عن الرسالة المسربة... «ليس لدى الجنرال الأمريكي من يراسله»؟
أثارت الرسالة التي وجهها العميد الأمريكي ويليام سيلي الثالث، قائد قوات «مهام العراق» ضمن التحالف الدولي، إلى وزارة الدفاع العراقية، موجة عارمة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن أكثر من ذلك على وسائل الإعلام الأمريكي.
فحوى الرسالة هو إبلاغ وزارة الدفاع العراقية أنّ القوات الأمريكية ستمتثل لأمر خروج القوات الأجنبية من العراق الصادر عن البرلمان والحكومة العراقيتين، وفي السياق فإنّ القوات ستجري إعادة تمركز خلال الأيام والأسابيع القادمة.
للوهلة الأولى، بدت الرسالة حقيقية تماماً، وانتشرت كالنار في الهشيم عبر مختلف المواقع الإخبارية. بعد ذلك بدقائق نفى مارك إسبر، وزير الدفاع الأمريكي، وجود نية لدى القوات الأمريكية بالانسحاب من العراق.
لو أنّ الأمور توقفت عند هذا الحد، لكان ممكناً القول إنّ الرسالة بأكملها ملفقة، وأنّ صاحب التلفيق يستحق أنْ يُسجَلَ له أنه بارع في فهم اللحظة السياسية واختيار التوقيت، بحيث بدت وكأنها رسالة حقيقية فعلاً. لكنّ الفضيحة بدأت حين سألت مراسلة في واشنطن إسبر عن الرسالة ومدى صحتها، ليجيب الأخير بأنّ فريقه «يحاول التحقق من الأمر»
ووصولاً إلى لحظة إجابة إسبر هذه، ما يزال ممكناً القول إنّ الرجل لا يمكنه أنْ يتابع مختلف أنواع «الشائعات» و«التلفيقات» التي تملأ الإعلام لحظة بلحظة... ولكن شرط أنْ تكون تلفيقات فعلاً.
بينما الصحفيون ينتظرون نتائج «التحقق من أمر الرسالة»، عاد إليهم بعد لحظات الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ليقول لهم: «لقد كانت خطئاً... هي مسودة ضعيفة الصياغة وغير موقعة، وكان يجري العمل عليها مع العراقيين»
أي أنها ليست تلفيقاً أو تزويراً، بل هي مسودة فعلية جرى تسريبها بطريقة ما من وزارة الدفاع الأمريكية، وأهم من ذلك أنّ وزير الدفاع نفسه لم يكن على علم بوجودها! وهذا ما علقت عليه الصحفية الأمريكية من أصول عربية جويس كرم بالقول: «ما الذي يحدث! يبدو أنّ وزير الدفاع ليس لديه علم بالرسالة...»
نيويورك تايمز عنونت مقالاً حول الرسالة اليوم «بدا أنّ الولايات المتحدة ستغادر العراق، ولكن ذلك كله كان "خطأً صادقاً"».
وكان ميلي قد أوضح للصحفيين أنّ الرسالة كان يجري تجهيزها لإرسالها في حال تم اتخاذ قرار بالانسحاب، وأن قراراً كهذا لم يتخذ، وأضاف «على الأقل حتى الآن»... وفقاً لنيويورك تايمز.