«بريكس» و«شنغهاي» ترسخان عالماً متعدد الأطراف

«بريكس» و«شنغهاي» ترسخان عالماً متعدد الأطراف

 

استضافت مدينة أوفا عاصمة جمهورية بشكيريا التابعة للاتحاد الروسي في الفترة الواقعة ما بين الثامن والعاشر من الشهر الجاري، قمتي مجموعة «بريكس» ومنظمة «شنغهاي» للتعاون. وكانت الاتفاقات الجديدة، والاستراتيجية الجديدة للشراكة الاقتصادية، والتقليص لمساحة الخلافات الناشئة بين بعض الدول، أهم ما توصلت إليه القمتان.

حملت قمتا أوفا، وما رافقهما من اجتماعاتٍ ثنائية على هامشهما، تأكيداً على عزم مجموعة «بريكس»، وحلفائها الأقرب في مجموعة «شنغهاي» الأكثر اتساعاً، على تثبيت بنيان النظام العالمي الجديد متعدد الأطراف، والسعي نحو تعميق التعاون بين الدول المشاركة في القمتين، وهذا ما تجلى في البيانات الختامية التي حملت رؤية ومقاربة هذه البلدان للقضايا والأزمات الدولية الناشئة، والقضايا الاستراتيجية الأبعد.

اتفاقات اقتصادية.. وتعزيز المكافئات المالية

خلصت قمة قادة دول «بريكس» إلى التوقيع على عدد من الوثائق المشتركة، التي طالت تحسين القدرة التنافسية لاقتصادات المجموعة في السوق العالمية، وتعزيز العلاقات مع دول العالم في مجالات الطاقة والتكنولوجيا الفائقة والزراعة والعلوم والتعليم، وذلك في سياق اعتماد «استراتيجية الشراكة الاقتصادية بين دول بريكس حتى عام 2020.

وفي إطار الاستراتيجية ذاتها، اتفقت الدول المشاركة على البدء في عام 2016، بتنفيذ أولى المشاريع التي سوف يجري تمويلها من بنك «بريكس» برأسماله التأسيسي الذي سيبلغ 100 مليار دولار، فيما جرى الاتفاق على مقترحٍ هندي بأن يكون أول مشروع يجري تمويله مخصصاً لمجال الطاقة المتجددة.

وفي هذا السياق، أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في كلمةٍ له ألقاها في نهاية أعمال القمة، عن اهتمام روسيا بمسألة الانتقال إلى التعامل في الحسابات الجارية بين أعضاء «بريكس» بالعملات المحلية للدول، مشيراً إلى أن روسيا قد أنشأت بالفعل مع بعض البلدان صناديق مالية خاصة، لا سيما مع الصين، حيث يقوم البنكان المركزيان فيهما بتبادل العديد من الموارد بالروبل واليوان، داعياً إلى تطبيق هذه الطريقة النقدية مع دول الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

50 مبادرة روسية

إلى جانب ذلك، طرحت الحكومة الروسية على قمة «بريكس» مبادرات عدة تحت مسمى «خريطة طريق لتنمية التعاون الاستثماري» بين دول المجموعة، ومنها: تأسيس اتحاد للطاقة في إطار «بريكس»، وإنشاء مركز أبحاث دولي في مجال الطاقة، بالإضافة إلى إنشاء اتحاد للصناعات المعدنية، واعتماد خطط تعاون تكنولوجي في مجال إنتاج آلات طبية حديثة، وأجهزة إلكترونية وبرمجيات تقنية متطورة، حيث وصل عدد المبادرات والمشاريع التي طرحها الجانب الروسي إلى 50 مبادرة ومشروع، على أن يجري إقرارها خلال الفترة التي تسبق عقد القمة المقبلة للمجموعة.

البيان السياسي لـ«بريكس»

وتمخضت المناقشات التي خاضتها دول «بريكس» عن توصل قادتها إلى بيان مفصَّل ومشترك، حدَّد نظرة دول المجموعة إلى الصراعات والأزمات العالمية الناشئة اليوم. فبعد التأكيد على إدانة «الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره.. والانتهاكات الخطيرة واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، مما يسمى بالدولة الإسلامية وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المنضوية في لوائهما»، ذهب بيان المجموعة ليعيد التأكيد على إدانته «انتهاكات حقوق الإنسان من قبل جميع أطراف النزاع في سورية.. ونعارض تسييس مسألة المساعدات الإنسانية في سورية.. كما إننا نعرب عن تأييدنا للجهود الرامية إلى تسوية الأزمة السورية بالوسائل السلمية على أساس بيان جنيف في 30 يونيو 2012 دون شروط مسبقة وتدخل خارجي».

كذلك، عارض البيان «النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المتواصل في الأراضي المحتلة، باعتبار أن تلك الأنشطة تتعارض مع أحكام القانون الدولي»، قبل أن يتجه إلى تأييد قيام دولة فلسطينية متصلة الأطراف ضمن حدود عام 1967، وإعلانه الترحيب «بكل المبادرات الرامية إلى تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، ونحث كل الأطراف السياسية على هذه العملية».

وفيما شدد قادة «بريكس» على «عدم وجود حل عسكري للنزاع الأوكراني»، أكدوا أن «الطريق الوحيد إلى المصالحة يتمثل في الحوار السياسي الشامل. وفي هذا السياق، ندعو جميع أطراف النزاع إلى الوفاء بكافة بنود حزمة الإجراءات لتطبيق اتفاقات مينسك، التي تم التوقيع عليها في شباط الماضي». كما أكدوا على وجوب «منح إيران كامل الحقوق في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك حق تخصيب اليورانيوم، بمراعاة معاهدة حظر الانتشار النووي، والتزامات طهران الدولية». 

«شنغهاي» إطاراً لاحتواء 

لخلاف الهندي الباكستاني

أما من أبرز ما حملته قمة «شنغهاي» فكان تقدم كل من الهند وباكستان لعضوية المنظمة. وبوصفها منظمة تحمل طابعاً تعاونياً أمنياً، رجَّح العديد من محللي البلدين أن تشهد الخلافات التي يجري تأجيجها بشكلٍ متواتر بينهما حلاً قريباً، في إطار ما قد يحمله قبول عضويتهما في المنظمة من استيعاب للقضايا العالقة بينهما، وهو ما أشارت إليه موسكو على نحو مباشر عشية القمة.

وفي سياق متصل، أرجأت قمة «شنغهاي» البت في طلب إيران لنيل عضويتها إلى حين انتهاء المفاوضات بين طهران والسداسية الدولية، فيما أكدت قمة «بريكس»، على لسان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على عدم توسيع المجموعة، حتى الانتهاء من الاتفاقات التي جرى عقدها بين دولها الخمس.

«بريكس ستقود العالم والاقتصاد العالمي»

خلال مؤتمرٍ صحافي، عقده الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في نهاية أعمال قمة دول «بريكس» يوم الجمعة الفائت، أشار بوتين أن روسيا مستعدة للتعاون لتطوير العلاقات مع جميع الدول، خاصة مع تلك التي تهتم بالتعاون معها، ولا سيما في مجموعة «بريكس».

«علينا عدم التخفي وراء الجدران، ولن يحصل ذلك. وسنستعمل كل وسائل التعاون مع جميع الدول، الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية والآسيوية، لكن من الطبيعي أن نطور علاقاتنا مع تلك الدول المهتمة بذلك قبل كل شيء. وبلدان مجموعة بريكس ترغب بذلك» قال الرئيس الروسي، الذي أكد في غير مكانٍ من خطابه: «بلدان بريكس هي دول قوية، ذات استراتيجية للتنمية. إنها قائدة العالم والاقتصاد العالمي مستقبلاً دون أدنى شك».