بيان متظاهري ساحة التحرير: كفى لا مبالاة .. كفى محاصصة
اصدر متظاهرو ساحة التحرير في بغداد، عقب انتهاء تظاهرتهم أمس الأول الجمعة، بياناً أكدوا فيه مواصلة الاحتجاجات حتى تنفيذ المطالب المشروعة. وطالب المتظاهرون بعض الساسة بالكف عن سرقة المال العام وهدر ثروات الشعب واستثمار الدم العراقي في خصوماتهم السياسية لجلب المزيد من المكاسب الشخصية.
وفيما يلي النص الكامل لبيان متظاهري ساحة التحرير في بغداد:
يا شعبنا الكريم الصابر
لعلّ هذه اللحظة التأريخية التي نمرّ بها اليوم هي من أكثر اللحظات حرجاً ومدعاة للخوف على عراقنا الذي لا عراقَ لنا سواه، ففي الوقتِ الذي تشهد فيه محافظات كثيرة من وطننا تظاهرات واحتجاجات بشكل يكاد يكون يومياً نلحظ أن القائمين على أمر البلاد في السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يزالون يسيرون على نهجهم الثابت الذي ألفناه وخبرناه والمتمثل باللامبالاة وصمّ الأسماع عن نداءات الاستغاثة التي يطلقها مواطنون يكتوون بحر الصيف اللاهب، في ظل انعدام الكهرباء والماء أحياناً، وفي ظرف معيشيّ أقلّ ما يمكن أن يقال عنه أنه لا ي?كن أن يوفّر الحد الأدنى من متطلبات الحياة السويّة التي يعيشها أناس في دول فقيرة.
لم يصبر شعب في العالم على صنوف الظلم والحرمان كما صبر شعبنا الأبيّ، لقد أغمض العراقيون عيونهم عن استنزاف ثرواتهم من قبل ثلة من الساسة الفاسدين، ولم يكن إغماضهم هذا خوفاً، بل لوعيهم العالي بجسامة التحديات التي تواجه البلد أولاً، ولإعطاء الوقت الكافي لإنضاج العملية السياسية التي كانوا يأملون انها ستسفر عن باب للخلاص بعد تضحيات جسام وسنوات ملأى بالدم والدموع.
لكنّ اثنتي عشرة سنة مرتْ مظلمة عجافاً، انشغل فيها السياسيون من شتى الكتل والتيارات بمصالحهم الشخصية الضيقة، وبالاحتراب فيما بينهم للوصول إلى حصة أكبر من الغنيمة، وظل العراقي على حاله ينزف شبابه دماً في جبهات القتال، أو تذبحه سكين البطالة والعوز، ويكتوي أطفاله ونساؤه وشيوخه بجحيم انعدام الخدمات وفساد المؤسسات، وظل الوضع الأمنيّ يسير من سيىء إلى أسوأ، حتى حانت لحظة الحقيقة التي لم يبق أمام العراقي فيها إلا أن يقول -للصبر حدود-.
وها هو العراقي يقول كلمته في تظاهرات سلمية متحضرة تليق به وبتأريخه، يصرخ ملء حنجرته وقلبه من الوجع، من الألم الممض، ألم من يرى ثرواته تتسرب من بين يديه وتتكدس في حسابات ساسته المتنفذين في بنوك العالم. صرخة العراقي اليوم هي صرخة من يُسرق قوت يومه من قبل أناس انتخبهم ليكونوا له خدماً، لكن هؤلاء انشغلوا بتكوين نعيمهم الشخصيّ في مناطق آمنة هم وعائلاتهم وتركوا ملايين العراقيين في هذا الجحيم الذي صنعه هؤلاء الساسة بأنانيتهم وانعدام وطنيتهم وإنسانيتهم.
