«الحملان الأمريكية الوديعة» تتلوث بـ«عنف العالم الثالث»
يوسف منير/ واشنطن بوست يوسف منير/ واشنطن بوست

«الحملان الأمريكية الوديعة» تتلوث بـ«عنف العالم الثالث»

ليس من المستغرب أن نرى مذيعي الأخبار والسياسيين ومعلقي التواصل الاجتماعي يتصرفون بنوع من عدم التصديق، ويستعينون بالحبكات المبتذلة للتعليق على انفجار الفوضى في مبنى الكابيتول.

بقلم: يوسف منير/ واشنطن بوست
ترجمة: قاسيون

محلل شبكة سي.ان.ان فان جونز صرخ: «نحن نتجه لنكون أقرب لسوريا من الولايات المتحدة». مراسلة ABC News قالت للمشاهدين: «لست في بغداد، ولا في كابول... نحن في أمريكا». معلّق سي.ان.ان جيك تابر قام بالتنويع قليلاً في حبكته المبتذلة، ليقول بأنّه كان يشعر بأنّه يتحدث مع مراسل في «بوغوتا».

البقية كانوا أقلّ وضوحاً لكنّهم أوصلوا الرسالة ذاتها. الرئيس جو بايدن قال بأنّ هذا «لا يعكس أمريكا الحقيقية»، والرئيس الأسبق جورج بوش قال بأنّها تذكره «بجمهوريات الموز» لا بالولايات المتحدة.

لطالما كان الخطاب الأمريكي يتناول منطقة الشرق الأوسط حصرياً من خلال وجهة نظر العنف والتطرف. وهذا ليس فقط جهلاً، بل يولّد رهاب الإسلام والعنصرية.

هذا بحدّ ذاته أمرٌ سيئ، لكنّ الأمر لا يقتصر على ذلك. نقوم دوماً بوسم العنف السياسي كشيء متأصل في تلك الأماكن – أي مكان يستوطنه سود وبنيو البشرة – وذلك دون منح سياق تاريخي وسياسي هام.

نحن نعتقد بأننا أفضل من هؤلاء وأنّ «أمريكا استثناء». ما فعله هؤلاء الخبراء والصحفيون والسياسيون عبر ردهم بهذه الطريقة هو ببساطة استعانة بالإهانة التي قالها ترامب: «الدول القذرة»، ولكن بطريقة أقل جهلاً وأكثر مواربة.

المشكلة المصاحبة لهذا الخطاب عن كون العنف السياسي أمر اعتيادي الحصول «هناك»، يعفي الولايات المتحدة من أيّة مسؤولية عن هذا العنف، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. ساعدت الولايات المتحدة بشكل متكرر على خلع الحكومات في «العالم الثالث» ودعم عدد لا يحصى من الدكتاتوريين وجداول الأعمال غير الديمقراطية، ما أوقد عدم الاستقرار السياسي والقمع.

كما أنّ هذا الخطاب يمحي التاريخ الدموي للعنف السياسي في الولايات المتحدة – وهي الدولة التي بنيت على تطهير عرقي للسكان الأصليين، وبنيت بأيدي عمّال عبيد خطفوا من إفريقيا وحكمتهم ولايات بترت غالباً حقوق وحريات الناس لمجموعة متنوعة من الأسباب.

عندما يرفع أمريكي علم الكونفدرالية داخل مبنى الكابيتول، فهل يحتاج المرء للذهاب إلى سوريا ليرسم مقارنة بينما لدينا كلّ هذا العنف السياسي الذي مارسناه في الشرق الأوسط على طول الـ 30 عاماً الماضية؟ ربّما السبب أنّ مزودي المعلومات ومتلقيها عندنا جاهلون بتاريخ العنف السياسي الأمريكي. عدم تصوير العنف السياسي الأمريكي خلق بدوره تغطية للمتطرفين اليمينيين الذين تمّ استغلالهم بشكل متزايد.

كلّ هذا مرتبط بالأسطورة الجوهرية: الاستثنائية الأمريكية. لقد خدمت هذه الأسطورة كإيديولوجيا دفاعية عن كلّ ما فعلناه حول العالم. نحن لا نغزو ونفجّر وندمر، نحن ببساطة «نجلب الديمقراطية» و«نبني الدول» و«نقود العالم».

هناك أمريكا الأسطورة، وأمريكا الواقع. علينا أن نواجه الواقع كما هو، وهي أنّ العنف منتج محلي وليس مستورداً من الخارج. مهما كانت الحقيقة بشعة، فعلينا التوقف عن الادعاء بأنّ العنف السياسي مستورد من حيث يعيش سود وبنيو البشرة.

 

بتصرّف عن: The arrogance of invoking ‘Syria’ or ‘Bogota’ as political violence in the U.S. unfolds