هل حقاً دعم ماكرون للرسوم إعلاءٌ لحرية التعبير؟
أندريه كوربيكو أندريه كوربيكو

هل حقاً دعم ماكرون للرسوم إعلاءٌ لحرية التعبير؟

في لقاء أجراه المحلل السياسي الأمريكي أندريه كوربيكو حول ما يجري تقديمه بوصفها دعماً من الحكومة الفرنسية لحرية التعبير، وموضوع الرسوم الكاريكاتورية وما تبعها، قدم تصوراً حاول فيه فهم السبب الحقيقي وراء هذا الموقف معطياً مساحة لجميع الفرضيات المطروحة، ومحللاً جوهر الليبرالية وحرية التعبير المقصودتين فيما إذا كانتا مجرّد ذريعة للنخب الفرنسية لحرف اهتمام العامة عن القضايا المحلية الشائكة التي لا حل لها. فيما يلي تقدّم قاسيون أبرز ما جاء في اللقاء:

بقلم: أندريه كوربيكو
ترجمة قاسيون
  • لماذا يدعم ماكرون إعادة نشر رسوم مسيئة للنبي محمد؟

 ماكرون، إما قد تمّ تضليله من قبل مستشاريه، أو أنّه يسعى عن قصد لإثارة المسلمين في بلده وحول العالم، وفي كلا الحالتين هو مسؤول عما فعل. الفرضية الأولى تقول بأنه ومن حوله جاهلون بالتعليقات التي أدلوا بها وبأنهم لم يكونوا يعرفون عواقبها. الفرضية الثانية، وهي الأكثر ترجيحاً، تقول بأنهم يعرفون العواقب تماماً وبأنهم سعوا عن قصد لتحقيقها. يعني هذا بأنّ هناك من يحضّر لطرح خطاب «الحرب على الإسلام» بقصد إلهاء العامّة عن التحديات الداخلية التي يواجهونها. هناك صيحة واضحة تدل على أنّ هناك من يدفع لتحقيق سيناريو صراع الحضارات. مثل هذا السيناريو يصوّر الأمر وكأنّ وجود أرض وسط بين المسلمين الذين اعتبروا الرسومات مسيئة والليبراليين الذين اعتبروها حقاً تعبيرياً، أمرٌ مستحيل.

هناك أمر ديناميكي أكبر لم يحظ بحقه من النقاش: وهو إعادة النظر في مبدأ الليبرالية والذي يجري على طول العالم. ليس المسلمون وحدهم هم الذين ينظرون بريبة إلى هذه الليبرالية. يمكننا أخذ بولندا كمثال – وهي حضارة أوروبية مثلها مثل فرنسا – حيث قامت مؤخراً في شهر تشرين الأول بشكل فعلي بمنع جميع أنواع الإجهاض، الأمر الذي يجعلنا نرى بأن إعادة النظر بالقيم بالليبرالية ليست مقتصرة على ما يجري في المجتمعات الإسلامية فقط.

 

  • هل تبرر الليبرالية مثل هذه الهجمات على الرموز الإسلامية بوصفه حرية تعبير؟

 إذا تحدثنا من الناحية النظرية الصرفة، فالإيديولوجيا الليبرالية تسمح للجميع بالتعبير عن أنفسهم دونما الأخذ بالاعتبار الإهانة التي ستلحق بالآخرين جرّاء هذا التعبير. لكن إذا نظرنا إلى منع وحظر «إنكار الهولوكوست» في فرنسا، فسندرك بأنّ تلك الدولة قد وضعت حدوداً مسبقة بالفعل على حرية التعبير، وهو ما يجعلنا نسأل عمّا إن كانت الحكومة الفرنسية صادقة في تطبيقها وحمايتها لمبادئ حرية التعبير، أم أنّ الأمر برمته مجرد عذر لتبرير تعميق رهاب الإسلام في المجتمع الفرنسي، والاستفادة منه.

 على الحكومة الفرنسية ألا تكون مزدوجة المعايير، فهي إمّا أن تلتزم بالليبرالية المتطرفة حيث لا تقوم بمنع ما يثير  حساسيات اليهود أو حساسيات المسلمين، أو أن تتبنى سياسة تمنع إثارة حساسيات الجميع. يأخذنا هذا إلى أرجحية فرضية أنّ الهدف هو تشتيت العامة عن التحديات والمشاكل المحلية الكثيرة.

 

  • هل هناك أي آثار للصهيونية في هذه السياسة برأيك؟

 رغم أنّه يصعب أن نجد دليلاً مباشراً على دورها في هذه المسألة، إلا أنّ أحد التحليلات المنطقية يأخذنا إلى أنّ زيادة التوترات بين المسيحيين والمسلمين سوف تكون مفيدة للصهاينة، فهي قد تشتت الرأي العالمي عن احتلال فلسطين وعن الكثير من الجرائم التي يتم ارتكابها بشكل اعتيادي. لكن يجب أن نقول بأنّ ما يجري في فرنسا حالياً كان محتوم الحدوث نتيجة الغليان الذي كان مستمراً منذ مدة ليست بالقصيرة، بانتظار الانفجار، وذلك بغض النظر عن تدخل أيادي خارجية فيه.

 

بتصرّف عن: Tehran Times