من أسقط ورقة التوت.. لا يتورع عن رفع سعر الأدوية!

من أسقط ورقة التوت.. لا يتورع عن رفع سعر الأدوية!

 

السياسة الاقتصادية السورية، خلال الحرب لديها سمة وحيدة واضحة هي رفع مستوى الأسعار، وتكييفها مع مستويات التكاليف المرتفعة وهوامش الربح المطلوبة، أي تكييفها مع السوق،  مقابل إلغاء تدريجي أصبح مكتملاً تقريباً لعمليات الإنفاق الحكومي على أي جانب من جوانب الدعم الآتي من المال العام الذي يديره موظفون حكوميون في موقع القرار.

ويعتمد أصحاب القرارات مواسم لرفع الأسعار، تضرب بها ضربتها مرة واحدة، كما حدث بتاريخ  17-1-2015 حين رفعت أسعار الخبز، المازوت والغاز والفيول دفعة واحدة.

موسم الرفع الحكومي الحالي طال البنزين، والمازوت والأدوية، كما حدثت تغييرات في أسعار الغاز وأوزانه تنبئ بالرفع، إلا أن أبرز ما استوقف السوريين هو رفع أسعار الأدوية بنسبة 50%، بقرار من وزير الصحة بتاريخ 17-8-2015 .
الذريعة هي حماية صناعة الأدوية، فهل صناعة الأدوية كانت خاسرة؟ وهل كان الصناعيون يدعمون المواطنين السوريين، قبل أن تستجيب الحكومة وترفع الأسعار لهم؟! بالتأكيد لا، والمسألة هي زيادة هامش الربح أو منعه من التراجع بأحسن الأحوال.
والسؤال الآخر، ألم تكن الحكومة تقدم لهؤلاء القطع الأجنبي لتمويل مستورداتهم من المستلزمات، لتحميهم بذلك نسبياً من أثر ارتفاع أسعار الصرف؟ ولماذا لا تدعم الحكومة عمليات إنتاجهم بطرق مباشرة، إن كان الهدف هو حماية الصناعة؟!، ويتحمل المال العام جزءاً من المسؤولية عوضاً عن تحميل أجور السوريين كل الأعباء؟ أليس المال العام من جهدهم وعملهم أيضاً؟!
لا يحتاج السوريون إلى حدث محدد ليقروا بعدائية السياسات الاقتصادية لهم في ظروف الحرب، ولكنهم لن ينسوا بالتأكيد من أفقرهم إلى حد استحالة معالجة مرضاهم بسبب التقشف والفساد وحماية السوق.


من صفر إلى 28 ألف يومياً

دواء نقص ألبومين للأمراض الكبدية على سبيل المثال، يؤخذ  خلال 48 ساعة بمقدار جرعتين يومياً، كانت تعطيه الدولة سابقاً مجاناً في المشافي العامة لمرضاها المقيمين، أما اليوم تخلت الحكومة عن هذا العطاء، وأصبح المريض يلجأ للسوق، التي رفعت سعره خلال الأزمة من 2100 ل.س للجرعة الواحدة، إلى 14000 ل.س للجرعة، أي 28 ألف ل.س يومياً!.


16 أجر وسطي لمريض تصلب لويحي

وفرت الحكومة جزءاً كبيراً مما كانت تنفقه على استيراد أدوية الأمراض المزمنة، حيث تنعدم تقريباً احتمالية أن يحصل مريض السرطان على الجرعات الكيماوية حكومياً كما كانت سابقاً بمبالغ 16 ألف ل.س وتصل إلى 100 ألف ل.س.
وانعدم احتمال حصول مرضى التصلب اللويحي على أدويتهم من المراكز الحكومية بسعر 9000 ل.س، وأصبح كل من مرضى المرضين السابقين يلجؤون للسوق بتكلفة للجرعة الواحدة تصل إلى 200 ألف ل.س يحتاجها مريض التصلب اللويحي مرتين شهرياً.
تقول الحكومة أنها أنفقت مبلغ 8 مليار ل.س على الأدوية المزمنة، وعليها أن تبحث عن شبكة الفساد التي تكفّلت بسرقة هذا الإنفاق، لتستعيده وتوزعه على المرضى السوريين.
يحتاج مريض تصلب لويحي إلى جرعتين بتكلفة 400 ألف ل.س شهرياً، وإلى 16 أجر وسطي شهرياً للعلاج!