ونحن ـ المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد ـ جزء من هذا الشعب الذي نفد مخزون الصبر لديه، وقد خرجنا لنشارك أبناء شعبنا احتجاجه السلميّ النبيل، نحن هنا لنقول للسياسيين: كفى! كفى سرقة ولصوصية، كفى استثماراً للدم العراقيّ، كفى تحصناً بالمنطقة الخضراء وتركنا نهباً للرعب الذي زرعتموه وسقيتموه أنتم بفشلكم المزمن، كفى للضحك على جراحنا، كفى للامبالاتكم، كفى لمحاصصتكم، كفى للعبكم على الوتر الطائفيّ، كفى لحربكم القذرة فيما بينكم، كفى لجيوش حماياتكم التي تستنزف خزينة الدولة، كفى لرواتبكم ومخصصاتكم الفلكية. انتهى زمن الخ?اع ولن نقبل أن نُسرق بعد اليوم.
نحن ـ المتظاهرين في ساحة التحرير ـ ومعنا الملايين في محافظات العراق ممن يشاركوننا الألم، نعلن مطالبنا التي نلخصها في ما يلي:
أولاً: تشكيل هيئة دائمة لجمع ملفات الفساد منذ 2003 حتى اليوم وتقديمها للقضاء. ومنح منتسبي هذه الهيئة والمتعاونين معها حماية من ضغوط الساسة وكتلهم.
ثانياً: تفعيل جهاز الادعاء العامّ بوصفه ممثلاً لحقوق الشعب وحماية الجهاز القضائي من ضغوط الساسة المتنفذين.
ثالثاً: كشف ذمم المسؤولين منذ 2003 إلى اليوم وذمم أقربائهم حتى الدرجة الثانية وإجراء تحقيق في مصادر هذه الثروات.
رابعاً: تشكيل هيئة النزاهة المستقلة لجنة مشتركة مع منظمات المجتمع المدني والناشطين المدنيين في الخارج والداخل من اجل متابعة وكشف تسريب الأموال والاستثمارات الخاصة بالسياسيين وجمع المعلومات والتحقق من مصادر الأموال، حفاظا على المال العام.
خامساً: تولي رئيس الوزراء شخصياً مسؤولية إدارة ملف الكهرباء ابتداء من يوم غدٍ السبت 8/8 /2015 لأجل وضع حلول عاجلة يتحمل هو وحده مسؤوليتها.
سادساً: ابعاد القضاء وهيئة النزاهة ومفوضية الانتخابات عن المحاصصة الطائفية والقومية وتطهيرها من جميع المحسوبين على الكتل السياسية وملاحقة كل من تدور حوله شبهات فساد. والغاء لجنة التوازن التي تعد اساساً لنهج المحاصصة.
سابعاً: تعهد وزراء الوزارات الخدمية علناً وأمام الجمهور بالعمل الجاد على توفير الخدمات بأسرع وقت ممكن، على أن يطرحوا برامجهم والسقف الزمنيّ الذي يستغرقه إنجازها.
ثامناً: العمل بالقوانين الصادرة لتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة.. لعدم تشريع قانون جديد بهذا الموضوع ما يعدّ مخالفة دستورية، وشمول أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الحكم بقانون التقاعد الموحد حفاظا على العدالة والمال العام.
يا شعبنا الصابر
نعاهدكم ـ نحن الذين نقف في هذه الساحة التي هي قلب بغداد - ومعنا متظاهرو محافظاتنا العزيزة، على أن نستمر في تظاهراتنا السلمية حتى تلبية هذه المطالب. وإذ نوجه تحية الإكبار والفخر لجيشنا الباسل وحشدنا البطل الذي يقارع أعتى وحوش الأرض دفاعاً عن شرف العراق , نعلنها صرخةً مدوية وليسمعها الجميع: لقد انتهى زمن اللصوص والسراق وابتدأ زمن العراق.
يحيا العراق سيداً حراً
عاش العراقيون كرماء أعزة
الغد للعراق وأهله.