"الديمقراطية" الألمانية تخرق دستورها
سلمى وليد سلمى وليد

"الديمقراطية" الألمانية تخرق دستورها

بعد قرارها منع الشعب الألماني من الوصول إلى قناتي روسيا اليوم الألمانية وسبوتنيك، تواصل الحكومة الألمانية خطواتها القمعية لتشديد الضغط على الإعلام اليساري المحلي. كانت جريدة اليونغه فلت (العالم الشاب) اليومية اليسارية المستقلة قد احتجت أمام البرلمان، عبر مساءلة طرحها حزب اليسار، على إدراج الصحيفة في التقرير الأمني للمكتب الاتحادي لحماية الدستور. الأمر الذي يسبب للصحيفة تقييدات من حيث الإعلان والترويج بخلاف ما يفترض أن يكون مضموناً للتنافسية ضمن قواعد السوق الألمانية لجميع الصحف.

لجأت الصحيفة إلى المحكمة ولأن مثل هذه القضايا قد تأخذ سنوات للوصول إلى قرار قطعي في المحكمة، تقدمت الصحيفة بطلب أن يتوقف إدراجها في التقرير الأمني إلى أن تبت المحكمة بالأمر. في الواقع ما يبدو بديهياً لإحقاق العدل، بأن الحكم لا يطبق على المتهم حتى تعلن إدانته. لكن، لا يبدو الأمر كذلك عندما يتعلق الأمر بجريدة تهمتها أن مقالاتها تسعى إلى "نظام اجتماعي اشتراكي شيوعي وفقًا للفهم الطبقي الماركسي اللينيني" بحسب كلمات المحكمة. كان هذا من جملة التبريرات التي ساقتها المحكمة لتقول أن القرار لا يعتبر إخلالاً بحرية التعبير والصحافة التي تعم ألمانيا. كما أن المحكمة بدراستها المعمقة لمقالات الجريدة قالت أن ثمة "ما يكفي من الأدلة" على أن  صحفيي الجريدة يقومون وفي كل صراع اجتماعي أو سياسي بين مجموعات اجتماعية مختلفة، في داخل ألمانيا أو خارجها، وبالتحديد في العالم "المتخلف" بتبني هذه القضايا بالتزام غير عادي ومن دون حياد، بل يقفون إلى جانب من يسمونهم "المضطهَدين".

يبدو أن الأزمة تجبر الحكومة الألمانية والمكتب الاتحادي لحماية الدستور، أن يضربا الدستور بعرض الحائط، الذي يقول في المادة الخامسة  أنه :" يحق لكل إنسان التعبير عن رأيه بحرية ونشره بالقول أو الكتابة أو الصورة، كما له الحق في الحصول على المعلومات من المصادر العامة المتاحة دون أية عقبات. لا بد من ضمان حرية الصحافة وحرية النشر بالوسائل المسموعة والمرئية. ولا يجوز فرض أي أشكال من الرقابة على ذلك".

من جهة ثانية، تعرضت صحيفة ألمانيا الجديدة Neues Deutschland   لهجوم من مجموعة من اليمين المتطرف قاموا بإلقاء زجاجات من البيرة على البوابة الزجاجية لمدخل البناء، مع صرخات غاضبة وسيل من الشتائم... كذا أصبح الحال، ما لا تقوم به الدولة، فاليمين المتطرف جاهز دائماً لإنجازه عندما يتعلق الأمر بالتضييق على اليسار أو التهجم عليه.

كما طالب أيضاً الحزب الديمقراطي المسيحي في أحد القطاعات في برلين، بإزالة نصب إرنست تيلمان، رئيس الحزب الشيوعي الألماني الذي تمت تصفيته من قبل النازيين. يحمل نص الاقتراح اسم "لا تكريم لأعداء الديمقراطية" والدافع له هو الحرب في أوكرانيا إذ "لا يعقل أن نكون في حالة حرب في أوروبا، من قبل رَجُلٍ الديمقراطية بالنسبة له هي ورقة تين" ويقصد بوتين، ولكن يطالب أن يدمر النصب التذكاري لتيلمان!!

يبدو موخراً أن ألمانيا تحث السير تجاه سياسات ما سماه نظام زيلنسكي المدعوم والمدفوع من الناتو "التطهير من الشيوعية"، والذي استخدم لكتم ومنع كل حزب ذي توجه يساري مهما كان ترتيبه في طيف اليسار. اليوم صارت عملية التخلص من شبح الشيوعية لزاماً على بلدان الناتو أكثر من غيرها وأكثر من أي وقت مضى. إن تطور قوى شيوعية جدية في كل أنحاء العالم وفي خضم الأزمة هو أمر موضوعي. وهو بالذات ما يدفع الدول الإمبريالية للضرب بسوطها أينما ظهر فكر أو رمز يساري أو تيار أو صحيفة...