لمحة حول النفوذ الصهيوني بالبرازيل وتاثيراته على القضية الفلسطينية
خسر مرشح حزب العمال تارسو جينرو لاعادة انتخابه حاكما لولاية الريو غراندي دوسول امام منافسه سارتوري من حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية حيث فاز الاخير تقريبا بنسبة ال 60% بالجولة الثانية من الانتخابات، ولم يتمكن تارسو من الحصول على نفس النسبة التي حصلت عليها ديلما روسيف اثناء الحملة الانتخابية بالولاية.
تارسو جينرو كان قد زار فلسطين والتقى مسؤولين بالسلطة الفلسطينية ومسؤولين بالكيان الصهيوني، وعقد اتفاقية مع شركة (EL BIT) الصهيونية وساهم بعقد اتفاقيات بين ثلاثة جامعات برازيلية بالولاية وجامعات صهيونية، اما مع الجانب الفلسطيني فوقع على اتفاقيات بحقل قطف الزيتون والزراعة العائلية والصحة وقام بتقديم 11 الف طن كانت قد تقدمت بها الحكومة الفيدرالية من الارز عن طريق الانروا للاجئين الفلسطينين، وبفترتها زار مخيم قلندية واطلع على الاوضاع هناك.
لقد تميز تارسو على طول الفترة التي تمتع بها بمراكز حكومية بمواقف متعارضه مع موقف حزب العمال اتجاه الصراع العربي الصهيوني والفلسطيني الصهيوني، كالعدوان الغربي على العراق عام 1991 والاعتداءات الصهيونية وحروبها على قطاع غزة، وتميزت سياسته ومواقفه بمساواة الضحية والجلاد، وأن الصراع بالشرق الاوسط لا يجوز ان ينتقل الى البرازيل، حيث يتواجد جالية فلسطينية واخرى يهودية كبيرة بالبرازيل وبالاخص بولاية الريو غراندي دوسول، علما بأن التاريخ البرازيلي لم يسجل اي مواجهة او احتكاك بين التجمعين اطلاقا.
خلال فترة السنوات الاربعة الاخيرة لعب تارسو دورا من اجل الحد من الهجمة الرامية الى إدانة الكيان الصهيوني ومقاطعته حيث انتقدته ورفضته القوى اليسارية وعلى راسها حزب العمال بالولاية، وقد كان قرار حزب العمال بالولاية الذي اتخذه بالاجماع المطالب بالغاء الاتفاقيات التي وقعها تارسو مع الكيان الصهيوني، دليلا كافيا لرفض سياسة تارسو اتجاه الصراع بالشرق الاوسط، والرامية بمجملها جر البرازيل وحكومتها الى علاقات عسكرية واكاديمية مع الكيان الصهيوني.
مع بداية الحملة الانتخابية والتي بدأت بعد العدوان الصهيوني على القطاع، بادر تارسو الى القيام بحملة مساعدة قطاع غزة، وكان واضحا منذ اللحظة الاولى بأن الهدف من الحملة اولا امتصاص للموقف البرازيلي الرسمي والشعبي الذي ادان به جرائم الكيان الصهيوني، والثاني للاستفادة منها بحملته الانتخابية لاستقطاب اصوات الجالية الفلسطينية، ورغم كافة الاشاعات التي تقول بأن تارسو سيلغي الاتفاقيات التي وقعها مع الكيان الصهيوني بعد اسبوع من لقائه للسفير الفلسطيني، وعلى وجه التحديد الاتفاقية مع شركة ( EL BIT) الصهيونية، حيث قامت ببث هذه الاشاعات اطرافا فلسطينية وعربية مباشرة بعد لقاء السفير بتارسو بتاريخ 20/08، كما ان تارسو بهذا اللقاء طرح على السفير ايضا اقامة نشاطا ثقافيا يجمع الجاليتين ""الاسرائيلية"" والفلسطينية، حيث السفير طالبه بالتريث، وها هي الحملة الانتخابية تنتهي ويخسر تارسو والاتفاقيات لم تلغى.
لقد لعب تارسو خلال السنوات الماضية دورا يحمل طابع السلام بين الشعبين الفلسطيني و"" الاسرائيلي""، او ما يمكن تسميته بسياسة التطبيع من خلال دعوة مخرجين فلسطينين و"اسرائيليين" الى مدينة بورتو اليغري، والتي جاءت بمناسبة مرور عام على انعقاد المنتدى الاجتماعي العالمي – فلسطين حرة، ولسان حاله يقول، اذا المنتدى اتخذ قراره بمقاطعة الكيان الصهيوني، فها هو حاكم الولاية يدعو الى نشاط تطبيعي تحت مسمى السلام بين "الشعبين"
تنشط الحركة الصهيونية بكافة المراكز والمواقع وتعزز نفوذها بكافة المؤسسات الحزبية والحكومية ذات التأثير بالقرارات الخاصة بالشرق الاوسط والساحة الدولية، حيث تزج الحركة الصهيونية عناصرها التي تربت على المباديء الصهيونية وايديولوجياتها العدوانية اتجاه شعوب العالم، وتحاول بكل الحملات الانتخابية التأثير على المرشحين سواء من خلال الحصول على الوعود لمطالبها او من خلال زج العناصر بالاحزاب ذات النفوذ للحصول على مناصب حكومية مهمة، كما تحاول الحركة الصهيونية من خلال وسيلتها الاعلامية الكبيرة جدا بالبرازيل والموالية لها التأثير على الرأي العام البرازيلي.
ان مواجهة هذه السياسة والدور الصهيوني ونفوذه ليست مهمة الجالية الفلسطينية والعربية وقواها فقط وانما ايضا القوى البرازيلية المناصرة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام، فهنا تأتي ضرورة بناء المؤسسات الفلسطينية والعربية القادرة على التأثير بمواقف الاحزاب، وطرح القضية الفلسطينية من اجل استقطاب اوسع ما يمكن من القاعدة الشعبية والجماهيرية البرازيلية لصالح القضية الفلسطينية وكشف خطورة الحركة الصهيونية ليس فقط على الشعوب العربية وانما علاقاتها التحالفية والاستراتيجية مع الامبريالية العالمية والنظام الراسمالي العالمي باستغلال الشعوب ونهب خيراتها ومواردها واستعبادها، ان اللوبي الصهيوني الذي يكرس كل امكانياته وطاقاته الاقتصادية والمالية والبشرية للتاثير على المواقف الحكومية والحزبية البرازيلية اتجاه الصراع، يتطلب منا تشكيل اللوبي الفلسطيني والعربي الذي طالما تطمح له كافة القوى البرازيلية لايجاده من اجل مواجهة الضغط الصهيوني من اجل موقف برازيلي اكثر متقدم ومتطور اتجاه القضية الفلسسطينية والقضايا العربية.
المصدر: الخليج