«الحزام والطريق»: فرصٌ جديدة للتعاون الصيني العربي
شهد التعاون بين الصين ودول مبادرة الحزام والطريق بوجه عام والدول العربية بوجه خاص ازدهارا كبيرا ومتناميا في السنوات الأخيرة رغم تزايد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي. وأشار الخبراء الصينيون إلى أنه مع مواصلة البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق بين الصين والدول العربية، ستوفر المبادرة فرصا جديدة للتعاون بين الجانبين وستطرح مزيدا من الثمار اليانعة مع مرور الأيام .
أشار جين ليانغ شيانغ، نائب مدير مركز غرب آسيا وإفريقيا بمعهد الدراسات الدولية في شانغهاي، إلى أن العالم العربي الذي تهتم الصين دوما اهتماما كبيرا بتوطيد علاقاتها معه يحتل مكانة محورية على طول "الحزام والطريق"، وقد حقق الجانبان الصيني والعربي بعد طرح مبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21" المعروفة اختصار بالحزام والطريق إنجازات جديدة سواء فيما يتعلق بالتواصل والتنسيق بشأن السياسات أو في بناء آلية حوار.
وأضاف أن الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ لمصر والسعودية في أوائل عام 2016 ولقائه في مناسبات عدة قادة عرب ومن بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فضلا عن مشاركة ست دول عربية في التوقيع على اتفاقية البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" ووجود سبع دول عربية بين الدول الأعضاء المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية تبرهن على أن إجراء تبادلات رفيعة المستوى وبناء آلية حوار يشكلان ضمانة هامة لدفع مبادرة الحزام الطريق، وهذا لا يسهم فقط في تعزيز فهم الدول العربية لمبادرة "الحزام والطريق"، وإنما يذكي أيضا حماستها إلى المشاركة بشكل معمق في بنائه.
وأفاد جين ليانغ شيانغ بأنه بعد طرح مبادرة الحزام والطريق، آتي التعاون في القدرة الإنتاجية بين الصين وبعض الدول العربية ثماره مثلما حدث في مصر، إذ تتعزز القدرة الإنتاجية لمنطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني المصري التي بدأ بناؤها عام 2008، لتجذب حتى الآن 68 شركة تضخ استثمارات تصل قيمتها إلى حوالي مليار دولار أمريكي وتسهم في توفير أكثر من ألفي فرصة عمل.
وفي النصف الأول من العام الجاري، نمت قيمة التجارة الصينية العراقية بنسبة 38.1% لتصل إلى نحو 11 مليار دولار أمريكي. ورغم أن انخفاض حجم الصادرات الصينية إلى مصر، لكن وارداتها من الأخيرة ارتفعت بنسبة 298.37 بالمائة لتصل إلى 660 مليون دولار أمريكي.
وبعد أن أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية ووصل حجم التجارة الصينية العربية إلى 230 مليار دولار أمريكي، يتطلع الجانبان إلى تعزيز التبادل التجاري الثنائي ليصل إلى 600 مليار دولار أمريكي في غضون السنوات المقبلة.
ومن ناحية الاستثمار، ضخت الصين 14.53 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات المباشرة في 53 دولة على طول الحزام والطريق في عام 2016 لتمثل 8.5% من إجمالي استثماراتها الخارجية في ذات الفترة.
كما تعزز التبادل التجاري الصيني العربي في نفس الفترة حيث بلغ حجم التجارة البينية بين الصين والسعودية 25.4 مليار دولار أمريكي بزيادة 20.2% على أساس سنوي مقابل 8.32 مليار دولار أمريكي مع عُمان بزيادة 30.9% على أساس سنوي و5.47 مليار دولار أمريكي مع الكويت بزيادة 26.9% على أساس سنوي.
وأشار الخبير بشكل خاص إلى أنه في يناير عام 2016، حضر الرئيس شي حفل افتتاح المرحلة الثانية من مشروع هذه المنطقة أثناء زيارته التاريخية لمصر، مضيفا أن المرحلة الثانية ستجذب أكثر من مائة شركة في مجالات مثل الملابس والمنسوجات ومعدات النفط والدراجات النارية والطاقة الشمسية، ومن المتوقع أن توفر أكثر من 10 آلاف فرصة عمل في مصر.
واستنادا لذلك، يرى جين ليانغ شيانغ أن مبادرة الحزام والطريق تحصد إنجازات مبكرة في العالم العربي ومن المتوقع أن تعود بمزيد من الخير على الأقطار العربية وشعوبها مع مرور الأيام .
وقال إن إنشاء البني التحتية وتطويرها يساعدان من ناحية على تحقيق الترابط بين الدول العربية وينهضان من ناحية أخرى بنموها الاقتصادي . وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، تشارك عدة شركات صينية في بناء موانئ بالعالم العربي، وهذا يتضح من خلال اتفاقية إطارية وقعتها مصر مع الجانب الصيني ممثلا في ميناء تشينغداو وصندوق التنمية الصيني حول مشروع ميناء العين السخنة، ومشاركة شركة أبوظبي للموانئ مع شركة ((كوسكو)) الصينية العملاقة للشحن في بناء محطة جديدة بميناء خليفة ... إلخ.
ولفت جين إلى أن التعاون الصيني - العربي في القدرة الإنتاجية يقدم أيضا نموذجا رائعا يؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك، موضحا أن الصين تحظى بالعديد من المزايا في مجال القدرة الإنتاجية ، حيث تمتلك معدات ذات كفاءة عالية من حيث التكلفة والجودة وترغب في نقل التكنولوجيا وتدريب الكفاءات وتقديم دعم مالي كبير على خلفية عدم ارتفاع مستوى التصنيع في بعض الدول العربية، ومن ثم تتجه إلى التعاون مع هذه الدول في الارتقاء بعملية التصنيع لديها.
ويتفق بيتر نولان ، الخبير البريطاني في الشؤون الصينية والدكتور بجامعة كامبريدج رأى جين قائلا إن البنية التحتية هامة للغاية للتنمية في العالم العربي، إذ إنها لا تسهم في تسريع النهوض بالاقتصاد فحسب، وإنما أيضا في تحسين المستويات المعيشية للشعوب العربية في مجالات مثل الإسكان والمياه والكهرباء والصرف والنقل والاتصالات ، لافتا إلى أن الصين رائدة في مجال البنية التحتية بين الدول النامية وتمتلك خبرات واسعة فيه وأن تطوير البنية التحتية بين البلدان يمكن أن يساعد في دفع عجلة التنمية وتعزيز التجارة وتكثيف التواصل بين الثقافات. ومن خلال ذلك يتبين جليا أن مبادرة الحزام والطريق تأتي حاملة معها الخير والسلام للعالم العربي.
عن صحيفة الشعب الصينية اليومية
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني