الانتفاضة الشعبية ووهم الالتفاف عليها
لقد انفجرت الانتفاضة الشعبية بعفوية من البصرة،وجاء تصدي اجهزة الأمن لها بالرصاص واستشهاد الشاب منتظر,ليحرك الجماهيرالشعبية في جميع مدن الوسط والجنوب, واعطت مشاركة الشباب الواسعة دفعة قوية للانتفاضة.
وعفوية التحرك الشعبي تدلل على مدى انسحاق المواطنيين. وإذا كان شعار المطالبة بالكهرباء قد طغى على التحرك لحظة انطلاقته، فسرعان مع تصاعدت المطالب من المطالبة باسقاط البرلمان حتى الدعوة الى اسقاط النظام الفاسد برمته ومعاقبة رموزه.
وهذا ما برهن على صواب المبدأ اليساري القائل، أنه لا يمكن للطبقات الشعبية المسحوقة أن تظل سلبية و ساكنة، فبعد تراكم الألم في حياتها المعاشية خاصة واليومية عامة من جهة, وتصاعد مستوى الظلم والاستغلال والاستهتار بحقوقها من طرف السلطة الحاكمة من جهة أخرى, لابد لها أنها تتحرك بل و تنفجر.
كما فندت الجماهير المنتفضة الأطروحة الاستسلامية التي روج لها الانتهازيون وصدقها الفاسدون, القائلة بإن ربع قرن من حكم صدام وحزبه الفاشي وما تعرض له الشعب خلال ذلك من دمار الحروب وإذلال الحصار والقهر السلطوي قد أوصل العراقيين الى القبول بكل مساوئ نظام 9 نيسان 2003. بل وسوف لن يتحرك بوجه هذا النظام رغم الاحتلال والتبعية والقتل والنهب والفساد، بل وبرهنت الجماهير الشعبية بانها على درجة من وعي اهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الى المستوى الذي تجاوزت فيه تلك القوى الانتهازية وحشرتها في زاوية الطبقة الحاكمة الفاسدة كعدو للشعب.
لقد حولت الإمبريالية الامريكية العراق إلى «مستعمرة» لها، بعد إن دحرها الشعب العراق واجبرها على الخروج من البلاد. فأنها عادت واحتلت ثلث البلاد عبراداتها الصهيونية داعش, واستثمرت الاتفاق سئ الصيت المسمى " اتفاق المصالح الاستراتيجي" لتسيطر على سماء البلاد وتستجلب قوات النخبة تحت عنوان المدربين.. ناهيكم عن نهب نفط العراق سواء بواسطة شركاتها الاحتكارية او عبر داعش.
وأصبح القرار العراقي علانية بيد ديمبسي وكارتر وكيري الذين يحطون في العراق متى شاؤوا ويصدرون اوامراهم لاتباعهم علنا.
فاكتشفت الجماهير بتجربتها اليومية، ان الطغمة الحاكمة ما هي, الا اقلية, تمثل الاداة القذرة, لادارة عملية نهب البلاد لصالح أمريكا والبنك الدولي مقابل قومسيون معلوم، أداة تمكن الأمريكان من نهب الوطن وإفقار الشعب، وتحويل العراق الى مكب لاستيراد البضائع الرديئة وبأعلى الأسعار، وقطع الطريق عن أية محاولة للنهوض بالزراعة او الصناعة، ناهيكم عن الكهرباء والتعليم والصحة والبنية التحتية. وبالمحصلة تحويل العراقيين وبشكل خاص العمال والفلاحين والخريجين الى عاطلين عن العمل.
ولعل استهتار الأقلية الحاكمة الفاسدة بالعراقيين ووطنيتهم، جعلها تفرض زيادة بالأسعار وقطع الرواتب وسرقة مفردات البطاقة التموينية، وفرض الأتاوات على جميع انواع المعاملات الحكومية. مما تسبب في إفقار الفقير وانتفاخ جيوب الفاسدين. في وقت يقدم فيه الفقراء دماء ابنائهم دفاعا عن الوطن في الحرب ضد داعش.
من المؤكد، إنه لا أحد يتجرأ، اليوم, على الادعاء بأنه يحرك الناس، حزبا كان او منسقية، فهي إنتفاضة عفوية، ومن الواضح أن الجماهير الشعبية تفتقد قيادتها، أي أداتها السياسية، وستنتج هذه القيادة على ارض المعركة، وستسحق الانتفاضة كل من يحاول المزايدة بإسمها او المساومة على اهدافها أو عرقلة مسيرتها حتى نهايتها المظفرة.
برهنت الانتفاضات الشعبية عبر التاريخ الحديث إن الجماهير عندما تكون مهيأة للثورة فأنها تهز الانظمة لحظة تفجرها، وتمارس الانظمة من جهتها كل وسائل الاغراء عبر تقديم التنازلات الترقيعية والتخديرية، أو الارهاب بوساطة وسائل القمع.
غير ان النتيجة المؤكدة، هي سقوط النظام الفاسد وكل اتباعه من الخونة والانتهازيين، وانتصار الانتفاضة المحتم.
* منسق التيار اليساري الوطني العراقي