مجموعة العشرين لم تنجز رسالتها التاريخية بعد
يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة للأزمة المالية الدولية.
قبل عشر سنوات، بدأت الأزمة المالية في الانتشار بسرعة من وول ستريت، ادت الى حدوث نوبة هلع شديدة في السوق العالمية والمجتمع الدولي، قلقا بشأن عودة كابوس الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. وفي اللحظة الحاسمة، اجتمع قادة مجموعة دول العشرين التي تمثل 85٪ من الاقتصاد العالمي. وبعد حوار متساوي واجراءات منسقة، تم انقاذ الاقتصاد العالمي من الانزلاق السريع الى الهاوية، واعادته الى مسار الاستقرار والنمو. ومنذ ذلك الحين، ظهرت آلية قمة قادة مجموعة العشرين.
اجتمع قادة مجموعة العشرين على مدى السنوات العشر الماضية بشكل منتظم لتوجيه وتعزيز الاقتصاد العالمي، واصبحت منصة معترف بها للتعاون الاقتصادي الدولي. وعندما أصبحت الازمة شيئا من الماضي، يبدو أن البعض يعتقد أن التنسيق والتعاون السياسي لمجموعة العشرين لم يعد ملزما ولا ملحا، حتى ان البعض شكك في دور واتجاه تنمية مجموعة العشرين.
هل انتهت بالفعل المهمة التاريخية للمجموعة العشرين، وباتت غير مهمة؟ الجواب هو لا. في الوقت الحالي، لا يمكن تجاهل المخاطر والضغوطات التي تواجه الاقتصاد العالمي بالرغم من نموه، حيث خفضت المؤسسات الدولية الرئيسية من توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي للمرة الاولى في السنوات الاخيرة. وعلى المدى المتوسط والبعيد، لم تحل التناقضات الأساسية مثل عدم كفاية الطاقة الحركية الاقتصادية، وتخلف نظام الإدارة الاقتصادية العالمية، وعدم التوازن في التنمية الدولية بشكل فعال. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن الصراعات في المجال الاقتصادي والتجاري تنتشر في المجالين السياسي والأمني، وهذا ليس خبرا سارا للسلام والاستقرار العالميين.
السنوات العشر الجديدة تدعو الى قيادة جديدة. تعد مجموعة العشرين منصة مهمة للحوار والتشاور المتكافئ بين الدول المتقدمة الرئيسية والأسواق الناشئة والدول النامية، وتعتبر تقدما رئيسيا في عملية الإدارة الاقتصادية العالمية. ونعتقد أن مجموعة العشرين يجب أن تستمر في لعب دور المحفل الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، ومواصلة روح الشراكة وتحمل المسؤولية التاريخية، وتتوافق مع تيار التنمية وتقود اتجاه التعاون.
مجموعة العشرين ستظل تدافع عن تعددية الأطراف. تعد تعددية الاطراف صورة مصغرة لإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، واثبتت أنها وسيلة فعالة لتحسين الادارة العالمية والتصدي للتحديات المشتركة وتحقيق التنمية المشتركة. في حين أن تعزيز الاحادية والحمائية لن يجلب إلا الاضرار لمصالحنا جميعا. ويعتبر نظام التجارة المتعددة الأطراف مركزه منظمة التجارة العالمية مظهرا هاما للتعددية، يجب تعزيز دوره ولا يمكن اضعافه. وتوافق الصين على مواكبة العصر واجراء الاصلاحات اللازمة لمنظمة التجارة العالمية. وفي الوقت ذاته، نعتقد أنه ينبغي التمسك بالقيم والمبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية واحترام وحماية حقوق التنمية والحيز الإنمائي للبلدان النامية.
مجموعة العشرين ستظل تدافع عن روح الشراكة. تعد روح الشراكة أثمن ثروة روحية تولدت من التعاون مجموعة العشرين في عشر سنوات، وينبغي أن نواصل تعزيز تنسيق سياسة الاقتصاد الكلي والتعامل البناء مع الاختلافات، كما ينبغي للبلدان المتقدمة تحمل مسؤوليات الواجبة والنظر في التأثير على البلدان النامية عند صياغة السياسات.
مجموعة العشرين ستظل الكيان المثالي في الإدارة الاقتصادية العالمية. بعد اندلاع الازمة المالية الدولية، نفذت مجموعة العشرين سلسلة من الاصلاحات استجابة لأوجه القصور في الادارة الاقتصادية العالمية، وتعزيزا للقدرة العالم على مقاومة المخاطر. لكن من الواضح أن هذه المهمة لم تنجز بعد. وينبغي أن نستمر في بناء نظام مالي دولي عادل ومنصف وشامل ومنظم لحماية الاقتصاد العالمي.
مجموعة العشرين ستظل رائدة في النمو المبتكر. تكمن المشكلة الكبرى في عالم اليوم في الافتقار الى الطاقة الحركية من أجل النمو، وأن الابتكار هو الطريق الوحيد للخروج منها. ويجب علينا أن ندرك بقوة فرص الثورة العلمية والتكنولوجية الجديدة، ونعزز التعاون في مختلف المجالات مثل تطبيق التقنيات الجديدة والاقتصاد الرقمي والعمل المستقبلي، وإظهار حيوية وقيادة مجموعة العشرين بنتائج تعاون ملموسة. وفي الوقت نفسه، يجب أن نهتم ايضا بالتأثيرات السلبية للتطبيقات التكنولوجية الجديدة على الاقتصاد والمجتمع والحياة، ومساعدة الناس على جني فوائد التقنيات الجديدة والتنسيقات الجديدة، والحد من ظهور فجوات جديدة.
مجموعة العشرين ستظل تعزز التنمية الشاملة. ينبغي علينا تشجيع بنشاط تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وتعزيز ترابط البنية التحتية، ومساعدة البلدان النامية على تسريع تنميتها. "عدم ترك أحدا في الخلف".
والصين التي تحتفل بالذكرى الأربعين للإصلاح والانفتاح مؤيد قوي ومدافع عن تعددية الأطراف واقتصاد عالمي مفتوح. كما ستظل الصين تسير على طريق التنمية السلمية، والاصلاح والانفتاح، والمنفعة المتبادلة. ونحن على استعداد لتعزيز التعاون مع جميع الأطراف، وبناء التوافق، وتعزيز الثقة بالاقتصاد العالمي، والمساهمة في التعاون الدولي والتنمية المشتركة.