عسكرة إفريقيا لمواجهة النزوح منها؟
كتب فينيان كونينغهام في صحيفة مؤسسة «Strategic culture» مقالاً يلقي فيه الضوء على النوايا الأوربيّة-الغربيّة في إفريقيا المتعلقة بعسكرة القارّة من أجل إيقاف الهجرة. وهي خطوة لا تثير الدهشة كونها تعبّر، كما صاغها الكاتب: «عن الإمبرياليّة الأوربيّة الجديدة، التي تحاول دفن المشاكل الاجتماعيّة-الاقتصادية تحت كومة من السلاح»، واستخدام مقاربات عنيفة للتعامل مع المشاكل التي خلقها الغرب نفسه. ويؤكد المقال بأنّ: «هذه المقاربة سوف تزيد من سوء المشاكل الإنسانيّة لملايين البشر الذين مزقتهم الحروب والفقر».
تعريب: هاجر تمام
فالاجتماع الذي عُقد العام الماضي في باريس والمعلن أنّ هدفه «محاربة الإرهاب في الساحل»، وهي المنطقة الشماليّة الغربيّة من الصحراء الإفريقيّة. حيث شكّلت فرنسا في وقت سابق من هذا العام ما يعرف «بمجموعة الخمسة» التي تشمل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا.
وتمّ استضافة رؤساء البلدان الخمسة الكبار في باريس، وحضر الاجتماع كذلك المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي باولو غينتيلوني. وشمل الحضور كذلك وزراء خارجيّة السعوديّة والإمارات. وطلب الرئيس الفرنسي من السعوديّة والإمارات المساهمة بتمويل قوات مجموعة الخمسة العسكريّة، حيث قامت الدولتان بدفع 100 مليون دولار و30 مليون دولار بشكل متتالي، وهو ما يشكّل نصف المبلغ المدفوع. حيث كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي هما المتبرعان الآخران لصندوق مجموعة الخمسة «لأعمال مكافحة الإرهاب»، حيث دفع كلّ منهما 60 مليون دولار.
يوجد قرابة أربعة آلاف عسكري من البلدان الإفريقيّة الخمسة المذكورة، وجميعها من المستعمرات الفرنسيّة السابقة. وهناك مثل هذا العدد من القوات الفرنسيّة. وهناك كذلك قوّات خاصّة أمريكيّة كما تبيّن من إطلاق النار الذي حدث في النيجر في تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل أربعة جنود أمريكيين.
ويشدد الكاتب بأنّ وراء إعلان الأوربيين الحرب على «الإرهاب وعلى نقل البشر غير الشرعي» نوايا واضحة باستخدام القوات العسكرية في منع الهجرة المتزايدة إلى أوروبا، والتي سببها نهب الشركات الغربيّة للقارّة أولاً، والعمليات العسكرية التي قادها الناتو في ليبيا والتي دمرت الدولة عام 2011، والتدخل العسكري الفرنسي في مالي 2013 ثانياً. فالنخب الأوربيّة تخشى على تماسك الاتحاد الأوربي الذي بات مهدداً بالموجة القوميّة التي تشعلها هجرة الفقراء إلى القارة إلى حدّ كبير، والتي تلقي باللائمة على الاتحاد الأوربي فيها.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني