إخوان سورية .. بيان العزلة - بيان العجز
أصدرت جماعة الإخوان المسلمين، بياناً جديداً اليوم الأربعاء 27\12\2017، ضمن محاولات تجميع وتفعيل القوى المرتبكة التي تعمل على إعادة الوضع إلى المربع الأول للأزمة، على عكس جملة التطورات النوعية التي حدثت في سورية خلال العام الفائت، والاستحقاقات المترتبة على ذلك.
دأبت هذه الجماعة، منذ بيان «أشرقت شمس الحرية...» عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، على تكتيك أشبه بتكتيك إبليس وملخصه: دفع «المؤلفة قلوبهم» من «الليبراليين والديمقراطيين» إلى الواجهة لترويج سياسات الجماعة، لجس نبض الرأي العام، والمواقف الدولية والإقليمية، والنأي بالنفس مؤقتاً، والحفاظ على هامش يسمح بالتنصل من المواقف المحرجة، إذا تطلب الأمر. أما صدور بيانات باسم الجماعة بالذات في قضايا مفصلية، وفي اللحظات الحرجة، فغالباً كان يتزامن مع فترات العزلة والتراجع، وبعد أن تصبح إمكانات حلفائها مستهلكة، وأحصنتها الأخرى تصبح عرجاء، فتضطر الجماعة إلى خوض المعركة بنفسها، لإعادة ترتيب الأوراق، و« تصحيح» المسار، وإطلاق أمر عمليات جديد.. وعليه، فإن البيان الجديد باسم الجماعة، لا يعتبر إلا رداً يائساً، على حالة تراجع المنظومة الإخوانية ككل، ونقصد بالمنظومة هنا، كل البنية التي راهنت على الدعم الخارجي الغربي، لإحداث التغيير الداخلي، أي القوى المتفقة برنامجياً، والمختلفة شكلاً، والتي تضم طيفاً واسعاً، يبدأ بالحلفاء الخلص في جماعة إعلان دمشق، من «ماركسيي» الصفر الاستعماري و«ديمقراطيي» الأنجزة والبترودولار، والابن «السوبرمان» الذي خرج من رحم هذه الجماعة، «داعش وأشباهها» و ينتهي بـ «معارضي» اللحظة الأخيرة الذين قدموا من مفرخة الفساد الرسمي، حيث تناغم كل هؤلاء سياسياً، وبأدوار متكاملة: بين من يفتي، ومن يقاتل على الأرض، وبين من يسوّق، ومن يشرع، ومن يبرر... ،ليتفاجأ الكل بالمحصلة، أنهم أمام استحقاق لامفر منه، إما الإنخراط في العملية السياسية، أو الخروج من سورية، أو التسليم بقضاء الله وقدره.. ، وذلك بعد الضربات المتلاحقة التي تلقتها، و بعد تساقط أدواتها ورهاناتها، الواحد تلو الآخر، على أثر توافق «الأمرالواقع» الدولي حول الحل السياسي، وانهيار داعش، وتشكيل الوفد الواحد للمعارضة، وإمكانية إجراء مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة في جنيف، وتطبيق القرار 2254 على أرض الواقع، وصولاً الى التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.
محاولة رأس المنظومة الإخوانية في بيانها الجديد، تأتي استكمالاً و تتويجاً لكل الدفق الإعلامي ضد تقدم مسار الحل السياسي، وحوامله، خلال الأشهر الأخيرة، وبالأخص دينمو الحل، أي الطرف «الروسي» الذي باتت المبادرة بيده دون منازع، واستطاع تحريك ثلاث مسارات دفعة واحدة من سوتشي إلى استانا الى جنيف، لإزالة صدأ قوى العطالة التاريخية الذي تراكم في عجلات العملية السياسية، والمنظومة الإخوانية أولها بامتياز.