من الذاكرة : رماني الدهر بالأرزاء!
يحز في القلب أن يفقد الإنسان أحد أحبائه ومحبيه، وما أكثر ما يحصل ذلك اليوم وسط الدوامة القاتلة التي نعوم فيها، والأشد ألماً أن لا تعلم بالوفاة إلا متأخراً ولا يد لك في ذلك، فقد فوجئت بقراءة إعلان نعي الرفيق القديم يوسف قره قيجي أبو راشد بعد مرور سبعة أيام على وفاته
وقد يقول قائل: هذه مسألة عادية، والواقع أن هذه المسائل العادية عموماً هي في الوقت ذاته حدث جلل لمن تخصه الفجيعة. فأبو راشد بالنسبة لي- كالمئات من الرفاق الذين عرفوه- رفيق ملأ حيزاً واضحاً في ساحة الحزب المركزية فهو واحد من حرس بيت الحزب منذ عام 1954 إلى جانب عمله في دكان حلاقة كانت ولسنوات طويلة ملتقى للعديد العديد من الرفاق الوافدين من كل المحافظات إلى دمشق، وفي دكانه تعرفت إلى الكثير منهم أمثال الشاعر جيكرخوين.
أبو راشد من مواليد دمشق عام 1927، شارك في المظاهرات ضد المحتلين الفرنسيين، وبعد انتسابه للحزب كلف بمهمات إيصال الرسائل والصحف والنشرات الحزبية، كما كلف مع رفاق آخرين بحماية اجتماعات اللجنة المركزية والمكتب السياسي ومرافقة الأمين العام الرفيق خالد بكداش ومازلت أذكر قوله وهو يحدثني عن انتسابه للحزب:
«كم كانت فرحتي غامرة حين استوعبت معنى الصراع الطبقي الذي كان حجر الأساس في اقتناعي بأن نضال الشعوب لابد أن ينتصر وخاصة أنني أحس بالظلم الاجتماعي، أحس بالفقر والحرمان وأرى بالعين واقع عشرات الشباب العاطلين عن العمل وظروفهم المعيشية الصعبة، ويوم قرأت رواية الأم لمكسيم غوركي ازددت يقيناً بانتصار البشرية على قوى الحرب والنهب والاستغلال».
وكذلك قوله: «إنني أحمل في أعماق قلبي كل الاحترام والامتنان لكل من وضع لبنة في صرح الحزب... ولشهداء الحزب وللرفاق الرواد الأوائل.. لكل الرفاق الذين تحملوا عبء النضال الوطني والطبقي الصادق، وذاقوا مرارة الملاحقة والسجن والتعذيب، ولا أنسى أن أذكر وبالتقدير الوقوف المشرف لأمهاتنا وأخواتنا إلى جانبنا في أصعب الظروف وأقساها، وهذه سمة عامة لأكثر عائلات الرفاق».
وداعاً رفيقنا العزيز أبو راشد... ومع الألم والحزن لعدم المشاركة في تشعييك.. أقول سيبقى يتردد في ذاكراتي قولك: «أهلنا وشعبنا هم السياج والحصن والعون والعزم الذي به نتابع نضالنا المشروع لخير وعزة وطننا ولكرامة وسعادة شعبنا».