مزاعم اعتقال ترامب... محاولة اغتيال سياسي
ملاذ سعد ملاذ سعد

مزاعم اعتقال ترامب... محاولة اغتيال سياسي

ضجّت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيَين وحتى الآن بمسألة احتمال توجيه تُهَمٍ جنائية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مما قد يؤدّي لتوقيفه واعتقاله ومثولِه أمام المحكمة، واشتدّت التوترات بدعوة ترامب لأنصاره بالخروج والتظاهر لمنع مكتب الادّعاء العام في نيويورك من توجيه التُّهم، كما دعاهم لتوقيع عريضة للهدف نفسه.

أوَّلُ مَن صرَّح بشكل رسمي حول احتمالية توجيه التهم والاعتقال كان ترامب نفسه بتاريخ 18 آذار، بسبب قضيةٍ تدّعي تسديدَ محاميه مايكل كوهين مبلغ 130 ألف دولار لممثلة إباحية في 2016 لشراء صَمتها حول علاقةٍ مزعومة جمعتهما، وتزوير وثائق الـ «مصاريف القانونيّة» خلال حملته الانتخابية السابقة، وقال خلال تصريحه بلغةٍ واثقة أنَّ مكتب الادّعاء العام في مدينة نيويورك يستعدّ لاعتقاله بتاريخ 21 آذار تحديداً، علماً أنه لم يجرِ في تاريخ الولايات المتحدة أنْ تُوَجَّهَ تُهمٌ جنائية ومذكَّرة توقيف بحقّ أيٍّ مِن الرؤساء سواء خلال فترة رئاستهم أو ما تلاها، لتتوتر البلاد على مدار 3 أيام خوفاً من احتمال مواجهات أو صدامات بين أنصار ترامب والديمقراطيين، أو أنْ تجري أحداثٌ مشابهة لما جرى في مبنى الكابيتول 2021.

مرَّت الأيام الثلاثة وتجاوز الزمن تاريخ 21 آذار دون أن توجَّهَ أيّةُ تهمٍ أو مذكَّرة توقيف بحقّ ترامب، إلّا أنّ ذلك لا ينفي صحّة تخوُّفاته، والتي من الممكن أنّها، وفي ظلّ دعوات التظاهر وما رافقها، قد دفعت بالادعاء العام لتأجيل أو تعليق الأمر مؤقَّتاً.

وفي 26 آذار أعلن محامي ترامب، جو تاكوبينا، عن تسريب معلومات سابقة كانت قد وصلتهم تفيد بأن ممثلي الأجهزة الأمنية الأمريكية سيلتقون في 20 آذار بممثّلي إدارة شرطة مدينة نيويورك من أجل بحث الجوانب اللوجستية لتوقيف وتسليم ترامب إلى المحكمة، وبناءً على هذه التسريبات افترض ترامب أنه سيجري توجيه تهم واعتقاله في هذا الوقت.

يشير ترامب إلى أنّ التحقيق الجاري في نيويورك، وغيره من القضايا، تحدث لأسباب سياسية وترتبط بعزمه الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في 2024، وقال في 27 آذار، إنّ هناك «قوى شيطانية» تحاول هدم البلاد وأنَّ الأخيرة معرَّضةٌ لخطر الوقوع في هاويةٍ خارجةٍ عن القانون، ما لم ينجح بالانتخابات المقبلة، وتابع «إما أن تقوم الدولة العميقة بتدمير أمريكا أو ندمِّرَ الدولةَ العميقة... نحن في مرحلة محورية للغاية في بلدنا». وكان قد صرَّح قبل يومين أنّ الولايات المتحدة قد تشهد «موتاً ودماراً» إذا ما وُجِّهَتْ إليه الاتهامات.

اغتيال سياسي

لا يخفى على أحد أنّ هذه المسرحيات الغربية الإعلامية من التحقيقات والملفّات القانونية المتعلِّقة بمسائل شخصية لرؤساء وسياسيين تُدار لأسبابٍ وأجندات سياسية محدَّدة تهدف للتأثير على الرأي العام، إلا أنَّ الجديد هذه المرّة هو التهديد بالتوقيف والمحاكمة والسّجن لرئيس أمريكي.

في سياق التطورات، يخشى الديمقراطيون جدّياً من احتمالات تمكّن دونالد ترامب من النجاح في انتخابات 2024، وذلك فضلاً عن خشيتهم وحذرهم من تحرّكات تيّاره التي لم تهدأ أو يخفّ وزنُها وتأثيرها في الداخل الأمريكي، وذلك خلافاً لما يجري ترويجُه من استطلاعات رأي تزعُم وجودَ نِسبٍ عالية تؤيِّدُ اعتقال ترامب أو ترفض ترشُّحَه المقبل.

باتت تصلُ حدّةُ الصراع بين طرفي الانقسام الأمريكي لدرجات خطرة، فمحاولات اعتقال ترامب ومحاكمته تمثّل محاولة اغتيال سياسي يقضي بالمعنى القانوني على إمكانية ترشُّحِه.

إذا ما حصل هذا الاغتيال السياسي، أو حتى البيولوجي، ستشهد البلاد تصاعداً أكبر وأكثر حدّة في الاستقطاب والصراع الجاري، والذي من المحتمل أن يدفع بالبلاد نحو ظروف «الموت والدمار» التي يحذِّرُ منها ترامب.

آخر تعديل على الجمعة, 31 آذار/مارس 2023 21:02