هل انطلقت الحرب التجارية؟
إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية عالية على واردات الفولاذ والألمنيوم يثير قلق العشرات من البلدان حول العالم ويمكن أن يثير حرباً اقتصادية بين القوى العالمية.
فقد أعلن الرئيس ترامب فرض تعريفات جمركية على استيراد الفولاذ بقيمة (25%) والألمنيوم بقيمة (10%)، وهذا ما أثار قلق عشرات البلدان الموردة. وقالت واشنطن إن هذه الخطوة، التي تتنافى تماماً مع قواعد منظمة التجارة العالمية، ستُسهم في حماية الصناعة الأمريكية.
وبدأ ترامب بهذه الخطوة حرباً تجارية مع العالم كله. واقترحت وزارة التجارة الأمريكية في وقت سابق فرض تدابير حماية واسعة النطاق على توريد الألمنيوم والفولاذ من الخارج لأنها تقوض الأمن القومي للولايات المتحدة.
وانخفض مؤشر "داو جونز" بمقدار أكثر من 2%، بعد تصريحات ترامب الأخيرة. ومع ذلك ارتفعت قيمة أسهم منتجي الفولاذ الأمريكيين بشكل كبير.
رجل يفعل ما يقوله
وعد الرئيس ترامب أثناء حملته أنه سيعيد إحياء صناعة الفولاذ والألمنيوم الأمريكية.
ووفقاً للإحصاءات فإن واردات الولايات المتحدة من المعادن أكبر بأربع مرات مما تصدره، وتُستخدم منتجات الولايات المتحدة المعدنية في أكثر من 100 دول حول العالم.
وستفرض هذه التدابير، أولاً وقبل كل شيء، على كوريا الجنوبية وكندا والصين وأوروبا.
ويقول ترامب أن هذه التدابير الوقائية ستؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة واقتصاد أمريكي سليم. ومع ذلك، سيسبب ارتفاع تكلفة الفولاذ والألمنيوم الأمريكي، ارتفاع أسعار منتجاتها وانخفاض القدرة التنافسية.
وهكذا تفتح السلطات الأمريكية "صندوق باندورا" بعواقب لا يمكن التنبؤ بها. نحن نتحدث في الواقع عن حرب اقتصادية مع العالم كله، بما في ذلك أكبر اقتصاد في العالم ألا وهو الصين. وقد استعد الاتحاد الأوروبي لهذا النوع من الحرب لمدة عام على الأقل، ويعتزم قبول التحدي والدفاع عن مصالحه.
أوروبا ستدافع عن اقتصادها
هذا ما أكده رئيس المفوضية الأوروبية "جان كلود يونكر". وقال إنه سيتم خلال الأيام القادمة تقديم مشروع لتدابير الاستجابة المناسبة.
وكما أفادت صحيفة "فرانكفورتر" العامة في 20 شباط، نقلاً عن مصادر من المفوضية الأوروبية، أنه يمكن فرض العقوبات على أوسع مجموعة من السلع والمنتجات الأمريكية، من عصير البرتقال إلى الدراجات النارية والويسكي، بما في ذلك المنتجات الزراعية مثل البطاطا والبندورة. وستكون تدابير الرد في الاتحاد الأوروبي متطورة، ومن المفترض أن تشكل ضربة للسلع ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة للدوائر الانتخابية التي يتمتع فيها ترامب وسياسته بدعم خاص.
العواقب المحتملة
من السذاجة أن نفكر بأن المسألة ستقتصر على الفولاذ والألمنيوم، فهذه ليست سوى البداية. فقد أعد الاتحاد الأوروبي رداً قاسياً بالفعل. وستتلقى بروكسل الدعم بالتأكيد من الدول الأخرى المتأثرة بالتدابير الأمريكية. كان هناك حالات مماثلة سابقة في العالم عندما تحدت بلدان قوية بقية العالم، وكانت النتائج نفسها تقريباً.
سياسة ترامب "أمريكا أولاً" غير مدعومة من الشركاء الاقتصاديين الأمريكيين. فالحرب التجارية قادرة على دفن الاقتصاد العالمي في غضون فترة قصيرة من الزمن.
إضافة إلى كل ذلك، هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مساء أمس السبت، بفرض ضرائب على واردات السيارات الأوروبية إلى الولايات المتحدة كرد على ما وصفه بالرسوم الضخمة التي تفرضها أوروبا على شركات بلاده العاملة هناك.
وفي تغريدة على تويتر، قال ترامب إنه "في حال أراد الاتحاد الأوروبي زيادة رسومه، الضخمة بالفعل، والعوائق أمام الشركات الأمريكية العاملة هناك، فسوف نقوم وحسب بفرض ضريبة على سياراتهم التي تتدفق بحرية إلى داخل الولايات المتحدة".
وأردف، "إنهم (الاتحاد الأوروبي) يجعلون بيع سياراتنا هناك مستحيلا، وهذا خلل تجاري كبير".
وقال الرئيس الأمريكي إن "الولايات المتحدة لديها عجز تجاري سنوي يساوي 800 مليار دولار"، مرجعا ذلك العجز إلى ما وصفه بـ "سياساتنا واتفاقاتنا التجارية شديدة الغباء"، مشيرا إلى أن "دولا أخرى استغلتنا لسنوات فأخذت وظائفنا وثرواتنا" بسبب تلك السياسات.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني