اجتماعية».
«التشخيص الصحيح نصف العلاج»
السادة الزملاء.. الوضع الاستثنائي في ظروف حرب يتطلب موازنة استثنائية أي موازنة حرب وحكومة حرب، ومشروع الموازنة الحالي لم يعط الانطباع لشعبنا إلا بأن يطمئنوا فالوضع مستقر والأمر بخير، لكن أين الفعل الحكومي الإبداعي؟ بل أين السياسات الاقتصادية؟
السادة الزملاء.. الأزمة الاقتصادية التي نعيشها هي سببٌ أولاً، بحيث أدت السياسات المتبعة إلى إفقار وتهميش شرائح واسعة من الشعب. ونتيجةٌ ثانياً بتفاقمها نتيجة الحصار الاقتصادي الجائر وعمليات التخريب والتدمير الممهنجة للبنية الاقتصادية بكاملها وخاصة في الصناعة والزراعة، أما الفاسدون الكبار ممن ساهموا في خلق الأزمة فيعتاشون عليها حالياً ويعيقون الخروج الآمن ويعملون على استمرارية نهبهم والتملص من المساءلة والمحاسبة.
الدولة تعمل بعقلية التاجر!
إن طرح مشروع الموازنة بالشكل الحالي يشير بشكل واضح إلى أن الحكومة ذاهبة إلى رفع الدعم بالتدريج مغلفاً بعبارات الحفاظ على الدعم بتضخيم أرقام الدعم الخلبية، وخاصة للمشتقات النفطية التي انخفض استهلاكها كثيراً أما أرقام الدعم فهي في ارتفاع.
كما أن الزراعة السورية والأمن الغذائي في خطر نتيجة السياسات المتبعة تجاه المزارعين والفلاحين فالدولة تعمل بعقلية التاجر، وبالتالي مصير ملايين الأسر السورية في مهب الريح، فقط يستفيد بعض السماسرة باستيراد كل شيء من الخارج.
أعتقد أن الرأي القائل إن الموازنة انكماشية هو عين الصواب، والحقيقة التي يجب أن نعترف بها، وإنكارها لا يلغيها، أما الحديث عن رفع مستوى المعيشية والعدالة الاجتماعية وخفض البطالة فهو بعيد عن الحقيقة.
ممانعة شديدة داخل الحكومة للتوجه شرقاً!؟
لن أدخل إلى لغة الأرقام، ولكنني سأشير هنا إلى أننا الآن نعتاش على المدخرات السابقة للاقتصاد السوري وبشكل أساسي إما من الاحتياطي «وهو ليس بلا حدود» أو من القروض وخاصة الائتمانية مع الدول الصديقة وغيرها.
من الواضح أن هناك معيقات وممانعة شديدة للتوجه شرقاً داخل الحكومة، وهم يعيقون تسهيل تطبيق القروض الائتمانية لتنعكس إيجاباً على السوق وليلحظ المواطن نتائجها الملموسة. كما أن انحسار دور الدولة في السوق الداخلية وفي الاستيراد الخارجي وتركها للسماسرة ولمصاصي دماء الشعب، يجعل الشعب السوري يدفع ثمنه باهظاً.
وهؤلاء أيضاً ليست لهم مصلحة لا في إنهاء الأزمة ولا الذهاب إلى الحل السياسي الذي يتمناه السوريون جميعاً حلاً سريعاً لهذه الأزمة.
المطلوب اعتماد موازنة أثني عشرية
أعتقد أيها الزملاء أننا يجب:
• أن نعتمد موازنة أثني عشرية وأن نعترف بالواقع المرير ونصارح شعبنا.
• وأن لا نحمل الشعب الكادح وحده عبء الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب في الوقت الذي يجب تحميله للأغنياء الذين أثروا ثراءً فاحشاً في السنوات الماضية.
• محاسبة الفاسدين الكبار الذين لهم ملفات في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
• لنأمم شركات الاتصالات الخلوية ونضيف للخزينة موارد ضخمة وهائلة تذهب لجيوب البعض.
• ضرورة إلغاء عقد التوكيلات الملاحية المجحف والمشبوه.
• لنضع أيدينا على ممتلكات البلدان التي ساهمت في تدمير سورية.
•لنضرب بيد من حديد مافيات النفط وتجار الحروب والأزمات.
إذا نجحنا في هذه الإجراءات فذلك سيساعدنا على استعادة ثقة المواطن السوري بالحكومة وبالسياسات المالية وغيرها.
لكن الحكومة في وادٍ، والمواطن في وادٍ آخر حتى الآن، هاجس الشتاء يقض مضاجع الملايين من مهجرين ومشردين، لذلك أرجو من مجلس الشعب النظر لاعتماد موازنة أثني عشرية بحيث يمكنها التعامل مع المستجدات اليومية للوضع السوري الطارئ.