تحليل: أبعاد المشروع الأميركي لتوسيع مظلة القبة "الإسرائيلية" نحو دول الطوق

تحليل: أبعاد المشروع الأميركي لتوسيع مظلة القبة "الإسرائيلية" نحو دول الطوق

 المؤسسة العسكرية الأميركية تكشف عن نيّتها توسيع رقعة امتداد منظومة الدفاع الصاروخي في فلسطين المحتلة وتوسيع رقعة انتشارها لتشمل الأراضي الاردنية والمصرية بغية "تعزيز القدرة الدفاعية لإسرائيل"، والحكومتان الأردنية والمصريبة تلتزمان الصمت حيال ذلك.

  افصحت المؤسسة العسكرية الأميركية مطلع الأسبوع الجاري عن نيّتها مدّ نطاق منظومة الدفاع الصاروخي في فلسطين المحتلة وتوسيع رقعة انتشارها لتشمل الأراضي الاردنية والمصرية بغية "تعزيز القدرة الدفاعية لإسرائيل ورفدها بطبقة دفاعية اضافية، وجاء العرض على لسان الملحق العسكري في السفارة الأميركية بتل ابيب، العميد جون شابلاند.

من جهتها التزمت السلطات الأردنية والمصرية السكوت المطبق حيال الخطة الأميركية المعلنة لحماية "اسرائيل" والتي تتضمن منظومة جيلي الصاروخ "آرو" 2 و 3، المنوي دخولها الخدمة الفعلية عام 2016.

الإعلان الأميركي، غير الرسمي، رافقه تحويل الولايات المتحدة مبلغ 429 مليون دولار "اضافيا" بصورة فورية لدولة الإحتلال "تلبية لاحتياجات تصنيع وشراء بطاريات القبة الحديدية.

تجدر الإشارة إلى أن مجموع البطاريات تحت الخدمة الفعلية في جيش الاحتلال  يبلغ تعداده 7 بطاريات، ويتطلّع لنشر ما مجموعه 14 بطارية مع نهاية العام المقبل.         

إثر إعلان الملحق العسكري الأميركي، أوضح المدير السابق "لهيئة الدفاع الصاروخية الإسرائيلية،" ارييه هيرتزوغ، عام 2000 – 2012، أن مسألة توسيع نطاق الحماية الصاروخية ليشمل الأردن كانت مطروحة على جدول البحث خلال فترة ولايته بغية "توفير الحماية للأردن إن تطلّب الأمر.   

المدير الحالي للهيئة المذكورة، يائير راماتي، رحب بالعرض الأميركي الذي يأتي إتساقا مع رغبة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للتعاون الدائم مع دول المنطقة، والتي تشمل الدول المذكورة،كما جاء على لسانه.         

وتغطي مظلة منظومة صاروخ "آرو-2" الحالية نطاق الأراضي الاردنية بما فيها العاصمة عمان .. أما منظومة الجيل المتطور "آرو-3" فيمتد نطاقها إلى مسافة أوسع داخل الأراضي العراقية .. بينما منظومة القبة الحديدية لا تتعدى دائرة اعتراضها 6 أميال (9.6 كلم)"، وفق المعلومات العسكرية المتوفرة. أما منظومة الدفاع الجوي الصاروخية الأميركية، باتريوت، فيبلغ مداها الاقصى 70 ميلا (112.7 كلم) تم نشرها حديثا في الاراضي الاردنية المتاخمة لسورية.

انتشار المنظومة المضادة للصواريخ الباليستية         

تعج منطقة "الشرق الاوسط" بتعدد منظومات الصواريخ المضادة، خاصة وأن دولة الكيان تحتفظ في ترسانتها بعدة نظم مختلفة، كل له اغراضه واهدافه المحددة.

وشرعت الولايات المتحدة في نشر سفن حربية في المنطقة لها القدرة على توفير مظلة حماية متنقلة من الصواريخ المضادة، بالإضافة إلى بطاريات صواريخ الباتريوت الثابتة المنتشرة في مناطق عدة. ونجحت في ترويج المخاوف لدى دول مجلس التعاون الخليجي باعتبار ايران تشكّل تهديدا لوجودها، مما حفّز قادة دول المجلس إلى النظر بنشر منظومة مضادة للصواريخ الباليستية على اراضيها.

في السياق الجغرافي - السياسي، عززت الهند جهودها الدفاعية للتعاون مع "اسرائيل" لتطوير نظام دفاعي يحميها من الصواريخ الصينية والباكستانية. وفي هذا الصدد، سمحت الولايات المتحدة للصناعات "الإسرائيلية" لعب دور ريادي لتصدير النظم الصاروخية، بعضها لا يزال تحت التطوير، تجتمع كلهّا تحت مظلة "حوما،" أي الجدار باللغة العبرية. حقيقة الأمر ان هذا "الجدار" اضحى محطة للجدل في اوساط الخبراء العسكريين "الاسرائيليين،" الذين يجمعون على عدم قدرة المنظومة الراهنة اعتراض كافة الصواريخ الايرانية الموجهة، في حال اتخذت ايران قرارها باطلاق وابل كثيف من الصواريخ في آن واحد. ما يتوفر في ترسانة "حوما" راهنا هو صاروخ آرو-2 للتصدي واعتراض الصواريخ الباليستية ذات المديات المتوسطة والطويلة، ومواجهة الصواريخ الايرانية من طراز "شهاب" 3 و 4 وصواريخ "سجيل".

منظومة آرو تتبع ثلاثة اجيال متعاقبة: النموذج الأول كان لأغراض التجارب، والثاني دخل الخدمة الفعلية، والثالث في مرحلة التطوير ليدخل الخدمة في المسقبل القريب.         

ويشكل جهاز الرادار المرافق لآرو المكوّن الأساس وبالغ الحساسية للتعرّف على كنه النظام وفعاليته. ومن ميزات الرادار التقنية قدرته التغلب على محاولات التشويش عليه وباستطاعته تعقب نحو 200 هدف على بعد 500 كلم في آن واحد، ولديه القدرة على التحكم واطلاق 14 صاروخا اعتراضيا مرة واحدة.         

الجيل الثاني، آرو-2، يتميز بتغطية مدى 100 كلم على ارتفاع اقصى يصل إلى 50 كلم، مما يتيح له القدرة على اعتراض وتدمير الصواريخ الموجهة في مسافات بعيدة عن الهدف المقصود، وتقليص حجم الأضرار الجانبية الناتجة عنه – على الاقل نظريا.         

ولدى المؤسسة العسكرية "الاسرائيلية" عدد من النظم الأخرى للدفاعات قصيرة المدى؛ منها نظام "الباتريوت" الاميركي المعدل من الجيل الثالث، "باك-3"، المضاد للصواريخ الباليستية للمديين القصير والمتوسط، التي تندرج تحتها النماذج القديمة لصواريخ سكود وتفرعاتها مثل "شهاب" 1 و 2.

وكما اسلفنا، تم نشر بطاريات الباتريوت على الحدود الـردنية السورية للتصدي لأي رد صاروخي مصدره الأراضي السورية على فلسطين المحتلة.         

من مثالب نظام "الباتريوت" قدرته المحدودة على تعقّب اهداف متعددة والتي لا تتعدى 100 هدف على بعد 100 كلم، مقارنة بنظم أشد تطوراً وفعالية. باستطاعة الباتريوت تدمير صواريخ نجحت في اختراق منظومة آرو-2، وفق المعلومات العسكرية المتوفرة.

أما نظام القبة الحديدية، الذي لا زال يثير سجالات واسعة حول ادعاءات عالية بفعاليته التي قفزت من زهاء 50% الى نحو 90% دون توفير دليل مقنع وفق المعايير العسكرية المتبعة، فقد دخل الخدمة الفعلية منذ ثلاث سنوات، بغية التصدي للقذائف والصواريخ قصيرة المدى. بينما لا يزال نظام آرو-3 في طور التجربة ولم يدخل ارض المعركة لفحص فعاليته النظرية.         

