سورية الجديدة ستكون أول نماذج عالم جديد نقف على أعتابه
أجرت جريدة الطريق المغربية حواراً مع أمين حزب الإرادة الشعبية، مهند دليقان، هذا نصه:
الطريق: نرحب بك الأستاذ مهند، أنتم عضو هيئة تحرير جريدة قاسيون، وعضو أمانة حزب الإرادة الشعبية، ورئيس وفد منصة موسكو لمفاوضات جنيف في جولاته 5 و6 و7. نود في جريدة الطريق أن نستثمر اهتماماتك السياسية المتعددة لاستعراض عدد من سمات الصراع في سورية والتي تطفو في الساحة السياسية وطنياً وإقليمياً ودولياً.
يهدف قرار مجلس الأمن رقم 2254 في جوهره إلى فتح الباب أمام السوريين لكي يجدوا الحل السياسي لوحدهم. ما هي المحطة التي بلغها هذا القطار الذي يتوقف كثيراً في كل محطة؟
مهند دليقان: شكراً لكم على الاستضافة، ويسعدني أن أتوجه من خلالكم بالتحية الرفاقية للنضالات المستمرة التي تخوضها القوى اليسارية في المغرب.
نعم، كما تفضلتم، الجوهري في القرار 2254 هو أن السوريين وحدهم، هم من يحق لهم تقرير مصيرهم. ولكن هنالك نصوصاً عديدة ضمن قرارات دولية تخص مناطق مختلفة من العالم، تقول أيضاً بحق تقرير المصير للشعب المعني، ولذا فليس ما يميز 2254 هو مجرد القول بحق تقرير المصير؛ بل بالضبط أنّ هذا القول ليس حبراً على ورق كما كان حال قرارات عديدة طوال النصف الثاني من القرن العشرين، لأن هذا القرار الذي صدر نهاية العام 2015 هو أحد أهم التعبيرات عن التوازن الدولي الجديد، التوازن الذي تتراجع بموجبه القوى الغربية والإمبريالية بمجملها، وخاصة مركزها الأمريكي، وبالمقابل نرى تقدماً واضحاً لقوى صاعدة على رأسها روسيا والصين، وهذه القوى لا تتقدم بوصفها قطباً مضاداً للقطب الغربي كما يحلو للبعض أن يوصف أو يبسط الأمور؛ بل إنها تتقدم بوصفها حاملاً موضوعياً لمنظومة علاقات دولية جديدة بالكامل، قاعدتها الأساسية هي إنهاء كل أشكال التبادل اللامتكافئ، أي أشكال الاستعمار الحديث وأدواته، وإرساء علاقات تكافؤ واحترام وتعاون بين الدول، وهذا كله لا يمكن أن يستقر دون امتلاك الشعوب قولاً وفعلاً لحقها في تقرير مصيرها. بكلامٍ آخر، فإنّ حق الشعوب في تقرير مصيرها اليوم، هو حق قابل للتطبيق في ظل التوازن الدولي الجديد وليس مجرد شعار حقوقي.
وكما أشرتم في سؤالكم، فإن صعوبات عديدة تعيق وتؤخر تطبيق هذا القرار، وهذا أمر متوقع لأنّ تنفيذ 2254 بشكل كامل بات يعني ترسيخاً نهائياً للتوازن الجديد الذي تكلمنا عنه، وليس مجرد إيحاء أو إشارة عنه كما كان الحال وقت إصدار القرار في 2015، ولذا فإنّ كل أنواع القوى الميتة بالمعنى التاريخي، على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، تحاول أن تمسك بتلابيب الحي كما يقول ماركس لتمنعه من الولادة، ولكن مصير هذه المحاولات جميعها لن يكون سوى الفشل. وبات بإمكاننا القول الآن بشكل مؤكد، وبعد فشل المجموعة المصغرة الغربية، والتقدم المستمر لثلاثي أستانا، إنّنا على بعد أشهر لا غير من البدء بالتطبيق الفعلي للقرار.
الطريق: ساهم حزب الإرادة الشعبية بفعالية (اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين سابقاً) في إنشاء جبهة يسارية وطنية أطلق عليها اسم "الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير" والتي تحولت لاحقاً إلى «جبهة التغيير والتحرير»، بأهداف محددة وشاملة، ماذا تشكل هذه الجبهة في الساحة السورية الآن؟
مهند دليقان: جبهة التغيير والتحرير والتي جرى إطلاقها منذ العام الأول من الأزمة، تضم قوى متعددة ليست جميعها يسارية من حيث تركيبتها، ولكنها وطنية وساعية للحل السياسي، وتضم ضمنها قوى عشائرية وقوى ساهمت ضمن الحراك الشعبي السلمي، إلى جانب أحزاب سياسية عريقة، وهذه الجبهة نفسها هي النواة الأساسية لمنصة موسكو للمعارضة السورية التي نجمت عن اجتماعات لسوريين معارضين جرت في موسكو عام 2014، وتم الاعتراف بها كأحد ممثلي المعارضة السورية الرسميين ضمن القرار 2254، وهذا بحد ذاته كان خرقاً مهماً للمحاولات الغربية لاحتكار التمثيل المعارض بمعارضين من الطراز الذي يأتي لبلاده على دبابة المحتل.
أما ما الذي تشكله على الساحة السورية، بمعنى ما هو حجم جماهيرها ومؤيديها من السوريين، فأمام هذا السؤال نفضل دائماً القول: حين تجري أول انتخابات ديمقراطية ونزيهة ستظهر أوزان الجميع، ولكن من حيث التمثيل الطبقي فإننا ندّعي أن خطنا السياسي وطروحاتنا تلبي مصالح وطموحات 90 بالمئة من السوريين المنهوبين والمضطهدين، ونعمل بينهم لكي نحصل على اعترافهم بنا كممثلين لمصالحهم.
الطريق: هل هذه التجربة المريرة التي مر بها الحزب الحاكم في سوريا والمؤامرة الخارجية والداخلية التي استهدفت سورية والتي يظهر أنه لم يكن يتوقع حجم خطورتها ولا تعدد الأطراف المشاركة فيها، دفعته لأن يقوم بنقد فكره وممارسته ويغير من عدد من المسلمات مثل الحزب القائد؟ هل تشعرون في الجبهة أنكم طرف شريك سياسي في هذه المرحلة الصعبة؟
مهند دليقان: الوضع في سورية أكثر تعقيداً بكثير من مجمل التوصيفات التي يجري تقديمها في الإعلام. دعني أبدأ بالقول إنّ الانقسام الذي يجري الحديث عنه بين (نظام ومعارضة) أو بين (موالاة ومعارضة) هو تصنيف شكلي وغير صحيح. توجد ضمن النظام في سورية، وضمن المعارضة، وضمن المجتمع، قوى وتيارات وشخصيات وطنية همها الأساسي هو وحدة سورية وسيادتها ومصلحة أبنائها وتخليصهم من الكارثة التي يعيشونها. وبالمقابل، توجد أيضاً ضمن النظام والمعارضة والمجتمع، قوى وتيارات فاسدة ومستبدة ومرتبطة بالغرب، وما يهمها هو الحفاظ على نهبها ومواقعها بأي ثمن كان، حتى لو كان الثمن هو سورية نفسها. بكلام آخر، فإنّ الفرز الطبقي الوطني، هو الوحيد الذي يسمح بتحقيق اصطفاف حقيقي في سورية، وغير ذلك من شأنه فقط أن يعمق الكارثة ويدفع الفقراء والمنهوبين إلى الاستمرار بقتل بعضهم بعضاً لمصلحة الفاسدين من الأطراف المختلفة.
ومن هذه المقدمة أصل للجواب؛ قوى الفساد الكبير الموجودة ضمن النظام، لها نفوذ كبير رغم قلتها عددياً، وحزب البعث يحتوي ضمنه كما النظام نفسه والمعارضة والمجتمع، على ناهبين ومنهوبين، وعدا عن أنّ تحميله مسؤولية كل ما جرى فيه ظلم للوطنيين ضمنه، فهو أمر غير موضوعي لأنّه لم يكن الحاكم الفعلي في البلاد طوال العقود الثلاثة الماضية على الأقل. بمقابل ذلك فإنّ سلوك قوى الفساد الكبير المرتبطة اقتصادياً على الأقل بالغرب وبالأوروبيين خاصة، ليس ناتجاً عن قصور معرفي فحسب، بل هو ببساطة سلوك يتناسب مع مصالح الشريحة الطبقية التي تمثلها، وهي طبقة رأس مال مالي تشكلت كنتيجة لتراكم النهب والفساد عبر عقود.
من جهة ثانية، فإنّنا لا نوافق على الطريقة الرسمية في وصف المؤامرة على سورية، فالمؤامرة على سورية لم تبدأ عام 2011، بل إنّ سورية منذ استقلالها لم تعش يوماً واحداً دون وجود مؤامرات بالجملة تحاك ضدها، لكن ما يحدد نجاح المؤامرة أو فشلها، أو نجاحها الجزئي وفشلها الجزئي، هو درجة التحصين الداخلي ضدها؛ وبهذا المعنى فإننا نسمي الاتجاه الليبرالي الذي تبنته السلطات في سورية ابتداء من 2005 والذي أدى إلى إفقار كارثي سريع للسوريين، نسمي هذا الاتجاه بأنه هو المؤامرة الأكبر التي حيكت ضد سورية من تيارات ضمن النظام نفسه وبالتعاون مع المؤسسات الغربية وتنفيذاً لتوصياتها، والجزء الإرهابي من المؤامرة هو استكمال طبيعي للجزء الأول.
الطريق: الأطراف الخارجية المتدخلة في سورية لتدميرها وإسقاط نظامها متعددة، الشيء الذي يتطلب جواباً من الجبهة على هذا التعدد، لكن لم تعط أهمية إلا للبنان وفلسطين والعراق تحت عنوان دعم المقاومة في هذه البلدان الثلاثة، لماذا هذا التخصيص؟ ولماذا عدم إعطاء أهمية لبناء يسار إقليمي ودعم القوى المناضلة في كل البلدان التي تشكل مع الإمبريالية قطباً متناغماً؟
مهند دليقان: لا نعتقد أن هدف الأطراف الغربية المتدخلة في الشأن السوري، هو إسقاط النظام؛ هدفهم هو إسقاط سورية وتفتيتها، الفوضى «الخلاقة»، والأطراف الفاسدة والمتشددة ضمن النظام وضمن المعارضة وضمن المجتمع، هي أدوات متعددة للمشروع نفسه، سواء ساهمت في ذلك بشكل واعٍ أم دون علم منها. بالنسبة لسؤالكم، فالنضال ضد الإمبريالية في كل مكان من العالم هو في نهاية المطاف نضال واحد ومشترك، ولكن هذا لا يقلل من أهمية الخصوصيات التي تتمتع بها المناطق المختلفة؛ المنطقة التي تمتد من قزوين إلى المتوسط، وتضم في ما تضم: سورية وتركيا وإيران والعراق ولبنان وفلسطين المحتلة... هي الآن بؤرة الصراع الأساسي على المستوى الدولي، ومن ينتصر فيها سينتصر في العالم بأسره، لأنّ إنهاء الصراعات في هذه المنطقة يعني فتح الطريق أمام «قطار الشرق السريع» الممتد من الصين، وعبر كل هذه البلدان وصولاً لروسيا ومنها إلى أوروبا. وهذا «القطار» هو البناء التحتي للعالم الجديد، وهو القطار الوحيد القادر على تشييع الدولار إلى مثواه الأخير...
الطريق: الصراع المذهبي وخاصة منه بين السنة والشيعة أججته الإمبريالية والصهيونية والرجعية، وهو إحدى المعطيات القائمة رغم كل المحاولات الجارية لتلافيه، كيف ترى سبل مواجهة هذا المخطط الخطير الذي يسارع الخطى لبلوغ حرب إقليمية؟
مهند دليقان: الصراع الطائفي وكذلك القومي، هما أداتان أساسيتان ضمن مشروع الفوضى الخلاقة. ما أستطيع تأكيده، هو أنّ ثنائية (سني- شيعي) كأداة للصراع في منطقتنا قد جرى إغلاق الأفق التاريخي أمامها بشكل نهائي، وباتت من الماضي تقريباً، وأما الثنائيات القومية فلا تزال تستخدم هنا وهناك ولكنها ستبلغ المصير نفسه وفي وقت غير بعيد. ينبغي الانتباه إلى الأهمية الكبرى لمنظومة أستانا الإقليمية (روسيا- تركيا- إيران) في هذا الإطار؛ رغم أن هذه المنظومة تشكلت على أساس استعصاء حل الأزمة السورية، ولأن الدول الثلاث معنية مباشرة بحلها، إلا أن امتدادات التفاهمات بين هذا الثلاثي باتت أوسع بكثير من حدود سورية، ووصلت إلى ملفات عديدة منها ملفات في آسيا الوسطى وغيرها. تركيا هي تقريباً أكبر بلد إسلامي يضم أكثرية سنية، وإيران أكبر بلد إسلامي يضم أكثرية شيعية، والتعاون الواضح والمعلن القائم بين الدولتين اليوم، وبتحفيز مستمر من الروس، ومن الضرورات الموضوعية التي تفرضها العقوبات الأمريكية المستمرة عليهما، وجه ضربة قاصمة لثنائية (سني- شيعي)... وهذا التعاون نفسه مع تطوره، سرعان ما سيضع حداً للخلافات القومية على أسس الاحترام المتبادل والتعاون، إنّ التراجع العام للأمريكي وللغربي يعني أيضاً ضعفاً مستمراً في أدواتهما، وهذا ما نراه على أرض الواقع؛ لا يكفي الاعتراف بأن هنالك توازناً دولياً جديداً، علينا أن نرى معاني هذا التوازن وتأثيراته على المستويات الكلية والجزئية.
الطريق: ما هي حظوظ نجاح مخطط المحافظين الجدد والصهيونية في جر بعض الحكام العرب إلى مؤامرة تصفية قضية الشعب الفلسطيني؟
مهند دليقان: اسمحوا لي أن أطرح الأمور بشكل معاكس تماماً؛ الكيان الصهيوني اليوم، وبتأثير التوازن الدولي الجديد، وبتأثير المقاومة الفلسطينية التي لا يأتي يوم جديد إلا وتظهر فيه أكثر قوة وتمسكاً بالحقوق من سابقه، هو بالضبط المهدد، ويعيش خطراً محدقاً. يكفي في هذا السياق متابعة الهلع والرعب المسيطرين على ما تنشره مراكز أبحاث العدو، ولذا فإن كل ما يقال عن «صفقة القرن» نعتقد أنه يهدف إلى أمرين: الأول هو استباق التغيرات الكبرى القادمة والتهديد الوجودي القادم عبر رفع تكلفة إنهاء عنصرية وفاشية هذا الكيان بالسلوك التوسعي الذي تتضمنه «صفقة القرن»، بكلام آخر، فإنّ الأمريكي ضمن تراجعه العام وانسحابه الوشيك من كامل المنطقة، يعمل على تحصين آخر قلاعه فيها وهي الكيان الصهيوني. أما الهدف الثاني فهو استخدام هذه المسألة نفسها لتطبيق مزيد من الضغوط على الدول النفطية ودول عربية كبرى، وصولاً بها إلى مرحلة الانفجار الداخلي على أمل خلق نماذج جديدة من حرائق الفوضى الخلاقة التي من شأنها إن حدثت تأخير إرساء التوازن الدولي الجديد، أي تأخير إقرار الأمريكي بالهزيمة.
الطريق: كيف تتصور طبيعة الصراعات في المنطقة العربية إذا ما انجر بعض الحكام العرب إلى تكوين ما سمي بناتو عربي؟
مهند دليقان: لا نعتقد أنّ هنالك أي حظوظ لتشكيل شيء من هذا القبيل؛ فالناتو الأصلي نفسه يعيش حالة صراعات داخلية مريرة، وهو على وشك التفكك والتحلل، فكيف يمكن أن نتصور نشوء ناتو عربي في هكذا ظروف؟ وإن جرى ونشأ شيء من هذا القبيل، وأعيد التأكيد أنه احتمال أقرب للصفر، فهو لن يكون سوى مهزلة من طراز الجامعة العربية لا تقدم ولا تؤخر، الهدف منه هو تعزيز احتمال حرب إقليمية يطحن فيها الجميع الجميع، ولكن هذا غير قابل للتحقق بوجود الصين وروسيا وثلاثي أستانا.
الطريق: هل سيتصاعد نضال الشعوب ضد حكامها أم سيتضاءل ويخفت؟
مهند دليقان: إذا كان العنوان العريض للمرحلة التي نعيشها هو التوازن الدولي الجديد، فإنّ هذا التوازن نفسه ليس إلا نتيجة لعاملين أكثر جوهرية وعمقاً: الأزمة الرأسمالية العالمية العميقة والشاملة والتي يمكن لها أن تكون الأزمة النهائية لهذه التشكيلة، والحركة الشعبية العالمية المتصاعدة في كل أرجاء العالم، ووظيفتها هي توفير العامل الذاتي الضروري لدفن الرأسمالية نهائياً. إنّ ظاهرة الحركة الشعبية بمعنى النشاط السياسي المتصاعد للجماهير ليست ظاهرة عابرة أو مؤقتة أو محدودة جغرافياً، هي ظاهرة ممتدة زمنياً وتقديرنا قياساً على القرون الثلاثة الماضية والحركات الشعبية التي ظهرت خلالها، أن الحركة الشعبية في موجتها الحالية ستمتد لعدة عقود قادمة، وضمن هذه العقود ستخبو أحياناً وتتنشط أحياناً أخرى لكن الاتجاه العام، الميل العام لحركتها هو نحو صعود دائم ونحو مزيد من التنظيم والقوة والنضج. وهذه الحركة ليست «ربيعاً عربياً» بل هي ظاهرة عالمية من أميركا اللاتينية إلى الصين ومروراً بكل القارات والدول، بما في ذلك الصين وروسيا نفسهما، وبهذا المعنى فإننا نقول إن التوازن الدولي الجديد لن يكون ثنائية قطبية على غرار الحرب الباردة، بل سيتجه نحو انعدام للقطبية على المستوى الدولتي، يتأسس على انتصار واضح للاستقطاب الأساسي (شعوب- إمبريالية).
الطريق: هل يمكن أن يحصل طلاق بين القيادة الفلسطينية وبين أولئك الحكام، وهل سيؤدي ذلك إلى بروز قيادة فلسطينية جديدة وبأسلوب جديد يرتبط أكثر مع القوى اليسارية والديمقراطية في المنطقة؟
مهند دليقان: السلطة الفلسطينية هي جزء من النظام الرسمي العربي، وهي بهذا المعنى تنتمي إلى الفضاء السياسي القديم الذي مات سريرياً وبقي تكريمه بدفنه، لكي يجري فتح الباب أمام الفضاء السياسي الجديد، الذي يعبر عن الناس حقاً والذي يتكون من قوى جديدة بالكامل، إضافة إلى من يتمكن من التكيف من قوى الفضاء القديم، وبهذا المعنى لا نتوقع طلاقاً بين السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية لأن أرجلهم جميعهم في «فلقة واحدة»، ولكننا نتوقع بكل تأكيد أن الشعب الفلسطيني قادر على دفع قيادات صلبة ومبدعة جديدة إلى الواجهة.
الطريق: كيف سيكون الوضع في سورية، إذا ما حصل هذا التحول وأصبح واقعاً؟
مهند دليقان: رغم كل المآسي التي مر بها الشعب السوري، فليس مصادفة أنه أول شعب نال استقلاله من الاستعمار الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، ولن تكون مصادفة أيضاً أن سورية عبر تطبيق الحل السياسي واستعادة سيادتها الوطنية، أي سيادة الشعب السوري على دولته وموارده، فإنها ستكون أول نموذج من نماذج العالم الجديد الذي نقف الآن على عتباته...