"عدنا لنقاوم لا لنساوم"

"عدنا لنقاوم لا لنساوم"

في عام 1965التحق بدورة عسكرية سرية (لتخريج ضباط فدائيين) في مدرسة انشاص الحربية في مصر، وعاد منها ليتولى تشكيل مجموعات فدائية، وأصبح عضواً في قيادة العمل الخاص في إقليم الحركة الفلسطيني الذي بدأ ببناء الأنوية الأولى للرصد والاستطلاع داخل الوطن المحتل مع بداية ستينيات القرن المنصرم.

 

إثنا عشر عاماً مضت على رحيل الجسد، لكن الأفكار التي حملها لاتموت، بل تتجذر أكثر في تراب الوطن الذي عشقه، وداخل آلاف الناس الطيبين، فقراء الشعب، ملح الأرض وقطرات الندى، الذين كان شهيدنا، إبنهم ورفيق حياتهم ومعاناتهم، منهم تعلم العلاقة بين الأرض والإنسان، وكل تلك القيم النبيلة التي لازمته حتى توقف قلبه عن الخفقان، بفعل صواريخ طائرات الموت الصهيو أمريكية.

 

لمحة سريعة / مقتضبة عن حياة الشهيد:

ولد أبو على مصطفى في بلدة عرابة ، قضاء جنين عام 1938،درس المرحلة الأولى في بلدته ، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد أسرته إلى عمان ، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.

 

انتسب إلى عضوية حركة القوميين العرب وهو لم يكمل العشرين من عمره، وتعرف مبكراً على القائدين الكبيرين "جورج حبش و وديع حداد" من خلال عضويته في النادي القومي العربي في عمان.

 

في نهاية عام 1961، أصبح مسؤول شمال الضفة الغربية في الحركة التي أنشأت فيها منظمتين للحركة (الأولى للعمل الشعبي ، والثانية عسكرية سرية ).

 

تعرض لسنوات من الاعتقال، وعرفته أقبية التحقيق وسجن الجفر الصحراوي الأردني، مناضلاً استثنائياً، بصلابته وصموده

 في أعقاب حرب حزيران عام 1967 كان مع الدكتور جورج حبش وعدد من الرفاق من أوائل العاملين على التحضير للبدء بمرحلة الكفاح المسلح ، وكان أحد المؤسسين لهذه المرحلة التي قامت عليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

 قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة والقطاع .

 كان ملاحقاً من قوات الاحتلال الصهيوني واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس.

 تولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية ، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما كان قائدها في أحداث أيلول 1970 وحرب جرش – عجلون في تموز عام 1971 .

 غادر الأردن سراً إلى لبنان في تموز 1971، وفي المؤتمر الوطني الثالث للجبهة الشعبية عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام ، وتولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000، وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أميناً عاماً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

 شغل عضوية المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1968، و عضو المجلس المركزي الفلسطيني، عضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف ما بين عام 1987 – 1991.

 رجع إلى الضفة في نهاية أيلول /سبتمبر عام 1999.

  منذ عودته للداخل، زار العديد من مدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة والقطاع، مناضلاً يحمل همومها ويشارك أبناءها أحلامهم وطموحاتهم، ويتعلم من تجاربهم، ويقدم لهم رؤيته للمهمات الوطنية الراهنة. كما قام بالتواصل مع العديد من قادة وشخصيات النضال القومي التحرري داخل الوطن المحتل منذ عام 1948. كل ذلك النشاط الجماهيري، لم يمنعه من العمل المتواصل لإعادة هيكلة أوضاع الجبهة الشعبية بما يتلاءم مع مهماتها التنظيمية والكفاحية .

 في 26 / 8 / 2012، وبناسبة ذكرى استشهاده، كتب "غسان شربل" مقالاً تحت عنوان " رجال يهزمون قبورهم" يحلل رؤية العدو لدوره (كان "أبو علي" مصطفى في حساباتهم متهما بإخفاء نواياه. وكانوا ينظرون إليه، كما ينظرون إلى رجل يشتبه بأنه يهيء، سرا، عبوة قاتلة، وينتظر موعد زرعها في المكان والزمان الملائمين. وشارون نفسه كان يعرف قصة الرجل، الذي اتهم بأنه محرك الخيوط القاتلة ومحرك "جيفارا غزة" ورفاقه، وقد تولى شارون، شخصيا، في نهاية الستينات، الإشراف على تصفية هؤلاء، ولم تكن تقديرات الإسرائيليين خاطئة فـ"أبو علي" مصطفى رفض في الواقع إعادة النظر في مساحة خريطة فلسطين، التي كانت هاجسه الدائم، ويوم قرر في 1999، الذهاب إلى مناطق السلطة، اختار أن ينطلق من الوقائع التي أوجدتها الاتفاقات، لإعادة إشعال الحلم السابق لها. كان شارون يعرف أن رفيق جورج حبش ووديع حداد لن يوقع على سلام منقوص أو يوطن نفسه على التعايش مع المستوطنات، عاد ليزرع النار وليستنهض جيلا جديدا في الجبهة الشعبية).

 بعد ثلاثة أسابيع ، جاء رد أبناء ذلك الجيل على جريمة اغتيال أبوعلي . حمل يوم 17 تشرين الأول / أكتوبر نبأ إعدام أحد قادة المستعمرين الصهاينة " رحبعام زئيف" وزير السياحة في حكومة الغزو والاحتلال، وأبرز دعاة طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم.

 في حضرة الغائب / الحاضر، المقيم فينا، بكل روحه الثورية، ونُبل أخلاقه، وعفة يده ولسانه، نتذكر تلك النماذج المضيئة في تاريخنا الكفاحي "جورج حبش ووديع حداد وغسان كنفاني وأحمد اليماني وغيفارا غزة" والمئات من أولئك الرجال والنساء، الذين تحولوا إلى أيقونات خالدة في حياتنا.

 في الجيل الجديد الذي يحمل تلك القيم والروح، في صفوف الحركة الوطنية والقومية والأممية التي وهب راحلنا الكبير حياته لها ، يبقى الأمل

 

آخر تعديل على الثلاثاء, 27 آب/أغسطس 2013 18:01