ليندمان: أمريكا في لحظة الوداع الأخير – وبايدن/هاريس يعجّلانها
كان المؤرخ الراحل والخبير في شؤون جنوب-شرق آسيا غابرييل كولكو يرى بأنّ سقوط الولايات المتحدة «بدأ بعد الحرب الكورية، واستمرّ عند التعامل مع كوبا، وتسارع بشكل كبير في فيتنام – لكنّه تسارع بشكلٍ أعظم (في عهد بوش الابن وأوباما) فيما بعد».
بقلم: ستيفن ليندمان*
ترجمة قاسيون
قال المحللان الجيو-استراتيجيان عمانوئيل والرستين وشالمرس جونسون ذات الشيء: «يحكم الانحدار الحتمي للولايات المتحدة ذات الديناميكية التي حكمت الإمبراطوريات البائدة – العزلة والإرهاق وتوحّد القوى المحلية والعالمية المضادة للإمبراطورية، وفي النهاية الإفلاس – مع تزايد الاستبداد وفقدان الحريات الشخصية... لقد فات الأوان لتستطيع مجرّد إصلاحات متفرقة للحكومة أو لتضخم الجيش أن تحدث أيّ فارق».
التاريخ واضح: إمّا أن نختار الديمقراطية فننجو، أو الاستبداد فنستمر بالنهج التدميري الحالي ونزول.
الولايات المتحدة ماضية بوضوح في الطريق الخاطئ ولا وجود لأيّ إشارات على حدوث تغيير بنّاء، بل على العكس تماماً فمن شبه المؤكد استمرار ذات الطريق في ظلّ قيادة بايدن/هاريس.
القضيّة الحاليّة التي تشغل العالم هي إنْ كان بإمكان البشرية أن تنجو من غضب أمريكا من تراجع هيمنتها العالمية أم لا، وذلك في الوقت الذي تفشل فيه بالاعتراف بتراجع تفوقها مقارنة بالدول الأخرى.
التراجع الأمريكي مستمر رغم إنفاق ترليونات لا تحصى من أجل البقاء في موقع القوة العالمية المهيمنة – فقد فقدت الأفضلية أمام الأسلحة الروسية الخارقة.
روسيا والصين وغيرهما من الأمم في مرحلة صعود، بينما تتراجع أمريكا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
الإنفاق النشط على العسكرة وصناعة الحروب ورفاه الشركات والدولة الأمنية القاسية يأتي على حساب تآكل الخدمات العامة وجعل الدولة غير صالحة وغير آمنة للحياة فيها. الهوّة بين الأثرياء ومعظم الأمريكيين تتوسع، والفقر هو الشيء الوحيد الذي ينمو.
أمريكا في حرب دائمة على الإنسانية في الداخل والخارج – روسيا والصين وإيران وغيرها من الدول المستقلة توضع في خانة الأعداء لرفضها الخضوع. رغم الأدلّة القويّة التي تدحض مفاهيم الاستثنائية الأمريكية والدولة التي لا غنى عنها ووهم التفوق الأخلاقي والتفوق العسكري، تستمر النخب بتداول الأسطورة.
فكرة تراجع الدولة التي كانت مهيمنة تبدو غير قابلة للتصور بالنسبة للكثيرين من العامّة ومن النخب الحاكمة. لكن العديد من المحللين المحترمين يشرحون ما يتم إخفاؤه في الإعلام السائد.
تتفوق أسلحة روسيا الخارقة على الأسلحة الأمريكية، فروسيا دولة تستخدم مواردها بحكمة على عكس الهدر السيئ والاحتيال وسوء المعاملة في أمريكا. أعلن تقرير «مشروع الرقابة» عن اختفاء 21 ترليون دولار من الموازنة الفدرالية ما بين 1998 و2015. معظمها تمّ تخصيصها للعسكرة وصناعة الحروب، الأمر الذي يدلّ على تدهور السطوة الأمريكية.
يمكن لأمريكا ضرب أعداء لا يساوونها في المقدرة. لكنّ الأمر مع روسيا والصين وإيران، وهي الدول القادرة على الرد، سيكون مختلفاً. إنّها تغذي حرباً لا نهاية لها في سوريا منذ ما يقرب عقداً من الزمن ضمن محاولة غير مجدية لهزيمة أعدائها.
لكن كلّما اشتدّ سعيها للعسكرة وصناعة الحرب ضدّ «أعدائها» المختلقين، عجّل هذا بوصولها إلى «مزبلة التاريخ» حيث تنتمي.
عن: America in Terminal Decline, Biden/Harris Hastening It
ستيفن ليندمان:
ولد عام 1934 في بوسطن، ماساتشوستس. في عام 1956 حصل على درجة البكالوريوس من جامعة هارفارد، ثم ماجستير في إدارة الأعمال من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا في عام 1960. بعد العمل لمدة سبع سنوات كمحلل أبحاث تسويقي، انضم إلى شركة عائلة ليندمان جروب في عام 1967. وظل هناك حتى تقاعده نهاية عام 1999. بدأ الكتابة حول القضايا العالمية والوطنية الرئيسية في صيف 2005. وفي أوائل عام 2007، تبع ذلك الاستضافة الإذاعية. يستضيف ليندمان الآن ساعة الأخبار الإذاعية التقدمية على شبكة الراديو التقدمية ثلاث مرات أسبوعياً. فائز بجائزة Project Censored لعام 2008 وحائز على جائزة الصحافة الدولية لنادي الصحفيين المكسيكي لعام 2011.