كرّس جيش الكيان جهودا وموارد مكثفة للترويج لمنظومة القبة الحديدية، لطمأنة الواقع الداخلي لمستوطنيه من ناحية، وابرازه على الساحة الدولية كسلاح فعّال تتسابق على حصوله الدول الأخرى،عند استشعار المنظومة هدف قادم تطلق صاروخا محمّلاً برأس متفجر موجه بموجات الرادار يجري تفجيره في دائرة قريبة من الهدف المرصود، سواء كان مقذوف هاون أو صاروخ، وذلك نظرا لطبيعة تصميمه لتعقب واصطياد اهداف ضمن فترة زمنية قصيرة ادنى مما يتوفر لدى نظم الباتريوت او آرو. وتزعم المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية": ان نسبة نجاح عمل المنظومة يصل الى 90%، بينما يرجح معظم خبراء الشؤون العسكرية ان الزعم مبالغ به ولا تتجاوز فعاليته نسبة 66%؛ بل ان البعض منهم يطرح الزعم جانبا برمته.         

والصواريخ المعترضة برؤوسها المتفجرة باهظة الثمن. ويزعم مروّجو المنظومة أن جهاز الرادار الخاص بها، يصل مداه لنحو 70 كلم، يستطيع تمييز الهدف النهائي للقذيفة او الصاروخ القادم وإصدار إشارات التصدي إن كانت الوجهة مناطق مأهولة بالسكان أو تجاهل اعتراضه كليّا ان تم التعرف على الوجهة بأنها مناطق مكشوفة. وعليه، يمضي المروّجون، باستطاعة المنظومة الاقتصاد في اطلاق الرؤوس المتفجرة وتوجيهها بعيدا عن الأراضي المأهولة.         

في الشق النظري، توّفر مروحة النظم المختلفة للجيش "الاسرائيلي،" آرو-2 وباتريوت والقبة، حماية متعددة التراتبية، وتنكب قياداته على الاستثمار الواسع لتطوير فعالية منظومة الدفاعات المضادة للصواريخ الباليستية. من هذا المنطلق يبرز الاستثمار المشترك مع الولايات المتحدة في تطوير الجيل الثالث من صاروخ آرو، لاعتراض الصواريخ الباليستية في الفضاء البعيد ومواجهتها والارتطام بها على ارتفاعات عالية قبل اقترابها من اهدافها. وذلك بخلاف الجيل الحالي، آرو-2، الذي ينشط ضمن ارتفاعات الغلاف الجوي للكرة الارضية حاملا رؤوسا متفجرة، بغرض تشكيل خط دفاع ثاني مكمل لآرو-3 بالتصدي لقذائف نجحت في اختراق مجال حماية آرو-3.         

جدير بالذكر أن عمر منظومة "باتريوت" المضادة للصواريخ الباليستية بلغ 30 عاما والتي جرى تصميمها لمواجهة جيل الصواريخ السوفياتية التكتيكية العائدة لعقد الثمانينيات من القرن المنصرم؛ ويجري تعديل المنظومة من قبل المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" تحت تصنيف جيل "مقلاع داوود". والميزات التقنية المتوفرة عنه ضئيلة وغير كافية، ورشح انه سيكون باستطاعة المنظومة مماثلة قدرات نظم الباتريوت في التصدي واعتراض القذائف والصواريخ الموجهة وتوفير تداخل بعض مهام الحماية والقدرات التقنية المتاحة لمنظومتي آرو والقبة الحديدية. في مستوى نطاق عمل "المقلاع،" يجري تداول دائرة فعالية قطرها نحو 300 كلم.          

بعض نقاط الضعف في منظومة "مقلاع داوود" تم التعرف عليها تتمركز في الفارق الزمني بين وصول الصواريخ الموجهة لاهدافها قبل تفعيل اجهزة المنظومة، مما حفز قادة الكيان طلب المساعدة من المؤسسة العسكرية الأميركية لتطوير اسلحة تعمل باشعة الليزر لسدّ هذه الفجوة بالغة الخطورة، تكنى بالشعاع الحديدي والذي يقال انه اقترب من مرحلة الانجاز. وعليه، تعوّل المؤسستين الأميركية و"الاسرائيلية" على ادخاله الخدمة كنواة صلبة في طبقة الحماية، نظرا لنطاق عمله في اعتراض اجسام واهداف على ارتفاعات قصيرة تشمل الطائرات دون طيار والصواريخ وقذائف الهاون التي عادة لا تمكث طويلا في التحليق قبل وصولها اهدافها متفادية استشعارها من قبل القبة الحديدية. وجرى الإعلان عن بعض المواصفات التقنية للمنظومة خلال معرض للطيران أقيم في سينغافورة في شهر شباط / فبرايرالماضي.         

