هل سيجري استخدام أداة «الإضراب العام» ضمن صراع ترامب-بايدن؟
عماد طحان عماد طحان

هل سيجري استخدام أداة «الإضراب العام» ضمن صراع ترامب-بايدن؟

يرتفع الحديث في الأيام الأخيرة عن السيناريوهات المتوقعة في حال استمر الاشتباك بين ترامب وبايدن حول نتيجة الانتخابات، ولا نعالج هنا الجانب القانوني من المسألة، ولكن نقف تحديداً عند إحدى الأفكار المتداولة في الأوساط الأمريكية عن الآليات الممكن اتباعها كأدوات لتسهيل ما يسمونه «انتقالاً سلساً للسلطة»، ونعني بها هنا «الإضراب العمالي العام».

الجدال حول استخدام أداة «الإضراب العمالي العام»، من شأنه أن يعطي إيحاءً خاطئاً بأن هذه الأداة فعالة حقاً في الولايات المتحدة، أو متاحة بالشكل الموجود في أوروبا مثلاً أو في أماكن أخرى من العالم...

الحقيقة هي أنّ «قانون علاقات العمل الوطني- The National Labor Relations Act»، وهو قانون فيدرالي في الولايات المتحدة، يقر حق الإضراب بشكل عام، ولكنه يضع أيضاً قيوداً وشروطاً معينة لممارسة الحق في الإضراب تقلل أغلبيتها من القدرة التفاوضية للمضربين، مما يفرغ حق الإضراب من مضمونه كأداة لإحداث التغيير. ولعل ذلك هو السبب في أننا لم نشهد إضرابات واسعة النطاق في الولايات المتحدة منذ عقود، وبشكل خاص عامي 2008 وخلال هذا العام، رغم ما شهدته من كوارث اقتصادية أصابت الطبقة العاملة وأوصلت 40 مليوناً من أفرادها إلى البطالة...

أحد القيود هو الحكم قضائياً بأنّ دعوة لإضراب ما ليست قانونية، عندما يكون هدف الإضراب أو غرضه «غير قانوني»؛ وهذا تعبير عام وغامض بما فيه الكفاية بحيث يمكن لمحامي معظم الشركات في الولايات المتحدة أو حتى الحكومة أن يرافعوا بسهولة أمام المحكمة للحصول على قرار في صالح أصحاب العمل، وبالتالي يقوض ذلك بسهولة حق الموظفين في الإضراب.

بالإضافة إلى ذلك، لدى الولايات المختلفة في الولايات المتحدة قوانين مختلفة فيما يتعلق بالحق في الإضراب. نيويورك، على سبيل المثال، لديها قانون يحظر جميع الإضرابات من قبل الموظفين الحكوميين. توجد في ولايات أخرى قوانين تحظر الإضرابات من قبل فئات معينة من العمال، بحجة كونها حاسمة وضرورية للمجتمع، على سبيل المثال: الشرطة، والمدرسون، ورجال الإطفاء، أو موظفو السجون... ومن المعلوم أنّ قوة الإَضرابات تأتي بالضبط من حساسية المواقع التي يعمل ضمنها العمال المضربون، وتجريم إضراب فئات عريضة من العمال هو إفراغ لحق الإضراب من مضمونه.

في ضوء كل ما سبق، وإضافة إلى حال النقابات العمالية المشتتة والمتضاربة والمخترقة بشكل كبير من أصحاب العمل، فمن الصعب على القوى العاملة في الولايات المتحدة أن تمتلك القدرة على استخدام الحق في الإضراب لتكون قادرة على تغيير ظروف العمل وقوانين العمل بشكل كبير، ناهيك عن كونها قوة سياسية كبيرة...

ورغم ذلك كلّه، فإنّ مجرد عودة الحديث عن «الإضراب العمالي العام»، ورغم أنه لا يمكن استبعاد أن يكون ذلك في محاولة لتجميع القوى في إطار صراع النخبة الداخلي، إلا أنه ولا شك أمر مهم؛ فليست المرة الأولى في التاريخ الذي تخلق فيه الطبقة الرأسمالية حفاري قبورها وتدفعهم لتنظيم صفوفهم...

(النسخة الإنكليزية)

آخر تعديل على الثلاثاء, 24 تشرين2/نوفمبر 2020 21:34