لماذا يريد حزب الخضر تلويث البيئة؟
إنْ أردنا تقليص انبعاثات الكربون، فعلينا أن نجعل النقل العام بالمجّان. لكنّ وزيرة النقل في برلين، وهي عضو في حزب الخضر، تفعل عكس ذلك تماماً.
بقلم: ناثانيال فلاكين – ترجمة: قاسيون
شبكة خطوط حديد برلين «S-Bahn» هي تحفة بنية تحتيّة فنيّة. يتنقل القطاران الأصفر والأحمر على سكّك بطول 327 كلم تصل مركز المدينة ببقيّة المناطق المحيطة. يستقلّ القطارات حوالي 500 مليون راكب سنوياً. وتشكّل هذه القطارات مع شبكة U-Bahn «نظام قطار الأنفاق» مكوناً حيوياً لنظام النقل العام في العاصمة الألمانيّة.
لكن أثناء وباء كوفيد-19، كانت سيناتورة النقل العام «وهي المساوي المحلي للوزير» تحاول خصخصة الشبكة. إنّها السيناتورة ريجينا غونثر من حزب الخضر – وهو الحزب الذي يدّعي الدفاع عن البيئة والمناخ.
الشيء الأفضل الذي يمكن لحكومة أيّ مدينة أن تفعله كي تقلّص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هو أن تجعل النقل العام مجاني، وأن تموّله من الضرائب على الأثرياء. سيشجّع هذا الناس على هجر سياراتهم واستخدام القطار أو الدراجة الهوائية. لكنّ سيناتورة حزب الخضر فعلت عكس ذلك تماماً: فأسعار النقل العام في برلين ارتفعت بشكل مستمر أسرع من معدل التضخم.
وكما أظهرت لنا عقودٌ من الخبرة، فخصخصة شبكات القطار أمر مدمّر. فالشركات الخاصة، أثناء محاولتها تعظيم أجرها، تقوم بشكل حتمي بتقليص الخدمات أثناء رفعها للأسعار. تتربّح الشركات متعددة الجنسيات في ذات الوقت الذي يعاني فيه العاملون والركّاب.
تذوقت شبكة قطار برلين طعم الخصخصة في عام 2009. فشركتها الأم: شركة القطارات الألمانية المملوكة للدولة Deutche Bahn، كانت تتحضّر لبيع أسهمها للعموم. فبهدف موازنة دفاتر حساباتها، خفضت الإنفاق على صيانة القطارات المحلية في برلين بشكل كبير. وبحلول شتاء 2009، توقفت الكثير من القطارات عن الخدمة لدرجة أنّ كامل النظام بدأ بالانهيار. وفي اللحظة التي توقّفت فيها شركات القطارات الألمانية عن خطّة الذهاب إلى سوق المال، استعادت شبكة قطار برلين توازنها.
تدّعي حكومة برلين عدم وجود بديلٍ عن الخصخصة – تبعاً لأنّ يدي الحكومة مكبلتان بالتشريعات الأوروبية. لكن لو كان أيّ من هذه الأحزاب يؤيد نظام النقل العام المملوك للشعب، لماذا لا يدعون «للتعبئة»؟
هذه التعبئة قائمة بالفعل ضدّ ما يفترض أنّها حكومة «يسارية». عمّال S-Bahn يناضلون بالفعل جنباً إلى جنب مع ناشطي المناخ من حركة «Fridays for Future» وعمّال القطاع العام الآخرين، من أجل إيقاف الخصخصة.
لكن لسوء الحظ، فحزب الخضر الألماني لديه تاريخ طويل في إعطاء الوعود البيئية ثمّ تطبيق السياسات النيوليبرالية. ففي العام الماضي، وافقوا على استمرار عمليات التعدين على الفحم البني/الليغنيت في ألمانيا – وهو من أكثر أنماط الطاقة المطلقة للكربون في العالم – لعدّة عقود تالية حتّى عام 2038! كما وقف رئيس وزراء ولاية بادن-فورتمبرغ من حزب الخضر مؤيداً لدعم الدولة لشراء سيارات جديدة، ومن ضمنها سيارات مرسيدس العاملة على الديزل.
بينما يقوم حزب Die LINKE، وهو الحزب الذي يملك برنامجاً أكثر يساريّة بكل تأكيد، بما في وسعه لترشيد عمل جهاز الدولة النيوليبرالي هذا، فهم جزء من حكومة برلين لعقود، وهي مسؤولة عن خصخصة 200 ألف شقة مملوكة للعموم، وكذلك خدمات المستشفيات وعدد كبير من الشركات.
لا يمكن توقّع قيام حكومة برجوازيّة بكفاحٍ حقيقي ضدّ تغيّر المناخ، حتّى «اليسارية» منها. تحتاج الطبقة العاملة في برلين لشبكة قطارات عامة ونظام نقل عام يدار ديمقراطياً من العمّال والركّاب.
المصدر: عن موقع leftvoice.org، المقال الأصلي بعنوان: Why Is the Green Party Attempting to Privatize Berlin’s Public Transport?