ووزعمت شركة "رفائيل" للصناعات المتطورة المنتجة للمنظومة أن احصائيات التجارب الحية تشير إلى نسبة نجاح تفوق 90% للشعاع الليزري في تدمير الأهداف. أما من ناحية الكلفة، فان الأشعة الليزرية تتمتع بخاصية تدني تكلفتها الاجمالية في استهداف الصواريخ الموجهة مقارنة بالصواريخ الاعتراضية المتفجرة.         

وسبق اعلان رفائيل قيام سلاح البحرية الاميركية تجهيز احدى سفنه المقاتلة وناقلة الجند البرمائية، بونسي، بنموذج سلاح يعمل باشعة الليزر العام الماضي ومن المتوّقع رسوّها في موانيء الشرق الاوسط الصيف المقبل. سلاح الليزر يسلط شعاعا ضوئيا يعمل بسرعة الضوء تحت درجة حرارة عالية على هدف تم اختياره دون توليد تفجير، باستطاعته تسبيب العمى لاجهزة المنظار والعين البشرية وحرف اجهزة الإستشعار المركبة على قذائف عن مسارها. من ضمن مهام "بونسي" توفير الدعم لقوات القيادة المركزية الأميركية، سنتكوم، والأسطول الأميركي الخامس في مياه الخليج العربي.         

لدى الترسانة الأميركية ايضا نظم دفاعية اخرى مضادة للصواريخ الباليستية في مناطق متعددة من منطقة الاشتباك في الشرق الأوسط، او بالقرب منها. وحرّكت البحرية الأميركية احدى سفنها المدمرة الأربعة من طراز ايجيس، دونالد كوك، إلى مسرح عملياتها في ميناء روتا الإسباني، الشهر الماضي، بغية توفير منصة اطلاق للصواريخ المضادة والمشاركة في تدريبات حماية الملاحة البحرية لقوات الناتو. يذكر ان القاعدة البحرية الأميركية في روتا الإسبانية تشكل محطة لوجستية حيوية للاسطول البحري الأميركي في مياه البحر المتوسط، وترابط على بعد ابحار مسافة يومين عن موانيء الشرق الاوسط. السفن الثلاثة الأخرى من ذات فصيلة ايجيس من المقرر نشرها في المنطقة خلال العامين المقبلين.         

ورحب السكرتير العام لحلف الناتو، اندرز فوغ راسموسين، بالسفينة الأميركية بونسي قائلا "لاول مرة، ترسو سفينة بشكل دائم في أوروبا تابعة لسلاح البحرية الأميركية محملة بنظام "ايجيس" المضاد للصواريخ الباليستية."         

هاجس انعدام الأمن وعدم الاستقرار لدى دول الخليج، وتغليبها  عامل استعداء ايران عوضا عن التعاون، حفزها لتبقى اسيرة التسلح وزبونا دائما للصناعات التسليحية الغربية، والأميركية بشكل خاص، وتبني الخشية الأميركية من تطور قدرة ايران العسكرية، وسعيها للتماثل مع جيش الإحتلال "الاسرائيلي" في امتلاك نظم دفاعية مضادة للصواريخ الباليستية.

الحكومة الاميركية بدورها خففّت من قيود الشروط المفروضة على بيع تقنية اسلحتها المضادة للصواريخ بحيث يتسنى لدول الخليج العربي شراء أسلحة أميركية، سعياً من الأخيرة لطمأنة تلك الدول التزام الولايات المتحدة بحمايتها، بينما تمضي في الوقت عينه للتوصل الى عقد اتفاقية مع ايران بشأن برنامجها النووي.         

التدابير والتسهيلات الأميركية لقيت ترحيباً واسعاً داخل أوساط شركات الأسلحة، والتي تلقت عدة طلبات بشراء معداتها، منها شركة "راثيون" المصنعة لصواريخ باتريوت حصلت على عقد بيع منظومتي باتريوت للكويت؛ ووقعت دولة الامارات عقدا مع شركة "لوكهيد مارتن" لشراء منتوجها من منظومة الدفاعات الجوية للارتفاعات العالية – ثاد".

