كيف يتم التلاعب بأسعار الذهب؟
في حين أن الأحداث الدولية الكبرى – كالتجارب النووية التي تقوم بها كوريا الديمقراطية- تؤثر على أسعار الذهب وتؤدي إلى حالة من التفضيل لدى المستثمرين باستثمار أموالهم في هذا المعدن، يرى الخبير الاقتصادي، ديمتري سبيك، أن هنالك عواملاً أخرى أكثر أهمية تلعب دوراً حاسماً في التأثير على السوق المالية العالمية.
ترجمة قاسيون
أوضح الخبير الألماني في سوق الذهب، ديميتري سبيك، أن «اسعار الذهب تعرضت لتلاعب مستمر منذ العام 1993»، ووفقاً له، فقد تم عرض التلاعب أسعار الذهب من قبل وسائل الإعلام كما لو كان قد بدأ من قبل اثنين من التجار الخبيثين في الآونة الأخيرة، ولكن هذه الفكرة خاطئة.
ويقول سبيك: «عندما بدأ التلاعب في سعر الذهب في 5 آب 1993، كانت البنوك المركزية هي التي بدأت هذه العملية، وتحديداً رئيس البنك المركزي الأمريكي، آلان غرينسبان، الذي لم يكن يريد السماح بارتفاع سعر الذهب أكثر من 400 دولار، لأنه خشي من أن تؤثر الزيادة الكبيرة في أسعار الذهب على مقياس التضخم».
وأشار الخبير إلى أن بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي قد رتب اتفاقاً بين البنوك المركزية للحفاظ على سعر الذهب دون 400 دولار. وقد تم ذلك لعدة سنوات عن طريق المبيعات والقروض.
قيادة التلاعب بالسعر العالمي للذهب
قال سبيك: «إن البنوك المركزية لا تعمل بمفردها، ولكنها تعمل بشكل وثيق مع المؤسسات المصرفية الخاصة والمؤسسات المالية».
«وبمساعدة تقلبات الأسعار، فإن المؤسسات تضرب الأسعار إلى الأسفل لدفع مشترين آخرين للخروج من السوق. والدولة هي المستفيد الأول من كل ذلك، وهذا يتعلق بالدرجة الأولى بالولايات المتحدة، والدولار، لأن الدولار الأمريكي - بوصفه العملة العالمية الرئيسية- سيبدو جيداً في هذه الحالة».
وشرح سبيك كيف أن عملية التلاعب هذه تحدث فعلاً، مشيراً إلى أن هذا يحدث «بكل بساطة»، عن طريق «تدمير المنافسين الآخرين»، ففي هذه الحالة، فإن الذهب هو المنافس الرئيسي للعملات المعتمدة على القروض، مثل الدولار الأمريكي واليورو، والتطور الإيجابي لسعر الذهب في حد ذاته يؤدي إلى تفاقم الديون وغيرها من أوجه العجز الاقتصادي في الولايات المتحدة.
فوائد للنظام المصرفي
وفي كتابه «السياسة النقدية السرية: لماذا تتلاعب البنوك المركزية بأسعار الذهب»، يحلل سبيك أيضاً الفوائد التي تحصل عليها الأنظمة المصرفية نفسها نتيجة للتلاعب المالي. وخلص الخبير إلى أن النظام المصرفي الأمريكي هو المستفيد الرئيسي من عملية التلاعب بأسعار الذهب.
فعندما تنخفض أسعار الذهب، يرتفع الدولار الأمريكي، ويبدو موقعه أفضل مما هو عليه في الواقع. ومن ثم تستطيع البنوك خفض أسعار الفائدة من أجل خفض التوقعات التضخمية وتهدئة المودعين، ويقترحون خفض أسعار الفائدة على المودعين، وهذا بدوره يسهل الحصول على قرض. وهذا أمر مفيد للولايات المتحدة، وبالطبع بالنسبة للنظام المصرفي، رغم أن هذا النهج كان أحد العوامل الرئيسية التي تسببت في الأزمة المالية العالمية.