مطلوب انتكاسة سعودية وتركية!
خليل حرب خليل حرب

مطلوب انتكاسة سعودية وتركية!

ماذا يعني التفجير في بئر العبد في سياق مشهد دخان الموت الإقليمي؟ يعني ان مفاعيل الإرث الاسود للعام 2013 ما زالت مستمرة، وانه اذا كان للعام الجديد ان يكون اكثر إشراقا، فسيكون عليه ان يحمل إلينا أملين، أو فلنقل رهانين، من العراق الى سوريا وصولا الى لبنان.

لم تكن بصمات السعودية وتركيا بمثل هذا الوضوح. بلغت أدوارهما ذروتها، الى الحد الذي جعل الرهان على عام افضل، ينتظر حصول انتكاستين سياسيتين للرياض وأنقرة. كيف؟
اذا كان من جانب يسجل لمصلحة العام 2013، فهو انه اظهر بشكل لا لبس فيه، المدى الذي ذهبت اليه كل من السعودية وتركيا في إشعال جبهات الاقتتال السوري، التي بات واضحا كيف امتدت نيرانها الى كل من العراق ولبنان.
هناك حوالى 100 الف قتيل في سوريا خلال العام الماضي. هناك مئات الضحايا في كل من العراق ولبنان - وحتى في تركيا نفسها - سقطوا، في تفجيرات وعمليات انتحارية واغتيالات واشتباكات مرتبطة بشكل او بآخر بساحات الدم السوري.
ان آلاف اطنان الاسلحة وآلاف المسلحين الذين فتحت لهم ابواب الجنة عبر بوابة سوريا، كانت مساهمة لئيمة قدمتها السياسات السعودية والتركية. لم تعد هذه تهمة. ولم تعد مجرد تقارير اعلامية تنشر هنا وهناك. لا بل ان بعض المسؤولين السعوديين، تباهوا علانية بدور المكرمة السعودية في أشكال «الدعم» هذه، او ما صار واضحا انه ... «الخراب السوري».
لماذا اذن «الانتكاسة» السعودية والتركية ضرورية؟
ان اكثر السياسيين والمراقبين تفاؤلا، لا يعولون الكثير على مؤتمر «جنيف 2» المقرر في الشهر الحالي. هو النافذة السياسية الوحيدة المفتوحة بحثا عن مخارج سلمية. لكن اقصى ما يطمح اليه اصحاب النوايا الحسنة، هو جمع طرفي الصراع في قاعة تفاوض واحدة، وكسر الجمود السياسي للازمة التي مضى عليها ثلاثة اعوام.
ولا توجد مؤشرات يعتد بها على ان السعودية توشك على اجراء تعديل جدي في سياستها السورية المعتمدة حتى الآن على فكرتين: تجريم النظام السوري بهدف إضعافه وعزله، وفي الوقت نفسه، دعم حرية سوريا... بخرابها.
لا بل ان التوقعات تشير الى ان «شهر جنيف السوري» سيكون اكثر دموية، حيث بلغت الرهانات السعودية مداها الاكثر خطورة، ودخلت مرحلة كسر العظم، ولا امل بالتالي بوقفة ضمير مفاجئة، او خروج سعودي مقنع من المذبحة السورية، سوى بالرهان على حدوث خضة أمنية ما، تهز المملكة، وتدفعها الى مراجعة سياساتها وتدحرج رؤوسا امنية كالامير بندر، او الرهان على حدوث التغيير المرتقب في قمة هرم السلطة، وهو احتمال يتزايد الحديث بشأنه مع استمرار اعتلال صحة الملك وولي عهده.
اما على الصعيد التركي، فان الرهان كما اظهرت الاسابيع الاخيرة من العام 2013، استمرار انزلاق المسار السياسي لرجل تركيا القوي رجب طيب اردوغان، ما قد يجبره في محاولة لانقاذ نفسه، او ارث حزبه الحاكم، على محاولة تعديل سياسته السورية، وهو ما يبدو انه بدأه بالفعل من خلال اعادة التموضع التي اجراها في سياسته الخارجية، او انه سيبقى في مسار السقوط بينما هو يقترب من اختبارَي الانتخابات البلدية في آذار والانتخابات الرئاسية في آب.
هل يمكن التفكير برهانات أخرى أفضل خلال هذه السنة الجديدة؟ ربما. لكن الى ان تتحقق الانتكاستان، ستظل الغيوم، من بيروت الى دمشق وبغداد، ملبدة في سمائنا.

السفير