ليبيا... حكومة موحدة جديدة
تدل المؤشرات الأخيرة في الملف الليبي على وجود تحرك ودفع باتجاه حل سياسي يجري العمل عليه بين مختلف القوى الليبية، وشملت آخر الخطوات تأكيد سيادة ليبيا واستقلالها ووحدتها، وتشكيل حكومة موحدة جديدة للإشراف على الانتخابات.
اجتمع كل من رؤساء المجلس الرئاسي محمد المنفي ومجلس النواب عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة في مقر جامعة الدول العربية بمدينة القاهرة في الـ 10 من الشهر الجاري وتوصلوا إلى توافقات، أعلن عنها ببيان ختامي مشترك، تشمل: تأكيد سيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها، وتشكيل لجنة فنية لتوسيع التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة 6+6، وتشكيل حكومة موحدة للإشراف على العملية الانتخابية، وتوحيد المناصب السيادية، وغيرها.
واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن هذه المخرجات إيجابية جداً، وكان قد سبق ذلك أن صرّح رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح «من وجهة نظري فالأمور جاهزة لإنهاء الأزمة الليبية وهو عبارة عن تشكيل واحدة مصغرة مهماتها محددة في زمن محدد».
ويذكر أنه في أواخر الشهر الماضي كان قد عقد اجتماع بين أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين وخرج عنه توافق بشأن تشكيل حكومة وطنية جديدة بهدف إنجاز الاستحقاق الانتخابي البرلماني والرئاسي.
رغم ذلك، لا يزال هناك خلافان بين القوى الليبية، الأول يتعلق بالموقف من عبد الحميد الدبيبة، حيث قال عقيلة صالح «ليس لدي مانع من الحوار مع الجميع، لكن السيد عبد الحميد الدبيبة لا صفة له بالنسبة لنا، فأنا كرئيس مجلس للنواب لا يصح أن أجلس مع شخص سحبت منه الثقة باعتباره رئيساً للوزراء، كذلك نرى أنه بحضور المنفي فلا لزوم لحضور الدبيبة [...] قلنا لباتيلي إذا كان ضرورياً حضور الحكومات فلا بد أن يحضر رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، الحكومة الشرعية».
والخلاف الثاني يتعلق ببعض ردود الأفعال التي رأت أنّ تشكيل حكومة وحدة جديدة هو بمثابة حكومة ليبية ثالثة ستؤدي إلى تعقيد المشهد بدرجة أعلى.
يتعامل كلٌّ من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي، والسفير الروسي في ليبيا حيدر أغانين بحذر مع التطورات الجديدة، حيث التقيا في الـ 11 من الشهر الجاري، وقال باتيلي «دعونا جميع القادة الليبيين إلى الاتفاق على مسار يحظى بالمصداقية لإجراء الانتخابات ودرء المخاطر الجسيمة التي يواجهها وطنهم الأم»، ودعا كلاهما القادة السياسيين في ليبيا إلى الاتفاق على مسار يحظى بالمصداقية، وكان قد أكد أغانين أواخر الشهر الماضي أن موسكو تقف على مسافة واحدة من الأطراف الليبية كافة، وتدعو الجميع للحوار وإجراء الانتخابات.
إن مسألة تشكيل حكومة وحدة جديدة أخرى تحمل في طياتها مخاطر لا يمكن التغافل عنها، خاصة في سياق التجارب الليبية السابقة التي أفضت إلى خلافات وإيجاد حكومتين انتقاليتين. وما يعوِّل عليه الليبيون الآن أن تشكيل الحكومة الجديدة سيؤمّن بديلاً جادّاً لما سبق، وأن يتمّ تنفيذ المهام الوطنية الضرورية وصولاً لانتخابات تنهي الأزمة السياسية.