«رد صهيوني» على تشكيل الحكومة الفلسطينية!... 3300 وحدة استيطانية في القدس والضفة
ردّت إسرائيل على تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وتقبل الأسرة الدولية لها بإعلان عطاءات لبناء 1500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إضافة إلى تسهيل الحكومة بناء 1800 وحدة استيطانية أخرى جرى تجميد مخططاتها.
ولم يترك وزير الإسكان أوري أرييل، الذي وقف خلف تفجير المفاوضات في أواخر نيسان الماضي، مجالاً للشك بأن هذه خطوة عقابية للفلسطينيين. غير أن وزيرة العدل، مسؤولة ملف المفاوضات من الجانب الإسرائيلي، تسيبي ليفني أكدت أن عطاءات الاستيطان الجديدة هي في واقع الأمر عقاب لإسرائيل.
ونشرت وزارة الإسكان الإسرائيلية ليل أمس الأول عطاءات لبناء 1500 وحدة استيطانية تأكيداً لـ«الرد الصهيوني» الذي يطالب بالعمل وليس القول في مواجهة كل خطوات فلسطينية.
وقال وزير الإسكان إن العطاءات «توفر الردّ الصهيوني المناسب على تشكيل حكومة الإرهاب الفلسطيني». وأضاف ان «من حق وواجب دولة إسرائيل البناء في كل أرجاء البلاد لتخفيض أسعار الشقق، وهذا ليس موضع شك».
وحدد أرييل أنه ستبنى في مستوطنة إفرات 223 شقة وفي بيتار عيليت 484 شقة، وفي جفعات بنيامين 38 شقة، وفي أرييل 76 شقة، وفي ألفي مناشيه 78 شقة، وفي جفعات زئيف 155 شقة، وفي حي رمات شلومو في القدس الشرقية 400 شقة.
ولا يقف «الرد الصهيوني» لحكومة نتنياهو عند عطاءات بناء 1500 وحدة استيطانية بل يتعدّاها لتسهيل بناء 1800 وحدة استيطانية أخرى جرى تجميد مخططاتها.
ومن المقرر أن تعلن الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية في الأسبوع المقبل عن خطط استيطانية أخرى لاستغلال الظرف الجديد.
وكان رؤساء مجلس المستوطنات قد التقوا في الأسبوع الماضي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طالبين منه تسهيل إجراءات البناء وتسويق الشقق في مستوطنات الضفة الغربية والقدس. وشدّد نتنياهو أمامهم أنه «ليس لكم مدافع عنكم أكبر مني، وأنا أحارب من أجلكم»، وأنه لم يكن «يعلم مدى الأضرار والمعاناة التي أصابتكم».
وكان المجلس الوزاري المصغّر قد قرّر الأسبوع الماضي، فور تشكيل الحكومة الفلسطينية عدم إجراء أي مفاوضات مع هذه الحكومة بدعوى استنادها إلى حركة حماس. وأشار اعضاء المجلس إلى أن حماس مسؤولة عن كل عمل ينطلق ضد إسرائيل من الضفة الغربية أو قطاع غزة. وفضلاً عن ذلك شدد المجلس على تشكيل طاقم لفحص طرق مواجهة الواقع الجديد وتفويض رئيس الحكومة باتخاذ التدابير العقابية التي يراها مناسبة وبينها الإعلان عن عطاءات استيطانية.
وقد ناقش المجلس المصغّر لأول مرة مسألة ضمّ الكتل الاستيطانية ومناطق أخرى لكنه لجأ، على ما يبدو، إلى أسلوب توسيع الاستيطان المجرّب والذي ينتهي عادة بإدانات عربية ودولية من دون خطوات عملية مناقضة.
