«قمة شنغهاي»: تصويب على أميركا
اختتمت في العاصمة القرغيزية بشكيك يوم الجمعة 13/9/2013 أعمال قمة دول «منظمة شنغهاي للتعاون» التي باتت تمثل ثقلاً دولياً متزايداً، بالدعوة إلى إحلال الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعدم التدخل العسكري في شؤونها من دون قرار من مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى بحث إنشاء مصرف للتنمية ومناقشة الأوضاع في أفغانستان ومصر وشمال أفريقيا، وذلك في إشارة مبطنة إلى الحروب التي شنتها أميركا حول العالم.
وشهدت القمة أيضاً لقاءات مهمة، حيث التقى الرئيسان الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين، وهو ما يعد اللقاء الرسمي الأول لروحاني على المستوى الرئاسي خارج البلاد، وتحولت إلى قمة ثلاثية بعد انضمام الرئيس الصيني تشي جين بينغ إليها.
وتباحث المجتمعون في بشكيك، برفع مستوى التعاون بين الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية والتطرف، والتأكيد أن يشمل التعاون أيضاً الجوانب الاقتصادية والمالية والثقافية.
وخلال اللقاء مع بوتين، قال روحاني انه «في ما يتعلق بالمشكلة النووية الإيرانية، نريد حلاً لهذه المشكلة في أقرب وقت في إطار المعايير الدولية». وأضاف «في السابق قامت روسيا بخطوات مهمة على هذا الصعيد، والوقت الحالي يمثل أفضل فرصة لتقوموا من جانبكم بخطوات جديدة». وأكد روحاني رغبة حكومته في حل القضية النووية بأسرع وقت في إطار القانون الدولي.
وتطرق روحاني خلال اللقاء إلى الملف السوري، معتبراً أن «المبادرة الروسية بشأن الأسلحة الكيميائية، وخطوات القيادة السورية في هذا المجال، تبعث الأمل بتفادي حرب جديدة في المنطقة».
وأضاف أنه «كلما تكثفت المشاورات بين إيران وروسيا بشأن القضايا الإقليمية، وخاصة أخذاً في الحسبان الوضع الحساس في الشرق الأوسط، كلما ساهم ذلك في حل هذه القضايا».
وفيما وجه روحاني الدعوة إلى الرئيس الروسي للقيام بزيارة رسمية إلى إيران، أشاد بوتين من جهته، بـ«الحليف الإقليمي» لموسكو، قائلاً «نعرف حجم الشؤون الدولية التي تدور في فلك المشكلة النووية الإيرانية، لكننا في روسيا نعرف شيئاً آخر، وهو أن إيران جارتنا، جارة جيدة»، مستطرداً «نحن لا نختار جيراننا». وقال بوتين «نعتقد أن إيران مثل أي دولة أخرى لها الحق في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية بما في ذلك التخصيب». وأضاف «يربطنا تعاون كبير، قائم الآن وعلى الأرجح سيستمر في المستقبل».
وحول الأزمة السورية، رحب بوتين بقرار دمشق الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية. وأكد موقف بلاده الرافض للتدخل عسكرياً في الأزمة السورية، معتبراً «نحن نرى أن أي تدخل عسكري من الخارج في سوريا من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، هو أمر غير مقبول».
وأشار بوتين إلى أن الجهود الديبلوماسية الأخيرة أدت إلى «تقليل خطر العملية العسكرية»، مؤكداً أهمية اقتراح وضع الأسلحة الكيميائية في سوريا تحت مراقبة دولية لدرء خطر الضربة العسكرية.
وأجرى كل من روحاني وبوتين والرئيس الصيني تشي جين بينغ اجتماعاً ثلاثياً على هامش القمة، تركزت المحادثات فيه على الأزمة في سوريا، أعلن بعدها تشي عن ترحيبه «بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية»، داعياً إلى تسوية سياسية للأزمة في سوريا.
أصدرت المنظمة بياناً ختامياً جاء فيه أن «بلدان المنظمة تعبر عن قلقها العميق بصدد الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة في سوريا، وتدعو إلى إحلال السلام والاستقرار وتحقيق الازدهار والتقدم في تلك المنطقة، في ظل استبعاد أي تدخل خارجي، بما في ذلك العسكري، في شؤونها من دون صدور قرار من مجلس الأمن الدولي».
كما أعربت المنظمة عن وقوفها إلى جانب قيام السوريين أنفسهم بالتغلب على الأزمة في أقرب وقت في ظل الحفاظ على سيادة الجمهورية ووقف العنف في البلاد وإطلاق حوار سياسي واسع بين السلطة والمعارضة من دون شروط مسبقة وعلى أساس بيان «جنيف».
وأكدت الدول أيضاً دعمها للجهود من أجل عقد مؤتمر دولي «سيكون من شأنه تهيئة أساس للمصالحة وتطبيع الوضع في سوريا، واتخاذ خطوات تهدف إلى عدم تكريس عسكرة الأزمة الداخلية في الجمهورية»، معربة عن تأييدها للمبادرة الروسية حول وضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية وإتلافها لاحقاً وانضمام سوريا إلى معاهدة حظر السلاح الكيميائي.
تضم «منظمة شنغهاي للتعاون» كلا من روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان وطاجكستان، وتتمتع كل من الهند وأفغانستان وباكستان وإيران ومنغوليا بوضع مراقب فيها.
وفي لقاءات ثنائية على هامش القمة، التقى روحاني وبوتين كلا من الرؤساء، القرغيزي ألمازبك اتمبايوف، والأفغاني حميد قرضاي، الكازاخستاني نور سلطان نظربايف، تباحثوا خلالها في سبل تحسين التعاون بين بلدانهم، والمساعدة على حل المشاكل الداخلية.
وكان الرئيس الإيراني قد التقى أمس الأول، الرئيس الصيني بعد وصولهما إلى العاصمة بشكيك مباشرة.
المصدر: وكالات + السفير