مَن خطّط لتفجير مطار كابول؟
فينيان كونينغهام فينيان كونينغهام

مَن خطّط لتفجير مطار كابول؟

قبل ثلاثة أيام من مذبحة مطار كابول، عقد مدير المخابرات المركزية الأمريكية CIA لقاءً سريّاً مع قيادة طالبان في عاصمة أفغانستان. هذه ليست سوى واحدة من عدّة أحداث مشبوهة هذا الأسبوع أثناء العدّ التنازلي لإجلاء قوات الولايات المتحدة الدراماتيكي.

ترجمة : قاسيون

قُتل ما لا يقلّ عن 13 جندي أمريكي كانوا يحرسون مدخل مطار كابول في هجوم انتحاري. كما وقع انفجارٌ ثانٍ في فندق قريب يستخدمه مسؤولون بريطانيون لمعالجة وثائق الهجرة.

لم تحدث الانفجارات في المناطق التي تسيطر عليها طالبان التي سيّجت العاصمة بنقاط التفتيش، بل وقعت في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الأمريكي والبريطاني.

بالكاد سمع أحد عن مجموعة إرهابية تسمّى «خراسان»، وهي التي أعلنت مسؤوليتها عن التفجير، قبل أن يعلن الأمريكيون والبريطانيون عن تحذيرات بشأن هجمات إرهابية وشيكة من قبل هذه المجموعة في المطار. جاءت هذه التحذيرات قبل ساعات فقط من وقوع الهجمات الفعلية، حتّى أنّ بايدن نفسه ذكر هذه المنظمة الإرهابية في وقت سابق وادعى بأنّهم «أعداء لدودين» لطالبان.

كيف تمكنت جماعة إرهابية مغمورة من التسلل إلى منطقة آمنة للغاية – عبر نقاط تفتيش عدوّها اللدود طالبان، ثمّ تتمكن من خرق الأطواق العسكرية الأمريكية والبريطانية؟!

كيف تمكنت المخابرات المركزية، وهي التي لم تستطع توقّع سيطرة طالبان بهذه السرعة على كابول وإسقاط نظام يدعمونه منذ عشرين عاماً، ثمّ تمكنت بعد ذلك من تحديد فظاعة وشيكة تتطلّب تخطيطاً معقداً؟

 

من المستفيد

صرّح بايدن بعد التفجير بأنّ الفظاعة تؤكّد الحاجة الملحّة للخروج من أفغانستان. وكي نفهم الأمر، فبايدن واقع تحت ضغوط سياسية لاتهامه بخيانة الحلفاء الأفغان وتسليم الأمر لطالبان. حتّى أنّ بعض الجمهوريين طالبوا باستقالته بسبب إشرافه على كارثة وعار وطني. تشير التقديرات إلى أنّ ما يصل إلى 250 ألف أفغاني ممّن عملوا مع الاحتلال العسكري الأمريكي سيتم تركهم لمصيرهم.

يبدو أنّ مقتل 13 جندي أمريكي – وهو أكثر عدد ضحايا أمريكيين في يوم واحد في أفغانستان منذ إسقاط طائرة مروحية في 2011 كان فيها 38 جندي – سيعطي ذريعة أقل لتمديد مهمة البنتاغون في البلاد. حتّى بعد تفجيرات الأسبوع الماضي، نصح البنتاغون بايدن بالالتزام بالموعد النهائي في 31 آب.

أغلب الأمريكيين يوافقون بايدن على قرار الانسحاب، والهجمة القاتلة بالقنابل هذا الأسبوع سيؤكد فقط الشعور العام بالضجر من الحرب. لم يعد للدعوات المتشددة بإعادة القوات إلى أفغانستان أيّ صدى سياسي ذي قيمة.

يعيدنا هذا إلى لقاء المخابرات المركزية الأمريكية مع قائد طالبان عبد الغني بارادار. كتبت الواشنطن بوست بأنّ بايدن أرسل بيرنز للقاء بارادار في كابول. كان هذا اللقاء أهمّ اجتماع بين الأمريكيين وطالبان بعد استيلاء الأخيرة على أفغانستان. لم يتمّ الكشف عن تفاصيل المناقشات، وبعض التقارير أشارت إلى أنّ بعض مسؤولي طالبان ليسوا على دراية باللقاء.

بارادار هو أحد الأعضاء المؤسسين لطالبان. تمّ إلقاء القبض عليه من قبل المخابرات الباكستانية والمخابرات المركزية الأمريكية في 2010، لكن وبناء على طلب من الولايات المتحدة تمّ إطلاق سراحه في 2018. ليقود بعد ذلك طالبان في مفاوضات مع الولايات المتحدة لإيجاد نهاية للصراع الذي نجم عنها صفقة شباط 2020 مع إدارة ترامب نصت على انسحاب الأمريكيين، والذي التزمت به إدارة بايدن.

تدفعنا سيرة بارادار للاعتقاد بشكل وجيه بأنّه رجل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية داخل طالبان، أو على الأقل أنّه ينسّق معها.

لماذا سيلتقي بيرنز مع بارادار في مثل هذا الوقت الحرج؟ أليس ذلك للحصول على تطمينات بأنّ طالبان ستتخذ إجراءات أمنية لحماية القوات الأمريكية عند خروجها؟ إن كان هذا هو الأمر، فهو لم يحدث.

ربّما هناك سيناريو آخر أفضل: أن يكون بعض رجال بارادار قد رتبوا أمر ارتكاب الجريمة الوحشية بناء على طلب من المخابرات المركزية الأمريكية، والهدف هو تحويل التركيز من الانسحاب المخزي ليصبح تراجعاً ضرورياً بسبب التهديدات الإرهابية. سينسي هذا الناسَ الذين يتابعون الحدث مشاهد الأفغان اليائسين المصطفّين في طوابير بالقرب من مطار كابول، والذين تشتتوا خوفاً من إراقة المزيد من الدماء.

سيكون من المفضّل أن تُقلع الطائرات العسكرية الأمريكية والبريطانية من مطار كابول في 31 آب دون مشاهد مروعة ومثيرة للشفقة عن أفغان يركضون على المدرج. سيكون هذا وسيلة لإنهاء العار أقلّ ضرراً مقارنة بما كان سيحدث لولا التفجير.

 

بتصرّف عن: Could an atrocity have been arranged by some of Baradar’s men at the request of the CIA?

آخر تعديل على الثلاثاء, 31 آب/أغسطس 2021 13:01