سيمور هيرش: كلينتون تعمدت إرسال «السارين» الليبي إلى سورية..!
في مقالين صحفيين نشرا مؤخراً في دورية «The London Review of Books»، بعنوان «السارين لمن؟» و«الخط الأحمر وخط الفئران»، ذكر المحقق الصحفي المشهور، سيمور هيرش، أن إدارة الرئيس أوباما قد اتهمت الحكومة السورية زوراً بالهجوم بغاز السارين، حيث كان أوباما يحاول استخدام ذلك كذريعة لغزو سورية. وأشار هيرش إلى تقرير من الاستخبارات البريطانية يقول بأن غاز السارين الذي جرى استخدامه لم يأتِ من المخزونات السورية. وأكد هيرش أيضاً أنه قد جرى التوصل إلى اتفاقٍ سري في عام 2012 بين إدارة الرئيس أوباما، وقادة تركيا، والسعودية، وقطر، على تنفيذ هجوم بغاز السارين بغية تمكين الولايات المتحدة من غزو سورية.
بقلم: إريك زويسي
ترجمة قاسيون
وقال هيرش: «بموجب أحكام الاتفاق، جاء التمويل من تركيا، وكذلك من السعودية، وقطر. أما وكالة المخابرات المركزية، وبدعمٍ من المخابرات البريطانية، فكانت مسؤولة عن الحصول على الأسلحة من الترسانات الليبية إلى سورية». لم يقل هيرش إذا ما كانت هذه «الأسلحة» قد تضمنت السلائف الكيميائية لصنع غاز السارين التي تمت من خلالها عملية التخزين في ليبيا، لكن كان هناك العديد من التقارير المستقلة التي أكدت أن القذافي كان يمتلك هذه المخزونات، كما أن القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية كانت تعمل على «Ratline» (الراتلاين: هو مصطلح يطلق على نظام طرق هروب النازيين الفاشيين من أوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ملاذات في أمريكا الجنوبية، وخاصة الأرجنتين وباراغواي والبرازيل والأوروغواي وتشيلي وبوليفيا، وكذلك في سويسرا- المحرر) للأسلحة التي تم انتزاعها من المستودعات الليبية إلى سورية، عبر تركيا. وعليه، فإن هيرش لم يكن المراسل الوحيد الذي غطى ذلك.
في الواقع، فإن الصحفي، كريستوف ليمان، وفي مقالٍ له نشر في 7/10/2013 بعنوان «كبار المسؤولين الأمريكيين والسعوديين مسؤولين عن الأسلحة الكيميائية في سورية»، ذكر- معتمداً على مصادر مختلفة جداً عن مصادر هيرش- أن «الأدلة تؤدي مباشرة إلى البيت الأبيض، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، مارتن ديمبسي، ومدير وكالة المخابرات المركزية، جون برينان، ورئيس المخابرات السعودية، بندر بن سلطان، ووزارة الداخلية السعودية».
وإن يكن ذلك ليس كافياً، فإنه حتى التحليل النهائي للأدلة الذي جرى تنفيذه من قبل اثنين من كبار المحللين في الولايات المتحدة، وتقرير «Lloyd-Postal»، قد خلصا إلى أن «تفسير المخابرات التقنية التابعة للحكومة الأمريكية، الذي جُمِع قبل وبعد هجوم 21 حزيران، لا يمكن أن يكون صحيحاً». أوباما كان يكذب بشكل واضح.
ومع ذلك، الآن، وللمرة الأولى، يتهم هيرش هيلاري كلينتون مباشرة في هذا الـ«RatLine». في مقابلة مع «Alternet.org»، جرى سؤال هيرش حول دور الولايات المتحدة والقنصلية الأمريكية في ليبيا بعملية جمع الأسلحة من المخزونات الليبية، وإرسالها- عبر تركيا- إلى سورية، لإعداد هجوم بغاز السارين، مما يبرر الغزو الأمريكي للولايات المتحدة، على غرار السيناريو الليبي، وأجاب هيرش: «إن السفير الذي قتل لم يمشِ في طريق وكالة الاستخبارات المركزية.. وكما كتبت، في يوم البعثة، كان يجتمع مع قائد قاعدة وكالة المخابرات المركزية، وشركة النقل البحري. وشارك بالتأكيد، بشكل واعٍ، بكل ما جرى».. كان هذا في الواقع، الجزء السوري من العملية الليبية في وزارة الخارجية، إنها عملية أوباما لخلق ذريعة للولايات المتحدة للتدخل في سورية كما كانت قد فعلت في ليبيا.
ثم سأل المذيع: «في كتابك حول مقتل أسامة بن لادن، اقتبست عن مسؤول استخباراتي سابق قوله إن البيت الأبيض رفض 35 مجموعة مستهدفة (للغزو الأمريكي المزمع في سورية)، كانت قد قدمتها هيئة الأركان المشتركة بوصفها مؤلمة بما فيه الكفاية لنظام الأسد (وأنت لاحظت أن الأهداف الأصلية شملت المواقع العسكرية فقط- وليس البنية التحتية المدنية)، وفي وقتٍ لاحق، اقترح البيت الأبيض قائمة مستهدفة جديدة، شملت البنية التحتية المدنية. ما هو عدد القتلى في صفوف المدنيين فيما لو كان قد نفذ اقتراح البيت الأبيض؟».
رد هيرش بالقول إن تقليد الولايات المتحدة في هذا الصدد، ومنذ فترة طويلة، هو تجاهل الضحايا المدنيين، على سبيل المثال، فإن الأضرار الجانبية للهجمات الأمريكية هي مقبولة أو حتى مرجوة (وذلك لترويع السكان بهدف الاستسلام).
ثم قال هيرش أن أوباما يريد أن يملأ سورية بالجهاديين الأجانب، لتكون بمثابة القوات البرية اللازمة للقصف الجوي المخطط له هناك. ولذلك فالولايات المتحدة «قد دفعت في الواقع الكثير من الجهاديين للذهاب. أنا لا أعتقد أنها كانت تدفع لهم، لكنها بالتأكيد أعطت الإشارات».
وقد أعطى أردوغان في تركيا أساساً للجهاديين للمرور الآمن تماماً إلى سورية، وأخذ جزءاً من عائدات مبيعات الجهاديين من سرقة النفط السوري و العراقي. من هنا، فإن شركات النفط والغاز في الولايات المتحدة سوف يجري صقلها، وخط الأنابيب إلى أوروبا (الذي كانت تعمل دول الخليج على تمريره من سورية)، والنفط السعودي وغاز آل ثاني، سوف لن تقف عند حدود تقليص سوق النفط والغاز الرئيسية في روسيا، بل وفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، بالإضافة إلى المزيد من محاولات عزل روسيا (وكذلك الصين وبقية دول بريكس)، من خلال استثنائها من صفقات أوباما الثلاث الضخمة «TTIP» و«TPP» و«TISA»، التي من شأنها أن تضع الطبقة الأرستقراطية في الولايات المتحدة في موقع المتحكم القوي للسيطرة على العالم، للهيمنة على القرن الواحد والعشرين، كما هيمنت أكثر من أي وقتٍ مضى، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ثم جاء السؤال من هيرش: «لماذا تقوم الولايات المتحدة بما تقوم به؟ لماذا لا نقول للروس، دعونا نعمل معاً؟»، ليرد عليه محاوره بتكرار السؤال: «لماذا لا نعمل مع روسيا؟ يبدو ذلك منطقياً وعقلانياً». أجاب هيرش ببساطة: «لا أعلم».
المصدر: strategic-culture.org