الرقة من أتون المحرقة إلى بوابات الجحيم..!
حمدان الحمدان حمدان الحمدان

الرقة من أتون المحرقة إلى بوابات الجحيم..!

بعد أن كانت الرقة حاضنةً لأبناء المحافظات الأخرى دخلت أتون المحرقة منذ الشهر الثاني، وبعد اجتياحها غير المفاجئ من سائر مجموعات المسلحين انتهت بالسيطرة شبه المطلقة لـ«داعش» وطردها لبقية المجموعات. واليوم تقف على أبواب الجحيم عبر القتل والخطف والتدمير اللاعشوائي.

تتفاقم الأزمة ومعاناة المواطنين بارتفاع الأسعار فوق طاقات المواطنين، فقد وصل سعر كغ البندورة 200 ل.س والبطاطا 150 ل.س والمازوت 120 ل.س والبنزين 350 ل.س، وخاصةً أن الشتاء والبرد على الأبواب ويترافق سوء التغذية مع نقص الأدوية العلاجية والوقائية واللقاحات مما يهدد بانتشار الجائحات (التهابات الكبد والأمراض الصدرية وشلل الأطفال). كما دخلت إلى المنطقة بضائع تركية وغربية بنسبة 70% دون معرفة صلاحيتها للبشر، وكل ذلك يهدد المنطقة الشرقية عموماً بفناء جيل وربما أجيال.

الأمن الغذائي على المحك

الزراعة بشقيها النباتي والحيواني والفلاحون كانوا أكبر المتضررين من السياسات الليبرالية التي طبقت والتي كانت من أهم أسباب الأزمة الحالية وتضاعفت نتيجة الأوضاع الأمنية مما هدّد الأمن الوطني والغذائي، فتسويق القطن يسيطر عليه التجار، فوصل سعر الكيلو 125 ليرة وانخفض إلى الـ70 وهو أكثر من السعر الذي تشتريه الحكومة التي كانت تبخس الفلاحين حقوقهم، بربع سعره العالمي، كما يقوم التجار بنقله وبيعه في تركيا، أمّا موسم القمح الجديد فغالبية الفلاحين عازفون عن زراعته لعدم توفر مستلزمات الزراعة وارتفاع أسعارها وضعف سعر الدولة الذي يجب أن لا يقل عن 80 ليرة لتغطية التكلفة.

بين فكي كماشة

بسبب سيطرة «داعش» المعلمون والعاملون في دوائر الدولة الذين ما زالوا في الرقة يضطرون للذهاب إلى دير الزور لقبض رواتبهم وهذا يعرض حياتهم للخطر على الطرقات، كما أنهم مجبرون للمرور على «المكتب الأمني» في الدير وتسليم هوياتهم، ومن كانت حوله شبهة أو تقرير ستصيبه المهانة بصورة مأساوية ممن ينظمون الاستلام في الزحام، أما المتقاعدون فعليهم الذهاب إلى دمشق وخسارة ربع أو نصف أجورهم ويتبقى لهم الفتات..!

الهوية من مصدر فخرٍ إلى «بلية»

بقدر ما كان الفرح ببلوغ الفتيان وحصولهم على الهوية بقدر ما أصبح ذلك بلية ومصيبة فهم وأسرهم مضطرون للحصول عليها حتى لا يتعرضوا للمساءلة من مختلف الحواجز، ولعدم وجود قطع لها في الرقة يعاني مواليد 1999 مأساةً كبيرة فلا يستطيعون الحصول عليها حتى في المدن الأخرى وحتى لو سمح لهم ذلك لا يستطيعون المغادرة خوفاً من الاعتقال!
ولعل «ختام العبور إلى الجحيم» هو ندرة مساعدات الإغاثة، وتعرضها للسرقة وسوء التوزيع. وقد بات المواطنون يريدون الخلاص من موبقات بعض الأجهزة وجرائم التكفيريين وهيمنتهم المزدوجة.. فأين معاناة أهل الرقة من المتشددين في النظام وممن يدعون المعارضة ويرفضون الحل السياسي ويتصارعون على المناصب وتقاسم الحصص وكلّ منهم يدعي أنه يمثل الشعب السوري، بينما الشعب ينزف الدماء يومياً بالعشرات ويتعرض الوطن للتدمير لإعادتنا إلى العصر الحجري؟