سباسيبا بوتين!
ربما يبدو العنوان استفزازياً، ليكُنْ، وفي الحقيقة، تم اختياره أصلاً للاستفزاز.. وربما لا يكون الرجل بحاجة إلى الدفاع عنه، فلا بأس، هو مجرد ما نراه من واجب قول الحق، في زمن شاع فيه «حديث الافك»، وسادت الضلالات، والبدع، و أتمنى ألا تحسبوها تملقاً لفلاديمير، فـ«العبد الفقير لله» كاتب هذه السطور، لم يزر روسيا، وليس في نيته أن يفعل، وباق فوق هذا الدمار الرهيب، حتى يرى حمامات الجامع الأموي، ترفرف دون أن تجفل من هدير الطائرات، ودوي القذائف، ولا يعرف من الروسية سوى كلمة «سباسيبا»، ولا تظنوها ارتزاقاً، فالارتزاق عند الدول الأخرى ذو مردود أعلى، دولاراً، ويوروهاتاً، أو حتى ليرات.
شاء التاريخ، أن يكون بوتين عنوان مرحلة، وأحد رموزها، ولو لم يكن هو، لكان أحداً آخر غيره في نفس الموقف، فهو نتاج تقاطع ظروف دولية وروسية، تاريخية ومعاصرة، ومن ثم مواصفات فردية ربما..
أريد القول، المسألة هنا ليس دفاعاً عن فرد، بقدر ما هو دفاع عن خيار، ومواقف، فبالأصل نسبنا المرحلة إلى الرجل الذي يحاول دجالو الإعلام العالمي «شيطنته»، لكي نستفز من لا يرضى بالخيار الجديد، دون أن يعنينا إن كان عدم الرضى نتاج حمق وبلاهة سياسية، أو كان نتاج معرفة ودراية بالنسبة للذين باعوا «دينهم وأوطانهم، وأحزابهم» بدنياهم وجيوبهم، من أيتام هنتنغتون، وفوكوياما، التائبين على يد «البعثات التبشيرية» بالدين «الليبرالي» وبكاء على أطلال القطب الأوحد الأمريكي.
أن يعلن بوتين بنفسه، إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، أن يجري الاتصالات، ويعقد الاجتماعات اليومية، ويتابع سير تطور الأحداث أولاً بأول، أن تتحلى الدبلوماسية الروسية بهذه الحنكة، و تمتلك هذه الأعصاب الباردة، في التعاطي مع قوى دولية، واقليمية، ومحلية، مع النظام، أو مع الاطراف الاخرى، بينهم ما بينهم من تناقض وتشابه، تناقض في المصالح، وتشابه في السلوك، ولدى كل طرف ما يضمر، ويناور به، وتجمعهم على طاولة واحدة، تلك وحدها مأثرة، وتستوجب أن نرفع نخب الرجل.
لا تتحدثوا عن الطمع بالنفط السوري رجاءً، كيلو متر مربع واحد من صقيع سيبيريا ربما يخزن من النفط ما لدى سورية كلها، لا تتحدثوا عن ريع بيع السلاح، عمن يحارب، ويقاتل، من أجل إنهاء الحرب و الحل السياسي، فتلك كذبة أكثر من سمجه، وبائعو السلاح يشعلون الحروب عادةً، لا تتحدثوا عن صفقة مع واشنطن أو غيرها، لم تبخل واشنطن حتى بنبش قبر جده العاشر.
يدافع عن مصالح روسيا؟ وما الضير في ذلك ؟ كل ما هنالك، أن الرجل لا يريد لروسيا، أن تنهار، ومن محاسن الصدف أن من يعمل من أجل ذلك يحمله القدر إلى الخندق الأول، كي لا تنهار سورية أيضاً، أو ما تبقى منها إن شئتم!
كل ما في الأمر، إن الرجل يتحلى بالحكمة، ويريد لجم وحوش هذه الغابة التي تسمى الكرة الأرضية، ويروضها، أولئك الذين استباحوا بلادنا، فشاء التاريخ أن تكون إحدى الأقفاص في سورية...
شكراً بوتين، و للمستفَزين «سباسيبا بوتين»