من الذاكرة : ميزان بكفة واحدة!

من الذاكرة : ميزان بكفة واحدة!

المعرّب هو لفظ أجنبي غيره العرب ليكون على منهاج كلامهم، ومن المعرب لفظ «القانون» ومعناه مقياس كل شيء وطريقه، وفي الاصطلاح أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته التي تتعرّف أحكامها منه

وسأزيد في الطنبور نغماً فأقول: «هو لفظ يطلق أيضاً على آلة موسيقية ذات أوتار»، وتتعدد القوانين بتعدد مجالات استخدامها، وفي صدارتها تلك التي ما برحت تستقطب البحث والجدل مع كل كشف جديد، وستستمر ما استمرت مسيرة الوجود إنها قوانين الحياة. وما دعاني إلى هذه المقدمة هو «حكايتي» مع رفيق سابق عمل قاضياً إلى أن تقاعد قبل سنوات، وللحقيقة أقول: هو رجل قانون اتسم بالنزاهة والاستقامة مما أكسبه سمعة طيبة لازمته طيلة خدمته القضائية. إلا أن ميزانه «السياسي» في الحكم على واقع الأزمة التي تعيشها بلادنا كان بكفة واحدة.
وهذا لا يمت إلى «العدالة» بأية صلة، وكثيراً ما احتد النقاش بيننا حول وجوب النظر إلى كل الأمور بعينين اثنتين، لا بعين واحدة وحاولت جاهداً أن اشرح له وهم  الثنائية المضللة «موال ــ معارض» وأن الثنائية الحقيقية هي «وطني ولا وطني» وأن اليسار هو النقيض لليمين أينما وجد وكيفما كان الشكل والمظهر، وأن الإمبريالية الأمريكية هي رأس حربة اليمين المتمثل بالإمبريالية العالمية بكل أتباعها من صهاينة وفاشيين ورجعيين، وهي التي تقود معسكر الأعداء جميعهم في الصراع ضد الشعوب وحقها في الحياة الحرة العزيزة، وأن ما يجري على أرضنا اليوم هو جانب هام في هذا الصراع. وفيه نحن محكومون بالأمل والانتصار وهذا ما عبرت عنه في قصيدة قبل أربعين عاماً بعنوان «يا أمّيا»:

هيهات يقوى السيف والظلم العنيف.
والزيف والبهتان والمداهنة.
أن يسكت الأفواه:
إذ بشرت بالصبح يأتي من جديد
بعالم ليس بعيد... 
هذي قوانين الحياة