استعادة الديمقراطية الأمريكية عبر إلغاء الحزب المنافس!
الخلاف والصراع بين النخب الأمريكية ليس بالجديد، وهو ما غطته قاسيون على مدى أعوام ماضية. الجديد فيه هو المدى الذي وصل إليه في العلن وتداعياته التي شهدناها على الأرض على خلفية الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة. ويبدو بأنّ إلغاء الآخر هي الطريقة الوحيدة لاستعادة «الديمقراطية» الأمريكية، وذلك وفق المقال المنشور مؤخراً في نيويورك تايمز، والذي تقدّم قاسيون أبرز ما جاء فيه للتدليل على اتساع الشرخ النخبوي الأمريكي، المعبّر أكثر فأكثر عن الأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة غير القادرة على الحفاظ على هيمنتها العالمية واستقرارها الداخلي:
بقلم: جاميل بوي
ترجمة وإعداد: قاسيون
بطرق متعددة، كان دونالد ترامب اختباراً لديمقراطيتنا. وفي الوقت الذي نقوم فيه اليوم بتقدير الضرر الذي ألحقه بالمنصب، لا يبدو بأننا نقيّم الأمر بالشكل المناسب.
القوى التي اعتقدنا بأنّها ستكبح جماحه: الرأي العام ومتطلبات الدورة الانتخابية، والمؤسسات التي ظننا بأنّها ستطوّق سلوكه السيِّئ: المحاكم والبيروقراطية الفدرالية، والكونغرس المصمَّم لتحدي الرئيس الذي لا يلتزم بالقانون... جميعها لم تكن كافية للَجم خطواته التدميرية لديمقراطيتنا.
صحيح أنّ ترامب غادر البيت الأبيض، وصحيح أنّه غادر دون حاجة للأمن كي يرميه خارجاً، لكنّ الحقيقة التي يجب الاعتراف بها أنّ «الترامبية» باقية لم تذهب لأيّ مكان. البيانات الواقعيّة تشير لكون الفاصل بين نجاح بايدن وترامب في الانتخابات كان بضعة آلاف من الأصوات عبر عدد قليل من الولايات، وبات واضحاً بأنّ حزبه كان ليفعل أيّ شيء لإبقاء مرشحه في البيت الأبيض. فكما أظهر تقرير أكسيوس بأنّ الخطة كانت، منذ البدء، محاولة إعلان الفوز حتّى لو لم يحصل المرشّح على الأصوات اللازمة.
هذا لا يعكس صورة جيدة للديمقراطية الأمريكية، ولكنّه يوضّح مصدر الخلل الوظيفي فيها: إنّه وجود الحزب الجمهوري.
سيكون الحلّ الأمثل بناء نظامنا المكون من حزبين في نظام واحد متعدد الأقطاب يفصل اليميني المتطرف عن اليميني المعتدل، ويمنح الأخير فرصة للفوز بالسلطة دون الاستحواذ على الأول. ولكنّ هذا يحتاج لتغيير النظام السياسي، الأمر الذي قد لا يتحقق أبداً في الفترة القادمة.
لهذا ليس لدينا سوى حلّ وحيد: أن يقوم الحزب الديمقراطي بتأسيس هيمنة سياسية وطنية. فجزء من مشكلتنا هي قدرة الحزب الجمهوري على الفوز بحصّة كبيرة من السلطة الوطنية. لكن حتى هذا الحل يصعب تخيّل حدوثه واقعاً.
بعبارة أخرى: كشف اختبار ترامب عن ضعف شبه قاتل في ديمقراطيتنا، إنّه الحزب الجمهوري المتشدد والمعادي للديمقراطية بشكل متزايد، الأمر الذي قد لا يكون لدينا حلّ له.
لا يمكننا معرفة ما الذي سيحدث، ولكنّ الشيء الوحيد المؤكد أنّ أزمة ديمقراطيتنا لم تنته بعد. الأمر الوحيد الذي فزنا به برحيل ترامب هو فترة من الراحة من الفوضى وفرصة للقيام بأيّ إجراءات يمكننا تدبر أمرها.
بتصرّف عن: We Have to Make the Republican Party Less Dangerous