الديون اللبنانية العامة تواجه أزمة تمويلها...
يواجه لبنان مأزقاً مالياً حقيقياً يرتقي إلى مستوى الأزمة بفعل استحقاقات الديون الحكومية للعام المقبل وبعده على المدى القريب، التي يتوجب دفعها بالدولار الأميركي، في ظل تنامي عجز الموازنة العامة إلى حدود 11 في المائة من الناتج المحلي، إضافة إلى ضرورات تخصيص مبالغ في مجال الإنفاق الاستثماري للبنى التحتية المتردية، خصوصاً في مجالات النقل الجوي والكهرباء والنفايات والمياه والطرقات، بانتظار ترجمة وعود مؤتمر «سيدر1»، المعوقة محلياً بخلافات الحصص الحكومية.
وفي حين تصاعد عجز الموازنة العامة إلى 11 في المائة عندما ارتفعت نسبة العجز من إجمالي النفقات إلى 33.82 في المائة لغاية منتصف العام الحالي، مقابل 13 في المائة في الفترة نفسها من العام السابق، تراهن المؤسسات المحلية والخارجية على أن تكون آفاق النمو الاقتصادي في لبنان أفضل في المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا تم تشكيل حكومة جديدة وبدأت بتطبيق إصلاحات مؤتمر «سيدر» القطاعية والمالية والاقتصادية.
وتبرز مشكلة تفاقم الدين العام بذاتها، بوصفها مصدراً أساسياً لتضخيم عجز الموازنة، التي تدفع المالية العامة إلى حافة انهيارات جدية، وربما تهدد تصنيف الديون الحكومية للانحدار، بعدما ارتفعت تحذيرات المؤسسات والوكالات الدولية من مغبة تواصل المسارات الحالية داخلياً؛ واقتصادياً ومالياً. فإجمالي الدين العام يرتفع بوتيرة تزيد على 5 أضعاف نسبة نمو الناتج المحلي. وقد سجل صافي الدين نموّاً سنويّاً مركَّباً بلغت نسبته 6.88 في المائة أواخر عام 2011 وأواخر العام الحالي. بينما زاد الناتج بما بين 1.5 واثنين في المائة.
وفي أحدث تقاريرها، صنفت وكالة «موديز» لبنان بين الدول التي تواجه ضغوطات سوقيّة وعجزا في الموازنة وفي الميزان التجاري. وبالتوازي، عدّت أنّ لبنان يندرج ضمن الدول ذات الوضع الائتماني الذي سيكون أكثر تأثُّراً بزيادة تكلفة الاقتراض نظراً لمستوى الدين العام المرتفع، والقدرة الضعيفة على تحمّل تكلفة الاستدانة الباهظة، والمصد المالي (fiscal buffer) المتدنّي.
وفي السياق نفسه، صُنفَ لبنان ضمن الدول الأكثر عرضة لارتفاع علاوات المخاطر وتلك التي سجّلت النموّ الأكبر في الهوامش. ولم تغفل إيجابيّة محدودية مخاطر السيولة نظراً لتواضع حصّة الديون المصدرة بالعملة الأجنبيّة (نحو 43 في المائة) من إجمالي الدين العام.