فنلندا... بالكاد نعرفها
لا يمكننا إلّا أن نسمع، وخاصة بعد موجات اللجوء التي أعقبت الأزمة السورية، الكثيرين يتحدثون عن دول الشمال النوردية (الشائع وصفها بالدول الاسكندنافية) بأنّها "يوتوبيا" الأحلام. وتحوز فنلندا، ذات مخالفات السرعة المشهورة ونظام تدوير العلب البلاستيكية المميّز وحمامات الساونا في وسط الجليد، على قسط واسع من هذا الحديث. لكن هل حقّاً فنلندا هي قبلة الرفاه الاجتماعي الذي يحلم بها الفقراء، ليس في سوريا فحسب، بل في العالم أجمع؟ هل يمكن للسياسات النيوليبرالية أن تتواءم مع الديمقراطية الاجتماعية التي تسعى لرفاه الإنسان وتطوره؟ هل حقّاً يسهو الإعلام السائد، الذي لا يملّ الحديث عن أعجوبة المدارس الفنلندية، عن رواية القصّة كاملة؟ أم أنّه لا يزال عالقاً في قصته في حقبة ازدهار الثمانينيات؟ إنّ الاستثنائية "النورديّة-الفنلندية" ليست استثناء في الحقيقة، بل هي محكومة بذات القواعد التي تنصّ على أنّ دولة الرفاه تعني مناهضة القيم السوقية الرأسمالية والحفاظ على القطّاع العام قوياً وصلباً ليخدم الجميع على قدم المساواة وليمنع إثراء زمرة قليلة على حساب تهميش غالبية الطبقة العاملة.
تعريب وإعداد: هاجر تمام
عليك أن تسلّم بالأمر لفنلندا: في عامها المئوي: تتمتع البلاد "باعتراف قوي بتميزها" و"بالشعور الإيجابي الذي يجلبه ذكر اسمها". هذا هو نوع الكلام الرائج الذي تستخدمه الطبقة السياسية المعاصرة في فنلندا.
فإن اعتمدنا على القصص الواردة في الأخبار الدولية والتي تملأ وسائل الاتصال الاجتماعية، فإنّ بلادنا فنلندا هي يوتوبيا حقيقية. مواطنوها سعداء للغاية، ربّما يعود ذلك لكوننا نحن الفنلنديون شعبٌ غامض "مجبول على الفخر والهدوء" أو لأنّنا كشفنا عن "سرّ النجاح الحقيقي في المدارس والأمهات والأطفال". حيث أنّ "الفنلنديين ليسوا خلاقين من الناحية التكنولوجية فحسب، بل مبتكرين اجتماعيين كذلك. تتمّ رعاية الجميع، من المهد إلى اللحد، عبر دولة سانتا كلوز الودودة. حتّى أثناء حديثنا تقوم فنلندا بدفع حدود أنظمة التعليم العامّة وأنظمة دولة الرفاه السامية بالفعل. البلد الودود والمتساوي، مع رعايته الصحيّة المجانية للجميع ومخالفات السرعة الهائلة لأصحاب الملايين. فنلندا الشاملة والتقدمية: الأخيرة في الفساد والأولى في طوابع بريد المثليين جنسياً".
لكنّ هناك قصّة أكثر ضرورية ليس من المرجح أن تراها في ذلك الإعلام: يتم تفكيك الأشياء التي جعلت من فنلندا مكاناً استثنائياً للعيش بشكل منهجي. لم تعد فنلندا منارة المساواة والتقدم. ورغم كلّ الضجيج الإعلامي والأساطيري، فليس هناك من صيغة نوردية سريّة للعدالة الاجتماعية. تماثل دولة الرفاه الفنلندية الشهيرة، رغم كونها لا تزال أكثر سخاء بكثير من الولايات المتحدة، مسار الدول الصناعية الأخرى. بدءاً من تقدمها بعد الحرب العالمية الثانية ووصولاً إلى تآكلها الحالي. ومع تحجيم دولة الرفاه، يفتح باب السياسة واسعاً أمام اليمين المتطرف.
كيف وصلنا هنا إذاً؟
صعود وسقوط دولة رفاه نورديّة (شمالية):
في ليلة رأس السنة الميلادية 1917، انتظر وفد فنلندي مع بقية الجماهير التي كانت تنتظر ظهور القيادة البلشفية الجديدة. انتظروا بصبر في الرواق المتجمد لمجلس مفوضي الشعب في سانت بطرسبورغ. كان المكان يعجّ بالناس: رسميون شيوعيون (قوميسار) يدخنون وموظفو خدمة عامّة وكاتبو آلة طابعة وبحّارة وضبّاط في الجيش الأحمر.
ثمّ قبيل حلول منتصف الليل، تسلّم الفنلنديون المكسوون بالفراء رسالة: لقد تمّ تلبية التماسهم من أجل الاستقلال. لقد كان الأمر من الناحية النظرية مجرّد اقتراح موجّه إلى اللجنة التنفيذية المركزية، وكان من الناحية العملية أمراً بالتنفيذ يحمل توقيع لينين وستالين وتروتسكي.
تردّد لينين في الذهاب لمصافحة الوفد ذو السعادة الفائقة. قال: "ماذا يفترض بي أن أقول لهؤلاء البرجوازيين؟". تروتسكي أيضاً رفض أن يهنئهم وهو يطلق نكتة: "لن أمانع اعتقال أكثرهم".
لم تكن مشاعر "هؤلاء البرجوازيين" فقط هي التي يمثلها الوفد الذي زار موسكو عشيّة رأس السنة الجديدة. فعلى الرغم من العداء الطبقي المتفجر الذي كان يجتاح المجتمع الفنلندي، فقد كان اليسار مجمعاً بشكل صلب على السيادة الوطنية. في الواقع، أرسل الحزب الديمقراطي الاجتماعي وفده الخاص إلى سانت بطرسبورغ قبل أيام من رأس السنة.
سيلعب الحزب الديمقراطي الاجتماعي في العقود التالية دوراً مركزياً في بناء دولة الرفاه كما نعرفها، ولاحقاً سيبدأ في تفكيكها مع بداية ظهور النيوليبرالية. لقد كان بيان الحزب الديمقراطي "الطوباوي" عام 1903 هو الذي دعا إلى الاقتراع العام والمساواة بين الجنسين والتعليم المجاني والرعاية الصحيّة الشاملة ورعاية الطفولة وإجازة الأمومة وحظر عمالة الأطفال والكثير من الأشياء التي تشكّل أساس دولة الرفاه الفنلندية.
لكن لن يحدث هذا إلّا في وقت لاحق، بعد تصدّر الانقسام الطبقي للمشهد. اندلعت الحرب الأهلية بين الحرس الأحمر الاشتراكيين والحرس الأبيض المحافظين بعد وقتٍ قصير من اعتراف روسيا بدوقيتها السابقة كدولة ذات سيادة. نزل أكثر من عشرة آلاف جنديٍ ألماني في جنوبي فنلندا للقتال إلى جانب البيض، في حين قام السوفييت بتزويد الحُمر بالأسلحة.
لقد كانت المسألة وحشية حتّى عندما انتهت الحرب الأهلية، حيث قُتل أكثر من 1% من كامل السكان. عانى الحمر من أعتى مصابٍ لهم في أعقاب هزيمتهم الساحقة، فتعرضوا للمجاعة الجماعية في معسكرات الاعتقال وللإعدامات غير الشرعية.
غازلت فنلندا الفاشيّة بشكل موجز في ثلاثينيات القرن العشرين. شكّل القوميون الرجعيون نسبة كبيرة في القوات المسلحة وفي الحكومة وبين نخبة الأثرياء. وتوّج هذا الجنوح نحو اليمين بحركة لابوا الفاشيّة بشكل صريح، التي حاولت القيام بانقلاب عام 1932.
دخل الاتحاد السوفييتي فنلندا عام 1939 بعد أن رفض الفنلنديون التنازل عن أي إقليم. شكّلت هذه الغارة نقطة تحوّل، فقد توحدت البلاد ضدّ العدو المشترك.
وبانبثاقه من الدمار، بدأ المجتمع الزراعي الذي يعاني من مستويات مرتفعة من اللامساواة والفقر بالتحوّل بسرعة إلى دولة رفاه نورديّة صناعية ومتمدنة. فبرغم فشل الثورة الحمراء قبل عقدين من الزمان، كانت السياسات اليسارية لا تزال تحظى بدعم واسع. وقد لعب الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي فضّل العمل مع الرأسمالية بدلاً من محاولة تجاوزها، دوراً مركزياً في الساحة السياسية من جديد. لقد دفع الحزب تجاه تطبيق سياسات رفاه مهمّة مثل التأمين الاجتماعي ورعاية المعوقين ومعونات الأمومة.
لكنّ التقدم نادراً ما يحصل من أعلى لأسفل، وقصّة الدولة الفنلندية ليست استثناء. لقد كان الخوف من انتفاضة يساريّة راديكاليّة، تحت ظلّ الاتحاد السوفييتي، هو الدافع تجاه توسيع دولة الرفاه. العامل الآخر هو الوعي المتزايد بأنّ توزيع الثروة هو استثمار وليس عبء. انعكس هذا التفكير، متزامناً مع علو مقام الحزب الديمقراطي الاجتماعي، على الاقتصاد، سامحاً لفنلندا ببناء قطّاع خدمات عامّة ينافس قطّاع السويد الأكثر ثراء بكثير، ليفسح المجال في النهاية لولادة شركات عملاقة مثل نوكيا.
وفي الخمسينيات، أجبرت الاحتجاجات والإضرابات الجماهيرية الحكومة على التخلي عن خططها للتقليل من الحقوق المكتسبة بشقّ الأنفس، مثل استحقاقات الطفولة والتعويض عن اضمحلال الأمان الاجتماعي في الريف الفنلندي عبر توسيع نطاق إعانات البطالة. لطالما وجد الحزب الديمقراطي الاجتماعي نفسه على خلاف مع قاعدته، وكذلك مع الشيوعيين متزايدي التأثير الذين لم يتم إلغاء تجريمهم إلّا مؤخراً.
بدأت وجهات النظر تتحوّل بشكل دراماتيكي في الفترة التي سبقت حلّ الاتحاد السوفياتي، فقد بات الزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشوف هو الذي ينظر إلى الدولة الإسكندنافيّة كأنموذج لجهوده الإصلاحية.
لقد كانت الثمانينات هي سنوات الذروة لدولة الرفاه الاجتماعي الديمقراطية في فنلندا، وليس من المُستغرب أن يرى غورباتشوف الكثير ممّا يعجبه ويريد محاكاته لدى جيرانه النورديين. من المفارقات أنّها كانت أيضاً حقبة "اقتصاد الكازينوهات": وهي قيام البنوك التي تمّ تحريرها من القيود الحكومية حديثاً بإقراض أيّ أحد يطلب، ممّا أدّى لتحليق الأسواق. لقد كان تحرير فنلندا لأسواق رأس المال انعكاساً للاتجاهات العالمية، إلّا أنّ تغييرات الاتجاه التي قام بها الحزب الديمقراطي الاجتماعي بالتزامن مع هذه الحقبة كانت سبّاقة لأوانها أيضاً، وهي التي سبقتها تحولات مماثلة تجلّت في "الطريق الثالث" في بريطانيا وألمانيا والسويد.
لقد انتهى ازدهار الثمانينيات كما في بقيّة الأماكن بأزمة مصرفية وعمليات إنقاذ على حساب النفقات العامّة متبوعة بكساد مُقعِد في التسعينيات. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، شهدت فنلندا انخفاضاً في صادراتها.