وما ان أعلنت إسرائيل عن عطاءات الاستيطان الجديدة حتى بدأت في الظهور ردود فعل دولية ومحلية. فقد توجّه السفير الهولندي في تل أبيب، كاسبر فالدكامب، للمسؤولين في الخارجية الإسرائيلية معرباً عن «خيبة أمل» حكومته من القرار الإسرائيلي. كما أعلن السفير الأميركي دان شابيرو في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الولايات المتحدة «تعارض البناء في المستوطنات وتُصدر إدانات لمثل هذا البناء». بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن «خيبة أمل عميقة»، داعياً الدولة العبرية إلى «التراجع» عنها، فيما حضّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إسرائيل على تعليق الاستيطان واحترام القانون الدولي.
وحملت السلطة الفلسطينية بشدة على قرار توسيع البناء في المستوطنات. وأعلنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتورة حنان عشراوي أن الفلسطينيين سيتوجهون لمجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة وسيطالبون بالعمل ضد مشاريع البناء الاستيطاني.
وفي إسرائيل نفسها أثارت عطاءات الاستيطان ردود فعل متباينة. فقد أعلنت وزيرة العدل تسيبي ليفني أن «هذا خطأ سياسي آخر يزيد فقط من صعوبة قدرتنا على تجنيد العالم ضد حماس». وفي نظرها، فإن «البناء الجديد هو العقاب الذي يتلقاه شعب إسرائيل بسبب تواجد البيت اليهودي في حكومة إسرائيل، وليس بسبب تواجد حماس في الحكومة الفلسطينية». وأضافت ان وزراء البيت اليهودي سيستغلون كل ذريعة لبناء المزيد من المستوطنات. وخلصت إلى أن «البناء الاستيطاني عقاب لشعب إسرائيل الراغب في اتفاق سلام وليس عقاباً للفلسطينيين».
ولكن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، زئيف ألكين (ليكود) أيد بشدة العطاءات، وقال: «إني أهنئ الحكومة على قرار تسويق 1500 شقة جديدة في القدس ويهودا والسامرة (الضفة الغربية)»، لكنه سرعان ما استدرك أن «هذا ليس سوى قطرة في بحر وأنها وحدها لا يمكنها تلبية الحد الأدنى من احتياجات ضمان أغلبية يهودية في العاصمة وضمان حدود أمنية لدولة إسرائيل. إنني أطالب الحكومة بإزالة كل موانع البناء الاستيطاني. وفيما يعانق أبو مازن مخرّبي حماس، حان الوقت للكفّ عن أن نبقى مغفلين والبدء بالاهتمام بالمصلحة القومية الإسرائيلية، وليس المصلحة الفلسطينية».
وقال رئيس كتلة «هناك مستقبل» في الكنيست عوفر شيلح إن «الإعلان عن البناء المكثف في المناطق، بضمنها أماكن خارج الكتل الاستيطانية التي يمكن أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية في أي تسوية مستقبلية، هو فعل نكاية، ضار ولا حاجة له... هذه خطوة مفارقة من جانب المعارضين للتسوية، ممن يستغلون كل حادث لتخريب فرص السلام، بدعم مضلل ومؤسف من رئيس الحكومة».
أما المعارضة الإسرائيلية فسارعت إلى إدانة الخطوة التي اعتبرها زعيم المعارضة، اسحق هرتسوغ، تعبيراً عن «جدول أعمال مختلّ من أساسه، بدلاً من استثمار الأموال في البناء في النقب والجليل وأحياء البؤس، ويفقأون أعين باراك أوباما مثل مجانين إشعال الحرائق السياسيين». ومضى ليقول إنهم «بدلاً من استيعاب الفشل المدوّي في الحلبة الدولية وأن يضعوا على الطاولة خطة يمكن تجميع الجمهور حولها، وتغيير موضع إسرائيل في الحلبة الدولية، انجرّ نتنياهو إلى وضع باتت فيه راموت (في القدس) مثل يتسهار وأيتمار (مستوطنات متطرفة). إننا في ذروة إخفاق سياسي وعلى نتنياهو وليبرمان تحمّل المسؤولية».
المصدر: السفير