داعش وروسيا والصين
في شهر تشرين ثاني-أكتوبر 2007, صادرت وحدات المشاة التابعة للجيش (سجلات الدولة) الاسلامية بالعراق. وقد تمت دراسة واستثمار هذه السجلات من قبل خبراء في الأكاديمية الحربية في ويست بوينت.
وفقا لدراستهم تلك فإن 41% من الأعضاء الأجانب في "الدولة الاسلامية في العراق" كانوا من السعوديين, و 18,8% من الليبيين, في حين أن 8,2% كانوا فقط من السوريين. ولو أرجعنا هذه الأرقام إلى عدد سكان كل بلد من هذه البلدان, لتبين لنا أن ليبيا قدمت للدولة الاسلامية ضعفي ماقدمته السعودية وخمس أضعاف ماقدمته سورية.
أما فيما يتعلق بالجهاديين السوريين, فهم يتوزعون على كافة أنحاء البلاد مع ملاحظة أن نسبة 34,3% ينحدرون من محافظة دير الزور, التي أصبحت بعد انسحاب "الدولة الاسلامية" من الرقة, عاصمة الخلافة الجديدة.
منذ أسبوعين, وداعش تقوم بتصفية ضباطها المغاربة. فهل أقدمت داعش بنفس السياق على اعتقال التوانسة الذين اقتحموا مطار الرقة العسكري في 25 آب-أغسطس الماضي, فحاكمتهم وأعدمتهم بتهمة عصيان أوامر قادتهم, لأنها تنوي استبدالهم بمقاتليها من العرب, وترقية ضباط من الشيشان الذين أرسلوا إليها تقدمة ودية من أجهزة استخبارات جيورجيا, كأبي عمر الشيشاني, باسمه الحقيقي طرخان بطيراشفيلي.
تشير الدراسة أيضا إلى فئة أخرى من الجهاديين, متمثلة باستقرار مئات من المقاتلين الصينيين مع عائلاتهم منذ بداية شهر حزيران-يونيو في شمال شرق سورية. البعض منهم تمت ترقيتهم فورا إلى ضباط. وهم تحديدا الايغور, صينيون من الصين الشعبية, لكنهم مسلمون سنة, يتحدثون التركية.
سوف نشهد بالتأكيد حملة دعاية جديدة لحلف شمال الأطلسي تتمثل بدفع طيرانه الحربي الجهاديين للنزوح خارج العراق, وتركهم يستقرون في دير الزور, بينما تقوم سي.آي.ايه بتقديم المال والسلاح والذخائر وكذلك المعلومات "للثوار السوريين المعتدلين" في الجيش السوري الحر, الذين سيبدلون قبعاتهم كي يتم استخدامهم تحت راية داعش كما هو الحال منذ العام الماضي 2013.
في ذلك الوقت, أتى السناتور جون ماكين إلى سورية ودخلها بشكل غير شرعي ليجتمع مع قيادة أركان "الجيش السوري الحر". وبحسب الصورة التي نشرت كدليل على ذلك اللقاء, كان من بين أعضاء هيئة الأركان شخص يدعى أبو يوسف, المطلوب رسميا لوزارة الخارجية الأمريكية بلقبه أبو دعاء, أي ابراهيم, الخليفة الحالي للدولة الاسلامية. وهكذا فإن نفس الشخص, هو قائد معتدل في قيادة أركان "الجيش السوري الحر" ومتطرف في قيادة داعش.
متسلحا بهذه المعلومات, قدم السفير بشار الجعفري ملفا لمجلس الأمن متضمنا رسالة مؤرخة في 17 كانون ثاني-يناير 2014, موقعة من اللواء سليم ادريس, القائد الأعلى للجيش السوري الحر, تقول أن دولتين من حلف ناتو (تركيا وفرنسا) قد أدخلتا كميات من الذخائر إلى سورية, سلمت الثلثين منها لجبهة النصرة (المصنفة من قبل مجلس الأمن بوصفها جزءا من القاعدة) والثلث الباقي للجيش السوري الحر, بدعوى محاربة داعش, التي يرأسها واحد من كبار ضباط قيادة الجيش السوري الحر.
وهكذا, بفضل هذه الأداة ذات القبعتين المختلفتين, سيتمكن حلف ناتو من الاستمرار في اطلاق جحافل الجهاديين ضد سورية, في الوقت الذي يدعي فيه محاربتهم.
حين ينتهي حلف ناتو من نشر الفوضى في كافة أرجاء الوطن العربي, بمن فيهم حلفاءه السعوديون, فإنه سيوجه "الدولة الاسلامية" ضد روسيا والصين. لهذا يتوجب على هاتين القوتين التدخل منذ الآن بخنق البيضة قبل أن تفقس, عبر القضاء على هذا الجيش الخاص الذي يكونه ويدربه حلف ناتو فوق الأرض العربية.
شبكة فولتير