توفر تلك الاسلحة لدول الخليج لا يعفيها من مخاطر التعرّض لتهديدات صاروخية متعددة، سيما حين الأخذ بعين الإعتبار التواجد العسكري الإيراني في مياه مضيق هرمز وعلى بعض الجزر المتنازع عليها، مع دولة الامارات، ولديها القدرة على اطلاق صواريخ أرض-أرض تصل إلى الأراضي الإماراتية. الصواريخ المذكورة تصنّف ضمن الصواريخ قصيرة المدى والتي تقع خارج دائرة فعل منظومة "ثاد،" وستبقى مصدر قلق وتوتر لتلك الدول.         

سباق التسلح لدى الدول العربية، والخليجية بشكل خاص، طبع المنطقة بخصوبة نظم الدفاعات المضادة للصواريخ الباليستية على اراضيها، تهدئة لهواجسها من ايران، كما يعتقد. وينبغي النظر إلى نشر تلك النظم المتعددة في سياق الصيرورة المشتركة لجهود دول الخليج بالتساوق مع النظم الدفاعية المكثفة "لاسرائيل،" التي تصل شبكة تغطيتها أراضي مصر والأردن ومنطقة الحجاز، يعززها نشر بطاريات صواريخ باتريوت الأميركية في تركيا والاردن، فضلا عن النظم الدفاعية المتحركة المضادة للصواريخ الباليستية المنصوبة على متن سفن البحرية الأميركية، مما أدى لتغطية مساحات واسعة من الأرض العربية ضمن مظلة دفاعية مضادة للصواريخ.         

كما اسلفنا سابقا، فان التكلفة العالية للقذائف الصاروخية المضادة في المنظومة الدفاعية المتكاملة تثير تساؤلات مشروعة حول فعاليتها عند الحاجة، ويضفي ظلالا من الشك حول قيمتها الفعلية.

الضربة الاولى وغموض النتائج         

يجمع الخبراء العسكريون على عدم أهلية الحصول على نسبة 100% من فعالية التصدي للصواريخ القادمة، بالإشارة أيضا إلى أن الأهمية الإستراتيجية تكمن في تقليص إلى الحد الاقصى عدد القذائف الموجهة ووصولها إلى اهدافها، ورفع معدل عدم اليقين للطرف المبادر باطلاق الصواريخ.         

للاضاءة على هذا الجانب، باستطاعة ايران، مثلا، إطلاق وابل كثيف من الصواريخ الموجهة نحو "اسرائيل" وقناعتها بأن نسبة 20% منها قد تستطيع التملص من شبكات الدفاعات الجوية المنصوبة وتصل إلى اهدافها مباشرة وما سينتج عنها من أضرار ودمار واسع النطاق.

على الجانب الآخر من النظرية، قد لا تستطيع ايران التيّقن من اصابة الأهداف المقصودة أو حجم الصواريخ التي ستعترض خلال مرحلة انطلاقها؛ فهل تستطيع استهداف المنشآت الحيوية في تل ابيب أو مرابط صواريخ اريحا المحملة برؤوس نووية؟ وما هي توقعاتها حينئذ لردات الفعل الانتقامية، والتي قد تشكل عنصرا رادعا بحد ذاته للحيلولة دون القيام بالمهمة؟.         

تشير المعلومات المتوفرة أن ذلك ما كان يدور بخلد القيادتين العسكريتين الأميركية والسوفياتية قبل دخول المنظومة المضادة للصواريخ الباليستية الخدمة بدافع ما يشكله عامل عدم اليقين لدى الطرف المبادر بالهجوم وما سيصاحبه من ردود افعال قاسية.         

لن يمضي وقت طويل قبل أن تجد منطقة الشرق الأوسط نفسها خاضعة لواقع شبيه بما سلف. قدرة إيران على انتاج ونشر عدد هائل من الصواريخ ستواجه بسلسلة متصلة من النظم الدفاعية في المنطقة مما يعقّد الحسابات العسكرية في شنّ الضربة الأولى. ويبقى السؤال مطروحا: هل يأتي هذا المشروع في سياق مدّ حبل النجاة لمساعي كيري في فرض اتفاقية الإطار؟

المصدر: مكتب واشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات الاميركية والعربية
آخر تعديل على الأحد, 16 آذار/مارس 2014 19:26