مجلس محافظة طرطوس في دورته العادية: مشاريع البلديات والهدر في المال العام
على الرغم من التعميم ذي الرقم /525/ الذي ينص على إيقاف كل المشاريع غير الضرورية، وعدم رصد اعتمادات إضافية للمشاريع السابقة التي لم تنفذ 60% من الخطة المقررة ويجب إيقافها، كان هناك رصد ما يقارب 200 مليون ليرة، والموافقة على 170 طلباً من الوحدات الإدارية لرصد اعتمادات جديدة لمشاريع مقترحة أو إضافة اعتمادات لمشاريع لم تنجز بعد، وصبت جميعها في قناتي «التزفيت والصرف الصحي»، وهو ما يطرح هنا تساؤلاً، لماذا هذا اليسر في الموافقة على مشاريع كهذه دون غيرها؟
في معظم جلسات المجلس التي تناقش فيها الميزانية المقترحة للمشاريع، تلاحظ بأن هناك مشاكل يتكرر طرحها، منها ضعف الجباية الحقيقية للوحدات الإدارية وضعف تنفيذ المشاريع ضمن ميزانيتها الاستثمارية وبالتالي زيادة في طلب رصد اعتمادات من مجلس المحافظة تحت تسميات متعددة، منها مثلاً تحت بند أعمال طارئة، أو عن طريق الوزارة تحت بند إعانات تنموية. وما أن تتم الموافقة على مشروع حتى تلحقه الملحقات، والمليون المقترح كدراسة للمشروع تصبح التكلفة عدة ملايين، وفي عملية التوزيع تجد الاختلاف في توزيع الاعتمادات بين بلدية وأخرى، وأهم سببين لهذه الظاهرة:
أولاً، العامل الجغرافي بسبب التوسع السكاني والنشاط العمراني لهذه البلدية.
ثانياً، عامل يتعلق بشخصية ونشاط رئيس البلدية المعني.
التنفيذ عكس التخطيط
وخلال الدورة العادية المنعقدة لمجلس المحافظة طلب أحد الأعضاء من بلديات كبيرة مثل «الشيخ سعد- ودوير الشيخ سعد» والتي لديهم موازنات كبيرة أن يقدموا مبرراتهم أولاً قبل أن يطلبوا من الموازنة المستقلة، وأن لا يعطى أي رئيس بلدية إن لم يقدم كشفاً تقديرياً عن مشروعه، وكل بلدية لا تحقق إيرادات 50% لا تعطى من الميزانية. وتساءل: هل نعطيها من الميزانية المستقلة وهي لم تحقق الميزانية الاستثمارية؟
كما تحدث أحد الأعضاء عن كتلة الأعمال الطارئة وتمنى أن يكون أي مشروع تحت هذا البند فعلاً أعمالاً طارئة، واستغرب كيف يكون هناك تخطيط لعمل أو مشروع استراتيجي ويأتي التنفيذ عكس ما هو مقرر؟!
وبالرغم من الرسوم التي تثقل ظهر المواطنين في كل الأعمال المتعلقة بالوحدات الإدارية والاعتمادات المخصصة لها كما ذكرنا، معظم البلديات في المحافظة وقفت أو كادت أن تقف عن جمع القمامة لعجزها عن شراء المازوت، فتم تخصيص 78 بلدية من 100 ألف ليرة إلى 200 ألف ليرة حسب كل بلدية لشراء المازوت، كما قدم مجلس المحافظة اقتراحاً لإضافة 11% على فاتورة الكهرباء لمصلحة مجلس المحافظة، لكن الاقتراح تم رفضه.
سوء تنفيذ المشاريع..
من خلال المناقشات التي جرت خلال الدورة العادية لمجلس المحافظة في هذا الخصوص لوحظت جملة أمور:
- أولاً: كل المشاريع المقدمة من الوحدات الإدارية تختص بتزفيت الطرق والصرف الصحي، وكل هذه المشاريع تعطى للمتعهدين وهناك إقرار بسوء التنفيذ لهذه المشاريع، ويتم الرصد لها فيما بعد مرات عدة تحت مسميات الصيانة وبالتالي هدر للمال العام.
- ثانياً: لم يقدم مشروع واحد ولا حتى طلب واحد فيما يخص التنمية البشرية، أو حتى ترميم قلعة أو حصن أو تخديمهما أو أية خطة استثمار لهما.
- ثالثاً: السرعة في الموافقة على مشاريع كهذه رغم مخالفتها للتعميم /525/، ورغم سوء تنفيذها لم يسأل رئيس بلدية عن ذلك، ولم يقدم أي عضو مجلس محافظة تقريراً خطياً للمجلس عن مراقبته لأي مشروع أنجز بشكل سيئ في منطقته.
لغة الأرقام الوهمية
- رابعاً: معظم التقارير التي قدمت إلى المجلس تحدثت عن لغة التعميم وليس لغة الأرقام والتفاصيل، ففي تقرير المكتب المختص الذي قُدم ذكر بأن التنفيذ من 30 – 60%، دون أن يحدد تفاصيل هذه النسب من التنفيذ وماذا شملت، وأيضاً لم يتعرض إلى ذكر البلديات المقصرة بالأرقام وذكر جبايتها، وكذلك ذكر البلديات النشيطة وجبايتها بالأرقام أيضاً.
- خامساً: كما يلاحظ أنه كثيراً ما يأتي تعميم أو يطلب المحافظ في حديثه أحياناً بعدم تقديم طلبات المشاريع الجديدة من الوحدات الإدارية لعدم وجود ميزانية أو اعتمادات، وبالتوقيت نفسه يأتي من الوزارة دعم فيسمح بتقديم المشاريع، وبالتالي رئيس البلدية غير النشيط والمتابع أو الذي لا سند له يتفاجأ بأن هناك مشاريع مقدمة ومقرة.