كيف ستصل قيمة الدولار إلى صفر
حتّى لو جرت «إعادة ضبط» مالية فقط بسبب انهيار الدولار الأمريكي فسيكون الأمر أكثر من مجرّد فترة سيئة مؤقتة. فالفوضى والمعاناة اللتان ستحدثان ستكونان أكثر ممّا يمكن تخيّله. وقد يقترب الأمر في الغرب من وضع يشبه أحوال دولٍ من العالم الثالث، من حيث مدى صعوبة الحياة وشكل الجريمة. هذا ما سنحظى به لجيل على الأقل في أمريكا عندما نصل إلى نهاية الأمر.
حتى بوجود المعادن الثمينة سنحتاج إلى المزيد منها حتّى نتخطى الأمر، ولن تدوم لجيل ما لم تلحق الهزيمة بالمفترسين المجانين الذين يشكلون 1% من قبل شعوب العالم الطيبة الذين قد يشكلون 75%، في حين أنّ الدمى بين هاتين الفئتين 24% لن يشكلوا فارقاً بالنسبة للذهب، فلا تزال البنوك المركزية والدول المستقلة تقيّمه كأهمّ احتياطي قد تخزّن الكريبتو وغيرها من الادخارات المزيفة لكنّهم يخزنون ذهباً أكثر بكثير وأحياناً ذهب أقلّ بكثير ممّا يدّعون.
انقطاع الشريان الأخير لحياة الدولار
حين نصل للنهاية وتنكشف الكميات الحقيقية سنعلم السبب عندئذ. إنّ التكنولوجيا تغيّر الأشياء، وهي خيانة لم نشهدها من قبل لكن كما قال مايكل كون بدقّة، لا يمكن لثوراتنا العلمية منطقياً أن تظهر كدليل على التقدّم والتحسّن قياساً بالتاريخ وبإدراكنا المتأخر للمستقبل غير المتوقّع. إنّ الوقت يكشف كلّ شيء مع وصول الدين الوطني رسمياً إلى 29 ترليون دولار. لقد اكتشف بروفسور الاقتصاد مارك سكيدمور من جامعة ميشيغان في 2017 مبلغ 21 ترليون دولار إضافية مفقودة. لدينا مبلغ هائل من الدين ومن الدولار العائم.
إنّ الأمر الوحيد الذي يحافظ على الدولار هو استخدامه كآلية تسويات عقود في روسيا والصين وكلّ مكان، ولكن هذا لم يعد يحدث بكلّ بساطة. قيّد فرط الدين العالمي النمو، وبدأ التحول الهائل للعملة الصوريّة من قبل الاحتياطي الفدرالي بتحويل النشاط من الانكماش إلى التضخّم. كلّما طبعت البنوك المركزية أكثر قلّت قيمة العملة أكثر؛ إنّه التضخم لكن أيضاً انخفاض عائد أيّ استثمار بالدولار. ولهذا فإن طباعة نقود لا تستبدل بالذهب يدمّر نفسه ويشبه قيام الأفعى بأكل ذيلها.
إنّ الاحتياطي الفدرالي مصمَّم على خلق التضخم، وسينهار الدولار ويؤدي هذا لتضخيم فقاعة الأسهم وإيصال الأسهم للذروة. هذا ما حدث في زيمبابوي، فعندما ضعفت دولاراتهم ارتفعت سوق الأسهم لديهم. الآن ستتدخل وزارة الخزانة الأمريكية بشكل مباشر وأحادي لتخفيض قيمة الدولار بشكل كبير. ولهذا ستقفز سوق الأسهم لأنّ التضخم سيجعل أرباح الشركات تبدو أفضل لكن سيكون الأمر وهمياً. الموقع الأفضل سيكون للذهب والفضة وسيصحب انخفاض الدولار طباعة مال أكثر بلا قيمة، عبر زيادة قيمة الأصول المالية.
في النهاية لا يوجد جوهر لقيمة الأصول، لهذا تموت الأموال في النهاية، وكذلك قيم الأصول عندما ترتفع أسعار الديون وتتهاوى المعدلات. فمقابل كلّ دولار تمّ اقتراضه يتم خلق دولارَين في الثروة، أحدها يتتالى عندما ينفق من خلال اقتصاد الناتج المحلي الإجمالي، والثاني يخلق على شكل أصول ليتمّ تدوينه في حسابات حامل السندات. اثنان بواحد! من العبقري الذي فكّر بالموضوع! إنّها أداة لسوق السندات الصاعد الذي انتهى ظهوره كلياً في 2016. إنّ كمية الدين الذي أُصدر لا حدود له، وتمّ إصدار بحر من السندات ومع إصدار السندات ضخّموا النشاط الاقتصادي في عملٍ تلو الآخر. أنتجت الوظائف الجديدة في هذه الأعمال مداخيل ومدخرات، والتي وجدت طريقها إلى الطلب على السندات. يا له من مخطط احتيالي، كلّ فلس من هذا الدين هو أصل لأحد ما؛ فمعاشات التقاعد شكل من الديون، الاستحقاقات المستقبلية شكلٌ من الديون، وكمية النقد المستقبلي المتدفق لا يمكن تخيّلها إذا استمرّت المعدلات بالارتفاع، ولا يمكن لأحد السيطرة على السوق الأكبر في العالم: سوق الديون. وسنصل إلى «لحظة مينسكي» عندما يتوقّف حاملو الديون عن القلق بشأن العوائد على أموالهم، ويبدؤون بالقلق على أموالهم نفسها.
إذا حدث هلع جماعي ستنهار قيمة السندات ومعها قيمة معاشات التقاعد والثروة والاستحقاقات المستقبلية. ومن المفارقات أنّ ارتفاع المطالبات بتعويضات الضرر عن الدولار يجب أن ينتج ارتفاعاً بالقيمة الشرائية خلال تلك الفترة، مثلما حدث عندما تمّ شراء الدولار تسعة أضعاف في 1932 ممّا كان عليه الحال في نيسان 1930. أما في 2024 عندما يبدأ المال بالنفاد سيبدأ الهلعون في واشنطن بمهاجمة الجميع، نعم سيهاجمونك من أجل مالك ولا يأبهون. سيهاجمون أموال تقاعدك في البدء ومدخرات التأمين والأقساط السنوية بدعوى حمايتك. معظم الخانعين سيقبلون بالأمر لن يكون لدى الضمان الاجتماعي أيّ مال، وسيدفع العمّال الضرائب لإدارة الضمان الاجتماعية، والإدارة بدورها ستحولها إلى الخزانة الأمريكية. وبالمقابل ستمنحها الخزانة الأمريكية صكّ دين. إذاً ليس هناك مال في آخر المطاف، فقد وصلنا نهاية اللعبة منذ زمن طويل.
روتشيلد: «امنحني السيطرة على المال...»
مجلس بلدية لندن لا يهتمّ باستعادة أمواله، فهو ينشئ ائتماناً بضمانة تسديد الناس له، والذي تضمنه في النهاية الثروة الحقيقية، فقط ادفع الفائدة ليصبح المعولِمون سعداء. وإنْ لم تدفع يحاصر المعولمون بلدَك ويسرقون مواردها وكامل موارد الشعب ويستعبدونهم. فعبر السيطرة على دَين دولة ما إنما يسيطرون على الحكومة وقوانينها كما قال ماير أمشال روتشيلد: «امنحني السيطرة على أموال دولة ما ولن يهمني من يضع القوانين».
أيّ شيء تعتقد بأنّك تملكه وتم شراؤه بالدين (مثل منزل أو سيارة) سوف تتمّ مصادرته من قبل البنك عندما يصبح الدولار بلا قيمة. والآن سيصبح الدولار فاقد القيمة لا قيمة له أيضاً لسداد ديونك، ولذلك فإنّ منزلك أو سيارتك... إلخ، ستتم مصادرتها من البنك لعدم السداد.
كيف تعزل أمريكا نفسها
بالنظر إلى التاريخ، من الواضح أنّه في لحظة ما سينهار هذا المنزل المصنوع من ورق. إنّ كامل العالم في مأزق؛ فالدولار مدعوم بقوّة أمريكا العسكرية... ويمكن سداد الدين الأمريكي فقط في حالة التضخم المفرط. من السهل سداد ترليونات الدولارات عندما تكلّف قطعة خبز مئات الملايين. لننظر للتاريخ الحديث لزيمبابوي، المشكلة الوحيدة أنّه حين حدوث ذلك لن تقبل أيّ دولة بالدولار الأمريكي. وسنكون (الأمريكيين) وحيدين معزولين في الاقتصاد العالمي... الفوضى ستحكم والملايين سيجوعون. ليس هذا بالسيناريو الجذّاب. إنّ الدولار عبءٌ من الديون. ومن يحتاج لعبء ديون؟ ولماذا؟ إن لم يكن أحدٌ سيبرّ بالتزاماته ويسدد الدين؟ لا أحد بحاجة لأوراق الاحتياطي الفدرالي، ولا حتى الأمريكيون أنفسهم، لا يمكن للولايات المتحدة سداد دينها الخارجي البالغ 29 ترليون دولار. ولا تجمع أمريكا عائدات كافية لسداد فوائد ديونها، ولهذا فإنها تستمر بالاقتراض من الصين لدفع الفوائد الدين المحلي الكلي، بما في ذلك الرهون العقارية وبطاقات الائتمان، وديون الأعمال...إلخ، والتي قيمتها 89 ترليون دولار، إنّ هذا يشكل أكثر من 400% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
المصدر: As Russia intensifies its De-Dollarization - It's The End of The Dollar & America’s Financial Order