زرعنا.. ونحصد
الحاملون هُمومَنا في نبضهم
هيهاتَ يبلي عزمَهم جَورُ الوضيعِ
المزةُ الظلماء بعضُ همومهم
و همومُهم قطفُ المنى بغدٍ بديعِ
أن تشارك في مؤتمر للحزب واجب كبير، يحمّلك مهمةً غير عادية ويطالبك أن تؤدي دوراً نشيطاً في بناء صرح التنظيم الحزبي وفي صياغة سياسته المعبرة بصدق والتزام عن تطلعات جماهير شعبنا الكادحة بسواعدها وأدمغتها إلى غد أجمل وأفضل ولا عجب أن يكون شعورك وأنت تتوجه إلى قاعة المؤتمر مماثلاً لشعور عامل كد وتعب وأنتج، وفلاح حرث وزرع وسقى ورعى، وطالب ثابر ودرس وجدَّ، تحدو الجميع رغبة قوية وإرادة واعية وعزيمة صادقة في تحقيق النجاح.
لقد عشت هذه المشاعر وأنا أدخل إلى المؤتمر ، تطالعني وجوه الرفاق فأكاد أجزم أنني أعرفهم واحداً واحداً، وكثيراً منهم أراه لأول مرة، وبخاصة الشباب الذين يثبتون بوجودهم الكبير أن الحياة دائماً وأبداً تفتح صدرها للجديد الوافد باستمرار إلى ميادين النضال والعمل والبناء، فتردد الساحات صدى الحقيقة ((وتستمر الحياة)).
وعندما جلست في المكان المخصص لوفد منظمتنا شَعّت في الخاطر صور مؤتمرات عديدة حضرتها منذ المؤتمر الثالث عام 1969 وما تلاه من مؤتمرات حتى اليوم، إمّا مكلفاً مع مجموعة من الرفاق لتهيئة المكان وحمايته وخدمته، أو مندوباً منتخباً.
وأعاد شريط الذكريات تفاصيل أجواء تلك المؤتمرات.
وتَبَينتُ بوضوح ما طرأ من تطور في شكلها، فقديماً كان المؤتمر العام والمؤتمرات الفرعية والمنطقية تعتمد السرية التامة في المكان والزمان وأسماء المشاركين، وفي المؤتمر العام يتوافد المندوبون من مختلف المحافظات في أوقات تحدد وبدقة في حينها ليصلوا إلى أمكنة متعددة يتجمعون فيها، ثم يتوجهون على دفعات، كل دفعة تسير خلف رفيق مكلف من المركز بإيصال «مجموعته» بمنتهى الحرص واليقظة إلى مكان المؤتمر، ويتم ذلك حسب توقيت دقيق وعبر طرق عديدة، ليشاركوا بفعالية في أعمال المؤتمر، ولتتوج جهودهم الناجحة بقرارات وتوصيات يتخذها المؤتمر لتتحول إلى مهمات يقوم كل الرفاق بتنفيذها.. وكان يحظر على الرفاق المشاركين في المؤتمرات التصريح بأي خبر عنها.. إلى أن يصدر بيان من الحزب بأعمال ونتائج المؤتمر.. واليوم مع تطور واقع العمل السياسي فيعلن قبل المؤتمر عن شعاراته وأهدافه والخطوط الرئيسية لسياسته وبرنامجه، وعند افتتاحه يقف عشرات الرفاق لاستقبال الضيوف ثم يباشر المؤتمر أعماله في الاستماع للتقارير المقدمة ومناقشتها وتدقيقها وإغنائها وإقرارها ومن ثم إعلانها مباشرة عبر مؤتمر صحفيٍ مفتوحٍ يسرد تفاصيل كل شيءٍ من بداية الزرع حتى جني ثمار الجهود الجماعية الشريفة والعظيمة.