من يشكّل الأجندة| الاعتماد الخطر على الإحسان الرأسمالي
«هذه السلسلة من المقالات هي خلاصة لدراسة طويلة وتفصيليّة عن ذات الموضوع، ويمكنكم الاطلاع عليها باللغة الإنكليزية من هنا».
تعريب وإعداد: عروة درويش
- الإحسان الرأسمالي: تطبيق نموذج الأعمال لقياس النتائج:
أحد الميزات الرئيسيّة لأكثر المؤسسات الخيريّة الخاصة هي ممارساتها في تطبيق الأعمال والمقاربات السوقية على مسائل التنمية. يتضمن هذا تركيزاً قوياً على النتائج والتأثيرات. فبينما يمكن لهذه المقاربات أن تكون مجدية من حيث زيادتها للمساءلة، فهي تضع متلقي المنح تحت ضغط لإظهار نتائج تكون إيجابيّة وفقاً لتعريف المانحين، ممّا يعطي الأفضلية للتدخلات التي تنتج مكاسب قصيرة المدى على حساب الاستثمار في المبادرات التي تكون فيها المنافع ملموسة فقط على المدى الطويل. وبناء عليه، تهمل المؤسسة الخيريّة الاستثمار في المجالات التي لا يمكن حصد نتائجها إلّا على المدى الطويل.
فبعض المؤسسات الخيريّة، مثل مؤسسة غيتس، تفضّل أن تتدخل في البرامج المصممة لتنتج آثار سريعة. وعليه، فإنّ التركيز على مقاربات الربح السريع، مثل تطوير لقاح أو نشر المبيدات الحشرية والناموسيات المعالجة كيميائيّاً، يجعلها تهمل العوائق البنيوية والسياسية أمام التنمية (مثال: أنظمة الصحّة العامّة المهلهلة). إنّ منح المال على أساس تحليلات التكلفة-المنفعة وتحليلات عائدات الاستثمارات، يشكل خطر عدم دعم أولئك المحتاجين الحقيقين، بل أولئك القادرين على تقديم تدخلات زهيدة وناجحة. يجب انتقاد المؤسسات التي تتبع منطق أعمال مجرّد على قيامها «بتزعم» الفقراء عوضاً عن القيام «بتمكينهم».
ففي حين أنّ شراكة مؤسسة غيتس مع «تحالف اللقاح GAVI» و«الصندوق العالمي» قد زودهما باستدامة أكبر من تلك التي يزودهما فيه الدعم الحكومي، فلهذه الشراكة وجه آخر أيضاً، هو أنّ هؤلاء الشركاء يعتمدون بشكل كلي على استمرار إحسان بيل وميليندا غيتس.
بأي حال، بما أنّ المؤسسات الخيريّة تستثمر معظم أصولها في أسواق المال، فإنّ دخلها المتأتي عن الفوائد وأرباح الأسهم يعتمد بشكل كلي على الوضع الاقتصادي العام، وبالتالي هباتها تعتمد على ذلك. أثناء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة، هبط التمويل الدولي الذي تمنحه أكبر 1300 مؤسسة خيريّة أمريكية بشكل كبير جداً (بنسبة 32% بين عامي 2008 و2010). وعليه فليست المنح الإحسانية غير ثابتة وحسب، بل كذلك تميل للانخفاض في أكثر الأوقات التي يكون الناس بحاجة إليها.
- منصة الإحسان ما بعد 2015:
في سبيل تمكين القطّاع الإحساني من لعب دور أكثر نشاطاً في تخطيط وتنفيذ «الأهداف التنموية المستدامة»، ولتطويبها كشريك استراتيجي للأمم المتحدة وللحكومات حول العالم، تمّ إطلاق منصة الإحسان ما بعد 2015 بالتزامن مع لقاء الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 69 في نهاية 2014. كان «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» مع «مركز المؤسسات الخيريّة» ومستشارو مؤسسة روكفيلر الخيريّة ومؤسسة فورد الخيريّة ومؤسسة كونراد هيلتون الخيريّة ومؤسسة ماستر كارد الخيريّة، هم المبادرون لإنشاء هذه المنصة، ولحشد الدعم العالمي لها.
في جلسات الجمعية العامة الخاصة بجدول أعمال تنمية ما بعد 2015، شرحت نائبة رئيس مؤسسة روكفيلر ومستشارته هيذر غريدي توقعاتهم على الشكل التالي:
«لا نريد أن نكون مجرّد [قطّاع غير حكومي] آخر، قطّاع لا يتم ذكره ضمن المجموعات الكبرى. ونحن نرى بأنّ الاعتراف بنا من أعلى مستويات سياسيّة، والشراكات العالمية من أجل تنمية فاعلة، كخطوة إيجابيّة في هذا الطريق... أولاً: يجب على الأمم المتحدة والحكومات أن تفتح أيديها لنا وتخلق بيئة أكثر تمكيناً للمؤسسات المحسنة، سواء ضمن نطاق محلي أو بشكل عابر للحدود».
لقد كانت الأهداف الأربعة المعلنة لمنصة شراكة ما بعد 2015 مع مؤسسات الإحسان:
- إنشاء سبلٍ تسمح للإحسان أن يشترك بشكل أكبر كشريك لجداول أعمال ما بعد 2015.
- إنشاء طرق جديدة لوصل مؤسسات الإحسان بأنظمة التنمية البيئيّة.
- تطوير بنى الدول لتتماشى مع انخراط الإحسان والشركاء فيه.
- جمع البيانات على الاستثمار الإحساني لتكون مفتوحة أكثر أمام العامّة، والسعي لإيجاد شركاء، والترويج للقصص حول فاعلية هذه الشراكات.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني