منظومة إس 400: الولايات المتحدة.. والعقوبات
تمر العلاقات التركية الأمريكية بامتحان كبير. المشاكل القائمة بين الدولتين بدأت تنعكس على شعبيهما. تتجاهل الولايات المتحدة خيبة الأمل الشعبية التي تسببت بها في تركيا بسبب قضايا خطيرة منها تسليح وحدات حماية الشعب، وحماية المسؤول الرئيسي عن المحاولة الانقلابية.
ولا تتقبل واشنطن أن هذه التصرفات ستجتث علاقات التحالف من سياقها، وستتسبب في أضرار لا يمكن تلافيها. وتعمل على القيام بلعبة خطيرة تتذرع فيها بالموقف السياسي وخيارات الرئيس التركي رجب طب أردوغان.
وتعتقد واشنطن، وهي مخطئة في ذلك، أنها قادرة على تغيير النتيجة من خلال التشكيك في قرارات الحكومة التركية، أو على الأصح قرارت أغلبية لا بأس بها من الشعب التركي.
السبب في كتابة المقدمة أعلاه هو زيادة العقوبات الأمريكية المبطنة على تركيا، علاوة على موقفها العلني كالقيود على التأشيرة. كل خطوة تقدم عليها أنقرة للحصول على التقنيات الدفاعية من مصادر بديلة تواجه بانزعاج في الولايات المتحدة، ناهيكم عن التناقض في منع الأسلحة عن تركيا الحليفة، وتقديمها لوحدات حماية الشعب.
منظومة الصواريخ الدفاعية إس-400، على وجه الخصوص، تحظى باهتمام الولايات المتحدة والناتو على نحو يفوق التوقعات. وفي الواقع، من الملاحظ أن الروس ، الذين يسعون لإقامة صيغة جديدة من العلاقات مع تركيا، لديهم أيضًا مخاوف مختلفة.
فروسيا تعمل على تحليل التأثيرات الأمريكية على الديناميات التركية العميقة، والانعكاسات السلبية المحتملة لتغلغل تيار متحيز لصالح الولايات المتحدة في نظام الدولة التركية.
نصل الآن إلى بيت القصيد. من المعروف دوليًّا أن الولايات المتحدة تفرض سلسلة من التدابير المالية على روسيا. الحملة الأمريكية الأخيرة تعني تركيا بشكل مباشر.
فبعد توصلها لاتفاق مع موسكو حول شراء منظومة إس-400، تواجه أنقرة الآن مشكلة "تجميد نظام الدفع". إدراج الولايات المتحدة بعض الشركات الروسية الهامة على قائمة العقوبات يحول دون استخدام نظام الدفع الأمريكي، كما أنه يعيق القيام بالعملية عن طريق مؤسسة أخرى تستخدم النظام المذكور.
بمعنى أن الولايات المتحدة وجهت رسالة لتركيا مفادها وجوب التخلي عن صفقة منظومة إس-400.
مما لا شك فيه أن تركيا وروسيا يمكنهما إيجاد الكثير من الحلول المتبادلة لاتمام الصفقة المتفق عليها. وهناك عشرات الصيغ التقنية والمقبولة دوليًّا. المسألة هنا هي الضربة التي تريد الولايات المتحدة توجيهها إلى التعاون التركي الروسي الآخذ في التقدم.
كما قلت دائمًا، العلاقات التركية الأمريكية لا يمكن أن تستمر بصيغتها القديمة. ينبغي نسيان عهد سياسة "ليّ الذراع". آن الأوان لتشكيل نموذج جديد من العلاقات بين أنقرة وواشنطن يستند إلى التضامن في إطار الناتو والتعاون في مكافحة الإرهاب و الشراكة الاقتصادية.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني