هستيريا «مكسّر الأقلام»... وما وراءها
تثير الحالة العُصابية لـ«مكسّر الأقلام»، المبعوث الأمريكي الخاص لسورية جويل ريبورن، قدراً كبيراً من السخرية في أوساط السياسيين السوريين. أبعد من ذلك، فإنّ حالته تمثل برأينا تكثيفاً لحالة السياسة الأمريكية اتجاه سورية، وفي السنتين الأخيرتين بشكل خاص.
في الوقائع
انتشر في اليومين الماضيين خبر مفاده أنّ ريبورن قد أصيب بحالة هستيرية خلال لقاء له مع الائتلاف لدى نقاش مسألة الشمال الشرقي. وضمن الهستيريا قيل إنّه كسرَ قلماً للتخفيف من توتره. هذا الخبر ليس الأول من نوعه؛ فإلى جانبه يعدد السياسيون السوريون حوادث عديدة مماثلة...
التفسير الأولي
بالنسبة للقلم المكسور حديثاً، خلال اجتماع مع الائتلاف، فليس من الصعب القول إنّه يعبر عن ارتفاع مستوى التناقض بين واشنطن وأنقرة حول سياسات كل منهما في سورية؛ إذ اعتدنا على خضوع الائتلاف الكامل للأجندة الأمريكية ومطابقته لها، سواء في العقوبات أو غيرها من السياسات والمواقف، ولكن هذا التطور الجديد لا يمكنه أن يعبر عن «استقلالية وطنية» طارئة، بقدر ما يعبر تحديداً عن ارتفاق التناقض بين التركي والأمريكي كما أسلفنا.
أبعد من ذلك
يكمن جوهر المسألة في اعتقادنا، وخاصة مع المؤشر اللافت الذي يطرحه القلم الأخير المكسور، في أنّ مرحلة اللعب الأمريكي على مختلف الحبال قد انتهت، وأنّ الهوامش التي عمل الأمريكيون طويلاً على اللعب عليها لضرب الجميع بالجميع لخلق «المستنقع» وتأبيده، قد باتت ضيقة بشكل كبير. وينجم التوتر الإضافي عن الحاجة الأمريكية الملحة لزرع أكبر قدر ممكن من الألغام ضمن آجال زمنية قصيرة قبل الانسحاب الاضطراري الذي يلوح في الأفق القريب. يضاف إلى ذلك أمران: أولاً، لم يعد أحد يثق أدنى ثقة بالسياسات الأمريكية. ثانياً، لم يعد لدى الولايات المتحدة من السطوة والقوة بالمعنى الدولي عموماً والإقليمي خصوصاً، ما يكفي لإرغام بعض القوى على ابتلاع التناقضات الأمريكية العجيبة دون رفضها أو حتى التعليق عليها.
وبكلمة مختصرة، فإنّ هستيريا ريبورن المتصاعدة، هي تعبير مكثف عن حال السياسة الأمريكية في سورية، والتي تخسر يوماً وراء يوم بالنقاط، ولن يكون بعيداً اليوم الذي تظهر فيه خسارتها بحجمها الكامل!