بدأ الحزب الديمقراطي الاجتماعي بإعادة هيكلة نفسه بقيادة رئيس الوزراء بافو ليبنونن، على غرار ما حصل في حزب العمّال البريطاني مع طوني بلير والحزب الديمقراطي الأميركي مع بيل كلينتون. وضاعفت الحكومة الاعتماد على العلاج النيوليبرالي الذي أدّى لحدوث الأزمة في المقام الأول. لقد تمّ وضع فنلندا على مسارها الحالي، أي الانحدار والاتجاه نحو اليمين، بعد إلغاء الضرائب التصاعديّة على الأرباح الرأسماليّة وتنفيذ تدابير تقشفية صارمة بشكل متزايد.
الفنلنديون الأصيلون، فنلندا الأصيلة:
لا يبدو بأنّ وسائل الإعلام الدولية تحصل على التحديثات. فالقصص الإخبارية عن فنلندا لا تزال عالقة عند مرحلة طفولتنا في الثمانينيات. فرغم أنّ فنلندا هي اليوم دولة أكثر ثراء، فقد تمّ توجيه هذا النمو منذ التسعينيات إلى جيوب الأثرياء، في حين أصبح الفقراء أكثر فقراً وأكثر عدداً. تستمرّ "الاستدامة الماليّة" بشكل مستمر ودراماتيكي بلعب دور البعبع من أجل تبرير الاقتطاعات في الخدمات العامّة.
ربّما التسليم بأنّ الحكومة الفنلندية تحمل سكانها في قلبها دائماً هو من جعل التقارير كسولة في تحديثاتها. فقد غفلت قصص "الإصلاحات المدرسية الفنلندية" الجديدة عن ذكر كونها توفّر التغطية لنبش أحشاء النظام التعليمي الذي لطالما شكّل مصدر فخرها وللتسريح الجماعي للعمّال في الجامعات، والذي يتمثّل هدفه النهائي في القضاء على التعليم العالي المجاني تماماً. إنّ هدف القصص التي تسوقها الحكومة عن التجربة الفنلندية في الدخل العام الأساسي أن تصرف الأنظار عن تمزيق قطّاع الخدمات العامّة وعن خصخصة الرعاية الصحيّة وعن الاقتطاعات التي تصيب قلب الفئات الأكثر تهميشاً.
بينما يتخيّل الكثيرون يوتوبيا نورديّة، فإنّ من يدير فنلندا الآن هم رجال أعمال ناعمو البشرة يخبئون أموالهم السريّة في الجنان الضريبية، ويستغلّون علاقاتهم الأسرية لتحصل شركاتهم على العقود الحكومية، ومهووسون بنقد وسائل الإعلام لهم. هل تبدو هذه الصفات مألوفة؟
رغم أنّ رئيس الوزراء يوها سيبيلا لا يحاول بناء جدار حدودي حرفياً، فإنّ استجابة فنلندا اللا إنسانية لأزمة اللاجئين، إلى جانب تسليح السعودية، يسخر من جميع الأشياء التي يهنئون أنفسهم بها.
لم تُحجم حكومة الائتلاف اليمينيّة التي يرأسها سيبيلا عن استغلال مشاعر كراهية الأجانب التي تجتاح أوروبا، ليرحب "بحزب الفنلنديين" الذي كان مهمشاً من قبل، والذي يترجم اسمه بشكل حرفي "الفنلنديون الأصيلون – الحقيقيون"، في ائتلافه. لقد عبّر وزير الدفاع الحالي جوسي نينيستو بشكل صريح عن إعجابه بحركة لابوا الفاشيّة في ثلاثينيات القرن العشرين.
وقد امتدّ تآكل قيم المساواة إلى حكم القانون. فقد شددت الحكومة من أجل محاباة حزب المناهضين للهجرة الفنلندي السياسات الصارمة بالفعل المتعلقة باللاجئين، إلى حدّ الإخلال بالالتزامات الدولية وتجاهل القوانين الوطنية. لقد قامت دائرة الهجرة بفصل العائلات عن بعضها، فحبست الأطفال والأمهات الحوامل، وأعادت طالبي اللجوء إلى مناطق النزاعات رغم عدم البتّ بقضاياهم بعد. وفي الوقت نفسه، ورغم رفض المحاولات العدوانية والمتكررة للحكومة من أجل إعادة النظر بكامل نظام الرعاية الصحي والاجتماعي لكونه أمراً غير دستوري، إلّا أنّها إن نجحت في مساعيها فسوف تلحق ضرراً كبيراً سيصعب التراجع عنه.
ومع شعور الطبقة العاملة المنتمية "لحزب الفنلنديين" بخيانة ممثليهم لهم عند موافقتهم على إجراءات التقشف، فقد انحسر دعمه في الأشهر الأخيرة. انتخب "حزب الفنلنديين" رئيساً جديداً له في بداية انعقاد جمعيته العامّة بشكل فوضوي في حزيران: اليميني المتطرّف ذو الصلات مع الفاشيين جوسي هالا آهو. لكن لم يتم إسقاط الحكومة بعد: فقد قام وزراء "حزب الفنلنديين" بمناورة غير مسبوقة في منتصف مدّة ولايتهم، فانشقوا عن الحزب وانضموا إلى مجموعة برلمانية جديدة، واستمروا في مزاولة أعمالهم كالمعتاد. الحزب الذي يمسك السلطة الآن لم يكن له وجود في الانتخابات حتّى، ونسبة مؤيديه التي تثير الضحك لا تزيد عن 0.7% من مجموع الناخبين.
لقد فعّلت الحكومة وضع العلاقات العامّة لديها من أجل النجاة من فضيحة أخرى، فقد نددت بشكل قاطع بزعيم الحزب هلا آهو وبتابعيه النازيين. يقول رئيس الوزراء سيبيلا عن ذات الأشخاص الذين جمعه بهم شراكة وحكموا البلاد لمدّة عامين، أثناء مؤتمر صحفي: "نحن لا نشاركهم ذات القيم".
هذه العلاقات العدائية ظاهرياً (والتكافليّة في الواقع) بين النيوليبراليين والقوميين العرقيين، شائعة بشك متزايد في جميع أنحاء العالم الرأسمالي المتطور، بدءاً من كلينتون وترامب في الولايات المتحدة ووصولاً إلى ماكرون ولوبان في فرنسا. بينما تفعّل المؤسسة الرأسمالية لعبة الشرطي السيء والشرطي الجيّد لتربك الناخبين وتقسمهم بشكل عميق، يزحف الزعماء الذين يصفون أنفسهم بالوسطية نحو اليمين أكثر من أيّ وقت مضى. يسقط أثناء ذلك الحصن المنيع الذي يقاوم اليمين: سياسات الرفاه الاجتماعي القويّة والعامّة، أيّ أكثر ما يقولب "الاستثنائية النورديّة".
لن يتم تفكيك دولة الرفاه الفنلندية بين عشيّة وضحاها. فمبادئها راسخة بعمق في السكان، بل ومنصوص عليها في الدستور أيضاً. وعلى مستوى أكثر بروزاً، تشكّل المصالح المتداخلة للطبقة الإدارية ونقابات العمال وقادتها وكثيرين في المؤسسة السياسية، طبقة حماية أخرى ضدّ هذا التفكيك: لا يزال هناك عدد كبير من الأشخاص المؤثرين، وغالبيتهم ممّن ترعرعوا في جيل الازدهار، الذين لن تخدمهم التغييرات الجذرية في الوضع القائم. لكن ما الذي سيجلبه التحوّل في الأجيال القادمة؟
الاتجاه في الولايات المتحدة واضح: يميل الشباب نحو اليسار ويطالبون بصوت عالٍ بذات الحقوق المكفولة لأقراهم في بلدان الشمال النوردي. لكن في حين يعلّق الأمريكيون الشباب آمالهم على أمثال بيرني ساندرز ونينا ترنر، فإنّ قادة فنلندا المستقبليين الذين جاؤوا في عهد تحويل الديمقراطية الاجتماعية إلى نيوليبرالية، يجنحون نحو اليمين. أظهر استطلاع أجري مؤخراً أنّ خيار الفنلنديين الذين تقلّ أعمارهم عن خمسين عاماً، وتحديداً أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34، لمنصب رئيس الوزراء هو أعتى ديماغوجي يميني متطرف في البلاد: جوسي هالا آهو.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني