عن سوليدير دمشق...
بدأت جماعات من المتمولين، بالحلال أو بالحرام، في سورية بالاستعداد لإعادة بناء ما تهدَّم فيها، وأساساً في مدنها ذات التاريخ، دمشق وحلب وحمص وحماه واللاذقية وغيرها.
تنادى بعض هؤلاء فأسسوا الشركات على غرار "سوليدير بيروت": شركة هدفها مضاعفة المال أضعافاً مضاعفة في أقصر مدة زمنية، بعد طرد الأهالي من بيوتهم التي عمروها بمالهم وجهدهم الإنساني في الأحياء التي وعوا على الحياة فيها، إلى التلال في ضواحي الفقراء، وإلى الجبال البعيدة.
اندفع بعضهم إلى السعودية وسائر أقطار الخليج العربي طلباً لمساهمين يرغبون في الربح السريع..
وجاء بعضهم إلى بيروت لإعادة دراسة التجربة الناجحة في قلب العاصمة، والتي ما تزال عماراتها الجديدة فارغة إلا من الهواء، وهي التي لا علاقة لها بالتراث المعماري للشرق العربي، ولا بالشروط البيئية ومواصفات الموقع والعلاقة مع الشمس والضوء والتيارات الهوائية.. ولهذا، فهي ما تزال فارغة من السكان، خصوصاً وأن المراهنة على الزبائن الخليجيين "الذين يدفعون ولا يسألون" قد ثبت بطلانها.. بالدليل الملموس.
وكما في بيروت كذلك في دمشق، فإن بعض أركان السلطة وبعض كبار المتنفذين، عسكريين ومدنيين ورجال أمن، قد دخلوا أو أدخلوا في شركات إعادة الإعمار الجديدة، لتسهيل الأمور بحيث ينتهي التصديق على المشاريع المقدمة في أقصر مدى زمني… ولكل مجتهد نصيب!
البعض يشبِّه الشركات الجديدة بأنها مشاريع أغنياء حرب.. والبعض الآخر يصل إلى الأقصى فيعتبر أن ما يجري هو استثمار للحرب وضحاياها.. وهكذا يكون هؤلاء قد أفادوا مرتين: الأولى من الحرب ذاتها والثانية من نتائجها..
وهكذا يكون الفقراء قد دفعوا في الحرب حياتهم، وهم مهددون أن يدفعوا ـ في غدهم الموعود ـ حياة أبنائهم ثمناً للبيوت الجديدة التي تبنيها "سوليدير دمشق"، إذا ما قيض لهم أن يجمعوا ما يكفي لشراء مأوى فيها..