شبح ثورة أكتوبر يقضّ مضاجع الغرب والأوليغارشية الروسية
«الأوليغارشيا الروسية تخشى وضعاً مشابهاً لحال 1917»: هو واحد من العناوين الكثيرة التي ضجّت بها وسائل الإعلام الغربية يوم الجمعة الفائت على خلفية ما قاله أحد رجال الأوليغارشية الروسية فلاديمير بوتانين، والذي انتقد الأصوات المتعالية في روسيا التي تدعم اقتراح رئيس مجلس الوزراء ميخائيل ميشوستين بمصادرة أصول الشركات الأجنبية التي قد تغادر روسيا في إطار فرض عقوبات على الاقتصاد الروسي وإدارة هذه الشركات من خارجها. بوتانين الذي لم تشمله العقوبات الغربية، حذَّر أنَّ مثل هذه المصادرات «ستعيدنا 100 سنة إلى الخلف إلى 1917. والنتيجة ستكون فقدان الثقة بروسيا دولياً من قبل المستثمرين، سنشعر بذلك لعقود لاحقة». ويتابع قائلاً: «يجب ألا نحاول إغلاقَ الأبواب بل أنْ نسعى للحفاظ على مكانة روسيا الاقتصادية في تلك الأسواق التي أمضينا وقتاً طويلاً في تربيتها».
من هو فلاديمير بوتانين؟
يحتلّ فلاديمير بوتانين المرتبة 55 بين أغنى المليارديرية في العالم حسب قائمة فوربس. بدأ بوتانين بشراء جزء من شركة Norilsk Nickel للتعدين والصهر للنيكل والبلاديوم أثناء الخصخصة الإجرامية واسعة النطاق لممتلكات الشعب السوفييتي بعد الانهيار وخاصة في عهد بوريس يلتسن. تم تأسيس شركة Norilsk في عهد ستالين وكانت تدار من قبل مفوضية الشعب للشؤون الداخلية وتمت خصخصتها عام 1995 ويملك بوتانين اليوم ثلثها. جدير بالذكر أنه في بداية حزيران 2020 تعرّضت إحدى ناقلات الديزل لشركةNTEK وهي شركة بنت لـ Norilsk Nickel إلى حادثٍ أدّى لتلويث المياه في القطب الشمالي في سيبيريا. قامت مجموعات ضغط بيئية روسية، بالتعاون مع مفوضية الخدمات الفيدرالية للإشراف على الموارد الطبيعية الروسية، بمطالبة الشركة بأنّ تدفعَ طوعاً تعويضاتٍ تقدَّر بملياري دولار لإصلاح هذه الكارثة البيئية. رفضت الشركة ذلك وأرادت المماطلة واللعب في القضية عبر المحاكم! في لقاء عبر تطبيق زوم وبَّخَ الرئيس بوتين فلاديمير بوتانين على تعامل هذه الشركة بعدم اكتراث مع البيئة والاستهتار بضرورة تجديد منشآتها لاتّقاء كوارث من هذا النوع. خسرت الشركة القضية أمام المحكمة ودفعت المبلغ اللازم لإصلاح الأضرار.
من المعروف أنَّ السلطات السياسية التي تمتّعت بها الأوليغارشية في عهد يلتسن قد تمّ تقييدها إلى حدٍّ كبير في عهد بوتين، وهو أمرٌ تتّفقُ عليه حتى مراكز الأبحاث الغربية كذلك. إنَّ ضرورة المعركة مع هذه الأوليغارشيّات تزدادُ إلحاحاً لاستمرار بقاء روسيا كبلد، خاصةً بعد أنْ قرَّر الغرب أنْ يضعَ مصيرَها على بساط البحث مع قدوم أزمته التي قد لا يخفِّفُ من وطئتها إلا فريسةٌ ضخمة بحجم روسيا. الأوليغارشية الروسية ما زالت تسيطر على قطاعات اقتصادية هامّة من المواد الأولية، خاصةً تلك المتعلقة بالنيكل والبلاديوم والألمنيوم والأسمدة ولها مصلحة باستمرار علاقات التبادل اللامتكافئ الدولية، بأنْ تنهبَ روسيا وتبيع في السوق الغربي. هذه الأوليغارشية تدرك أنَّ أيَّ نجاحٍ لحلِّ المسألة الوطنية وحماية روسيا من الهجمة الغربية سيمرّ حتماً عبر الصراع معها وقصقصة أجنحتها وإلا ستكون الهزيمة! ومن هنا من الطبيعي أن يجافيها النوم بعد أنْ أصبحت الضرورات الوطنية في عهد أزمة الإمبريالية تضغط على حلقومها...