اللاجئون السوريون في كردستان العراق بين برودة الطقس وإهمال المنظمات الدولية
يسكن ما يقارب من 220 الف لاجئ سوري خيما مؤقتة ضمن مخيمات في إقليم كردستان العراق، يصارعون تحتها انخفاض درجات الحرارة الحاد إلى مادون الصفر وتساقط الأمطار والثلوج في تلك المناطق، بينما ينتقد المعنيون بشؤون اللاجئين السوريين أداء المنظمات الدولية المسؤولة عن إدارة تلك المخيمات.
في مخيم "عربت" 30 كم جنوب شرقي مدينة السليمانية، إحدى مدن اقليم كردستان شمال العراق يبث رشيد هادي أحد اللاجئين السوريين معاناته بالقول: "مياه الأمطار تدخل إلى الخيام التي نسكن فيها، والتي لاتقينا برودة الشتاء، ونشعر بالبرد على الرغم من توزيع المدافئ والوقود على العوائل التي تسكن المخيم." ويضيف أن "الحمامات في المخيم تخلو من المياه الساخنة، وتمنى الانتقال إلى المخيم الجديد الذي يتم بناؤه من قبل منظمات الأمم المتحدة بأسرع وقت، نأمل أن تكون الأوضاع فيه جيدة".
ويشكو هادي "شح" المساعدات المقدمة لهم:"يقدم للاجئين مواد غذائية مثل الرز والسكر وحليب الأطفال، لكنهم يشترون الخبز والخضروات على حسابهم الخاص".
بينما يعاني اللاجئ حسين يوسف (60 عاما) من مرض البروستات، ويقول لـ"أنباء موسكو"، إن المراكز الصحية في المخيم تفتقر للعلاج لمثل هذا المرض، ويشتكي من قلة المساعدات المالي المقدمة له، والتي "لا تكفي لشراء السكائر" على حد وصفه، على الرغم من عدم استطاعته العمل بسبب كبر سنه، لكنه مع ذلك يؤكد أن الأوضاع بشكل عام في المخيم جيدة.
ويقول إنه نزح هو وزوجته إلى المخيم، بينما بقية افراد عائلته مازالت في سوريا، وان هناك اتصالات مستمرة معهم عن طريق الهاتف الجوال.
وتقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين بثلاثة ملايين لاجئ، توزعوا على البلدان المجاورة لسوريا، مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق، منذ بدأ الأزمة السورية عام 2011.
ومن جهته، يقول رئيس مجلس اللاجئين السوريين في محافظة السليمانية خالد عبدالله لـ(انباء موسكو)، إن "أوضاع اللاجئين السوريين في كردستان العراق سيئة جداً وخصوصا في فصل الشتاء، ثمة نقص قي المواد الغذائية وأدوات التدفئة".
ويشدد في حديثه على معاناتهم بسبب "سوء إدارة المخيم من قبل منظمات الأمم المتحدة، وخصوصا أن منطقة كردستان العراق معروفة بشتائها القارص، ومن الصعب جدا أن تقي الخيام اللاجئين من هذا البرد".
وقد سجلت مدن إقليم كردستان انخفاضا في الحرارة، إلى مادون ثلاث درجات ترافق مع تساقط للثلوج في مدينة السليمانية في الأيام السابقة.
ويفيد رئيس مجلس اللاجئين:"تم توزيع أجهزة التدفئة والوقود على كل الأسر الساكنة في المخيم، وكذلك تم توزيع الأجهزة الكهربائية والملابس الشتوية المقدمة من بعض المنظمات المحلية ومن قبل أهالي المنطقة المجاورة للمخيم".
ويوضح أن "مخيم عربت في محافظة السليمانية تم بناؤه بشكل سريع ومؤقت ويتكون من خيام، في حين يتم حاليا بناء مخيم جديد كان المفروض تسليمه للاجئين يوم 15 تشرين الاول الماضي، لكن إلى حد الأن لم يكتمل بناؤه، بسبب تقصير الأمم المتحدة التي تعتبر المسؤولة عن بنائه"، ويؤكد أن "المخيم الجديد من المفروض أن يحتوي على أبنية ومزودة بمطبخ صغير ومخدومة بشبكات الصرف الصحي".
وينتشر اللاجئون السوريون في العراق على أربعة مخيمات رئيسية، أكبرها مخيم دوميز في محافظة دهوك، وثانٍ قرب مدينة أربيل، وثالث في مدينة عربت التابعة لمحافظة السليمانية. وجميع المخيمات الثلاثة تقع في حدود إقليم كردستان، بينما يقع المخيم الرابع قرب مدينة القائم التابعة لمحافظة الأنبار غرب العراق.
ويؤكد عطا محمد أحمد مدير عام منظمة"سي دو" التي تقدم جزءا من خدماتها للنازحين السوريين بدعم من المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن "وضع اللاجئين في كردستان العراق جيد اذا تم مقارنته بأوضاع أقرانهم في تركيا أو الأردن أو لبنان، من ناحية الحقوق والحريات وسهولة الحركة وتقديم الوثائق الرسمية للحصول على عمل في الاقليم".
ويضيف أن "المساعدات التي تقدم للاجئين تأتي من قبل منظمات حقوق المجتمع المدني المحلية، وثمة دعم جزئي مقدم من حكومة اقليم كردستان، ومن منظمات الامم المتحدة. ولكن هذه الجهود لا تلبي حاجة اللاجئين".
ويعتبر أن "الأمم المتحدة تظلم اللاجئين السوريين الموجودين في إقليم كردستان والعراق ولا تدعمهم بشكل كاف، مقارنة بدعمها للاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان، حيث هناك تميز بناحية الدعم المالي واللوجستي وبناء المخيمات".
ويوضح ان "هناك فرقا كبيرا ما بين المخيمات التي بنيت في الأردن ولبنان وتركيا من ناحية نوعية البناء وعددها ونوعية الخدمة المقدمة للاجئين مقارنة بالمخيمات التي بنيت في العراق".
وكمثال على ذلك يرى أن "المنظمات الدولية تأخرت في بناء المخيم الجديد في منطقة عربت، بسبب الدعم القليل من قبل الجهات التي تقوم ببناء هذا المخيم ممثلة بالامم المتحدة، وفي حال اكتمال بناء هذا المخيم فسوف يستوعب 2300 عائلة فقط، أي ان محافظة السليمانية تحتاج إلى مخيم أكبر".
يشار إلى أن وزارة الخارجية وحكومة العراقية تطالب بالضغط على المجتمع الدولي والجهات المانحة لزيادة الدعم للاجئين السوريين في العراق بشكل عام وكردستان بشكل خاص.
المصدر: أنباء موسكو