الاتحاد الأوربي يريد إفشال بريكزت
يعلم المسؤولون في أوروبا أنّ بإمكانهم الاعتماد على رئيس الاتحاد الأوربي، البولندي دونالد توسك، لتحقيق غاياتهم في إفشال مفاوضات بريكزت. لا يعود وجود هذا الرجل في منصبه اليوم في واقع الأمر لكونه رئيس الوزراء السابق لبلاده، بل لسببين مختلفين: فخلال الحرب الباردة قامت عائلته، وهي من أقليّة تشاشوبه، باختيار الولايات المتحدة بدلاً من الاتحاد السوفييتي، بالإضافة إلى أنّ صديق طفولة توسك هي أنجيلا ميركل.
تييري ميسان
بدأ توسك بمساءلة الاشتراك البريطاني في البرامج السنوية المتعددة التي يتبناها الاتحاد الأوربي. فإن كانت لندن ستدفع المبالغ التي وافقت عليها، فلن يكون بإمكانها مغادرة الاتحاد الأوربي دون دفع ضريبة خروج تتراوح ما بين 55 إلى 60 مليار جنيه إسترليني.
تمّ ترشيح الوزير والمفوض الفرنسي السابق مايكل بارنييه ليترأس المفاوضات مع المملكة المتحدة. كان بارنييه قد أثار بالفعل عدداً من الأعداء في الأرجاء، وهم الذين عاملهم بشكل سيء أثناء أزمة عام 2008. علاوة على ذلك، يحلم الممولون البريطانيون بتولي مسألة قابلية تحويل اليوان الصيني إلى يورو.
قبل بارنييه أن يكون الألماني سابين وي مساعده. لكن في الحقيقة السيّد وي هو من يقود المفاوضات، ولديه مهمّة إفشالها.
ففي ذات الوقت فإنّ الرجل الذي «صنع» مهنة إيمانويل ماكرون: الرئيس السابق للمفتشية العامة للتمويل السيّد جان بيير جوييه، قد تمّت تسميته كسفير لفرنسا في لندن. إنّه صديق لبارنييه وقد توليا معاً أمر الأزمة المالية عام 2008. ومن أجل القضاء على بريكزت، يعتمد جوييه على زعيم المحافظين المعارضين لتيريزا ماي: رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس العموم، الكولونيل توم تغندهات.
اختار جوييه زوجة تغندهات: أنيسيا لتكون مساعدته في السفارة الفرنسية في لندن، وهي خريجة «المدرسة الوطنية للإدارة» النخبوية.
خرجت الأزمة للعلن أثناء اجتماع المجلس الأوربي في سالزبورغ في أيلول 2018. قدمت تيريزا ماي الإجماع الذي تدبرت أمر الحصول عليه في بلادها، والذي ينصح بأن يستخدمه الكثيرون كمثال يحتذى به: «خطّة الداما chequers plan» التي تحافظ فقط على الصلات السوقية الاعتيادية بين الكيانين، لكن لا تحافظ على حرية حركة المواطنين والخدمات ورأس المال، وألّا يتم حكمها من قبل نظام أوروبا القانوني والإداري. رفض دونالد توسك هذه الخطّة بشكل قاسٍ.
علينا عند هذه اللحظة أن نعود خطوة للوراء. الاتفاقيات التي وضعت حداً لتمرّد جيش التحرير الإيرلندي على الاستعمارية الإنكليزية لم تحلّ أسباب النزاع، فالسلام وجد فقط لأنّ الاتحاد الأوربي سمح بإبطال الحدود بين دولتي إيرلندا. طالب توسك، من أجل منع عودة حرب التحرير للنشوب أن تبقى إيرلندا الشمالية ضمن قطّاع جمارك الاتحاد الأوربي. يعني هذا إن حصل خلق جبهة يتحكم بها الاتحاد الأوربي، وشطر المملكة المتحدة لقسمين، وفصل شمال إيرلندا عن بقيّة البلاد.
أثناء الجلسة الثانية للمجلس، قام توسك أمام أعين رؤساء الدول والحكومات، بطبق الباب بشدّة أمام وجه السيدة ماي، تاركاً إياها وحيدة. وهي الإهانة العامّة التي لا يمكن أن تبقى دون عواقب.