مغزى «التحالف» الأمريكي الأسترالي الياباني الهندي
أجري الرئيس الامريكي دونالد ترامب محادثات مع رئيس الوزراء الأسترالي، مالكولم تورنبول في البيت الأبيض يوم 23 شباط الجاري. وقبل هذا اللقاء، بدأت وسائل الاعلام في كلا البلدين تسخين فكرة «مواجهة الصين». ومنذ فترة قريبة، التحالف الأمريكي الأسترالي الياباني والهندي لم يتوقف عن الممارسات واحدة تلو أخرى لبناء «جبهة» ضد نفوذ الصين.
الجانبان: الأمن والاقتصاد
تعتقد بعض الآراء أن القضيتين ذات أهمية خاصة: أحدهما هو " الحوار الامني الرباعي" الذي أعادت إطلاقه امريكا واستراليا واليابان والهند، ويعد آلية لتوازن نفوذ الصين المتنامي في منطقة الهند والمحيط الهادئ. والاخرى هي خطة بنية تحتية مشتركة التي تتناقش البلدان الاربعة لإطلاقها.
ويركز "الحوار الأمني الرباعي" على الأمن، وتركز خطة البنية التحتية على الاقتصاد. ووفقا للمحللين، أنفقت الولايات المتحدة واستراليا واليابان والهند الكثير من الجهد للتوازن مع الصين. وذكرت وكالة أنباء بلومبرج الاقتصادية الأمريكية أن مناقشات الدول الاربع حول مشاريع البنية التحتية تظهر أن هناك " جبهة اقتصادية" جديدة لمواجهة نفوذ الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقال بيس جي باحث في الجال الأمني بجامعة ماكواري فى سيدنى، ان انشاء لجنة رباعية اقتصادية وبنية تحتية محاولة جديدة قد تبدو المواجهة مع الصين غير واضحة.
الخط الرئيسي: منافسة الصين
رفعت امريكا واستراليا واليابان والهند في الآونة الاخيرة، بوضوح لهجة " التهديد الصيني". وأصدرت ادارة ترامب استراتيجية الأمن القومي وتقرير استراتيجية الدفاع الوطني في ديسمبر عام 2017 ووزارة الدفاع الامريكية في يناير عام 2018 على التوالي، يدعي مباشرة أن الصين روسيا هما المنافسين الاستراتيجيين الرئيسيين لأمريكا. واغتنمت استراليا هذه فرصة للعمل على تعزيز التفاعل الرباعي بين امريكا واستراليا واليابان والهند، وتوصلت الى اتفاق ضمني مع امريكا حول قضية مواجهة الصين. كما أن للهند قلق خاص ايضا. حيث دعت خطة مودي المالية الاخيرة الى رفع التعريفات الجمركية على الواردات تستهدف مباشرة الواردات من الصين. ونشر موقع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية مقالا بقلم ماري لفلي، استاذة اقتصاد في جامعة سيراكيوز، وباحثة زائرة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، اشارت فيه الى أن تركيز رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الجديد هو حماية الصناعة التحويلية في الهند مما يسمى " التهديد الصيني". واليابان مشغولة جدا أيضا. ووفقا لما نشرته رويترز يوم 21 فبراير الجاري، ذكرت ثلاث مصادر أن اليابان تخطط لشراء ما لا يقل عن 20 مقاتلة الشبح اف -35 في السنوات الست المقبلة. ويشير التقرير الى انه في ظل استخدام الصين المزيد من طائرات أكثر تقدما بما في ذلك الطائرات الشبح والطائرات المتقدمة وتعزيز البرنامج النووي والصواريخ الباليستية في شبه الجزيرة، فإن شراء اليابان طائرات اف -35 سيجعل الاخيرة أكثر اعتمادا على التكنولوجيا العسكرية الامريكية من اجل الحصول على ميزة ضد الاعداء المحتملين في شرق اسيا.
نتيجة واحدة: الضرر أكثر من الفائدة
تحاول امريكا واستراليا واليابان والهند قصارى جهدها لمواجهة نفوذ الصين، غير أن التحليل اتفق عموما على أن هذا النهج بدون مكاسب. ووفقا لموقع صحيفة “فايننشال تايمز" البريطانية، اتهمت الميزانية الهندية الجديدة بشكل غامض الصين بتأجيل بدء التصنيع في الهند. وفي الواقع، أن التعريفات المرتفعة المفروضة على الميزانية يشكل عائقا امام واردات الصين، ومن الممكن منع دخول المستثمرين الاجانب مع الحفاظ على أكبر قوة عاملة في العالم مقفلة. وفيما يتعلق بخطة البنية التحتية التي تقودها أمريكا وأستراليا واليابان والهند، نقلت صحيفة "بيزنس ديلى" الروسية عن مدير مركز كارنيغي في موسكو قوله:" الخطة المقترحة من قبل الدول الأربعة تأتي ضمن استراتيجية مواجهة الصين. ومع ذلك، يعتقد انه من الصعب تحقيقها خلال فترة ترامب. وأن الشراكة عبر المحيط الهادئ ( TPP ) أكثر الطرق لمواجهة مبادرة " الحزام والطريق"، لكن إدارة ترامب أعلنت الانسحاب من المحادثات."
ونقلت وكالة الانباء الفضائية الروسية عن خبراء قولهم إن الدول التي تتعاون مع الصين في إطار " الحزام والطريق" لا يريدون الوقوف الى جانب امريكا ضد الصين، ولا تريد ان تصبح اداة تستخدمها امريكا لتعزيز موقفها في المنطقة.
مع ذلك، حافظت جميع البلدان على مواقفها. وقال رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم تيرنبول في مقابلة تلفزيونية يوم 22 فبراير الجاري أن الصين لا تشكل تهديدا لأستراليا، و" ليس لديها أعداء". وقال وزير شئون مجلس الوزراء الياباني سامو فوجيمورا في رده على سؤال حول خطة البنية التحتية لليابان وامريكا وأستراليا مؤخرا، أنه في إطار كل منها، تبادلت الدول الاربعة وجهات النظر حول "قضية ذات أهمية مشتركة “، مضيفا، “لا يجب اعتبار الخطة ضد الصين."
وقالت فو يينغ رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في مؤتمر ميونيخ للأمن في دورته الـ54 الذي اختتم مؤخرا، أن ما يسمى بالتهديد الصيني لا أساس له من الصحة، وأنه في ظل الوضع الدولي الراهن المعقد والمتقلب، يتعين على القوى الكبرى مثل الصين وامريكا وروسيا ألا تعامل بعضها البعض كمنافسين استراتيجيين أو مهددين، وإنما ينبغي تعزيز الحوار والثقة الاستراتيجية .المتبادلة بدلا من تدميرها. وهذا صوت الصين الذي ينبغي ان يسمعه العالم بعناية
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني