بصمة واشنطن اللزجة على انتخابات منغوليا
فلاديمير أودينتسوف فلاديمير أودينتسوف

بصمة واشنطن اللزجة على انتخابات منغوليا

كثّفت الانتخابات الرئاسية المنغولية القادمة في صيف 2021 نشاطات سفارة الولايات المتحدة والمنظمات غير الحكومية المعتمدة على واشنطن، الساعين لزيادة تأثير الولايات المتحدة على الإقليم المنغولي وتوجيه عمليته السياسية. فمنذ نجاح «الثورة الديمقراطية» في منغوليا في 1990، والولايات المتحدة تبذل جهوداً هائلة لعقد شراكات سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية مع البلاد، وكذلك لإبعاد منغوليا عن شركائها التقليديين: روسيا والصين. ويأتي ضمن هذا السياق محاولة إشعال «ثورة ملونة» في صيف 2008.

بقلم: فلاديمير أودينتسوف
ترجمة قاسيون

يعود هذا الاهتمام الأمريكي إلى 1990 عند زيارة وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر إلى ما كان يطلق عليه «الجار الثالث» ككناية عن اعتبار منغوليا جارة الولايات المتحدة التي لا تربطها حدود معها، والذي كان هدفه وفقاً للأمريكيين: موازنة التأثير الصيني-الروسي. ثمّ إعلان وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد في 2005 من أولان-باتور عاصمة منغوليا: «الولايات المتحدة مهتمة بشكل استثنائي ببناء قواعد عسكرية في منغوليا، والتي كانت تابعة لوقت طويل للاتحاد السوفييتي».

في الأعوام الأخيرة ركزت واشنطن على إبعاد منغوليا عن الصين، بشكل خاص عبر إثارة قضية الحدود مع منغوليا-الداخلية «وهي منطقة صينية ذات حكم ذاتي». في تشرين الثاني 2019 تمّ عقد «المؤتمر الثامن لدعم مجموعات التبت ومنغوليا-الداخلية»، وهو الذي يشهد مشاركة شديدة النشاط من المخابرات الأمريكية والمنظمة الأمريكية غير الحكومية «الهبة الوطنية للديمقراطية NED» المعروفة بدورها في تغذية وتنظيم «ثورات ملونة» ودعم المجموعات الانفصالية. وكالعادة، هناك اتهام للصين بتصفية الأقليات المنغولية والمطالبة بإجراء تحقيقات ودعم انفصال منغوليا-الداخلية. بين عامي 2006 و2020 قدمت منظمة NED مبلغ 44 مليون دولار للانفصاليين المنغوليين.

لكنّ الشراكة الأمريكية-المنغولية الاقتصادية التي هللوا لها منذ 2016 لم تثمر الكثير من النتائج، علاوة على أنّ المساعدات الأمريكية لمنغوليا قد انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة: من 46 مليون دولار في 2018 إلى مجرّد 12 مليون دولار في 2020.

الدعم الأمريكي غير المشروط لمنغوليا بات مشروطاً بمنح امتيازات استغلال 75 موقع استراتيجي للأمريكيين، ثمن أول عشرة منها 2.75 ترليون دولار. يثير الذهب والنحاس شهية صائدي الموارد الأمريكيين، الأمر الذي يتمم المصالح الاستراتيجية السياسية بسبب مواقع المناجم الجغرافية على الحدود بين منغوليا وإقليم منغوليا-الداخلية الصيني.

تعلّق الولايات المتحدة الآمال على تكرار ما حدث مع الرئيس المنغولي الحالي خالتاما باتولغا، وهو أحد أكبر أثرياء منغوليا، والذي تمّ انتخابه في 2017 بعد استخدامه خطاباً مناهضاً للصين ضمن له الدعم الأمريكي والفوز بالانتخابات. تنوي الولايات المتحدة التركيز على الجوانب التي مررنا عليها في الانتخابات القادمة.

لم تعد حقيقة اهتمام الأمريكيين بآسيا التي تتزايد قوتها الاقتصادية بخافية على أحد. لكنّ ما يثير القلق هو أنّه بمجرّد تزايد نشاط عملاء وممثلي واشنطن في مكان ما، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، تحدث سلسلة من الأشياء السيئة المدمرة. ولهذا على شعب منغوليا أن يظل يقظاً في الأشهر القادمة.

 

بتصرّف: Washington’s Fingerprints All Over Mongolia’s 2021 Presidential Election